ليحمي الله الجزائر

ما يجري في الجزائر يثير قلق محبّي هذا البلد الأصيل، بسبب ما يمثّله هذا البلد من أصالة وعراقة، هذا البلد الذي قدّم أكثر من مليون شهيد على مذبح الحرّيّة للخلاص من الاستعمار الفرنسيّ، هذا البلد المعروف بمواقفه المجيدة في قضايا الأمّة، هذا البلد الذي قال رئيسه الرّاحل هوّاري بومدين " استقلال الجزائر يبقى منقوصا ما دامت فلسطين محتلّة"، هذا البلد الذي قدّم كلّ إمكانيّاته في حربي العام 1967، والعام 1973. هذا البلد العظيم الذي اتّخذ سياسة عدم التّدخّل في الشؤون الفلسطينيّة، وشعاره الذي لم يتزحزح عنه "نقبل بما يقبل به الفلسطينيّون."

ولا ننسى أنّ الجزائر قد عاشت ما تسمّيه "العشريّة السّوداء" بين 1992-2002، والتي حصدت أرواح أكثر من مائتي ألف مواطن، عدا عن مئات آلاف الجرحى.

هذا البلد الذي يشكّل آخر الحصون العربيّة والإسلاميّة، فهل يخطّط له أن يلحق بسابقيه مثل: العراق، سوريّا، ليبيا، الصومال، السودان واليمن؟ وهذا ما لا يتمنّاه أحد.

وما يجري في الجزائر من مسيرات شعبيّة واسعة بسبب الانتخابات الرّئاسيّة، وامحياز رجال الشّرطة إلى المتظاهرين لا يبشّر بالخير.

ومع أنّ "أهل مكّة أدرى بشعابها"، إلا أنّ المرء يتساءل عن الأسباب التي دعت وتدعو إلى إعادة ترشيح الرّئيس عبدالعزيز بوتفليقة للرّئاسة، مع وضعه الصّحّيّ المتردّي بعد إصابته بجلطة دماغيّة منذ حوالي خمس سنوات، ممّا سبّب له إعاقة حركيّة؟ ومع الاحترام الشّديد لتاريخ الرّجل النّضاليّ، إلّا أنّ الجزائر ولّادة، وبالتّأكيد فإنّ هناك كفاءات كثيرة تستطيع إشغال منصب الرّئيس، وأنّ جبهة التّحرير الجزائريّة التي قادت حرب التّحرير الجزائريّة وأوصلته إلى الاستقلال، وهي التي تتمسّك بترشيح بوتفليقة قادرة على ترشيح ممثّل لها للرّئاسة. لكن يبدو أنّ هناك صراعات بين قيادة هذه الجبهة، وأنّ بوتفليقة يمثّل القاسم المشترك بين المتصارعين، ويبدو أنّ الصّراعات وصلت لجنرالات الجيش، ممّا يبدّد جهود التّوافق.

من هنا فإنّ العقلانيّة وكبح جماح الطّامعين بكرسيّ الرّئاسة هي السّبيل الوحيد لتجنيب الجزائر العظيم ما لا تحمد عواقبه.

من هنا ومن حبّنا للجزائر دولة وشعبا فإنّنا نتمنّى السّلامة والوفاق لهذا البلد الذي نحبّه، وأن يستطيع شعبه انتخاب من يمثّله ومن يستطيع خدمة الدولة والشّعب.

وسوم: العدد 814