رهان العلمانيين عندنا على الضجة الإعلامية في مواقع على الشبكة العنكبوتية لإقصاء الإسلام من الحياة رهان فاشل
لا أجد غباء يضاهي غباء من يستهدف الإسلام بشموخ صرحه في بلد أسلم أهله منذ الفتح الإسلامي الأول سعيا وراء إقصائه من حياتهم واستبداله بالعلمانية التي يرفع أصحابها شعار سيادة المجتمع المدني وكأن المجتمع المسلم مجتمع بدوي أوعسكري . ويراهن العلمانيون عندنا ورهانهم مآله الفشل على الإعلام لإقصاء الإسلام من حياة المغاربة، وهي محاولة يائسة لإقناعهم بالعدول عنه إلى العلمانية تقليدا للمجتمعات الغربية التي يربطون بين تطورها التكنولوجي والمادي وبين اعتمادها العلمانية منهاج حياة ،علما بأنها تعيش إفلاسا فظيعا على مستوى القيم والأخلاق . ومع أن التطور التكنولوجي والمادي لا يتأثر بالقناعات أوالتوجهات الفكرية ،فإن العلمانيين يرون أن القناعة والتوجه العلمانيين هما السر وراء التطور التكنولوجي والمادي .
ويكفي أن نفتح موقعا على الشبكة العنكبوتية يصنفه أصحابه كأول موقع في البلاد مزايدة على غيره من المواقع لنلمس عن كثب من خلال عناوين بعض المقالات استماتة العلمانيين في الرهان على الإعلام خصوصا على هذا الموقع من أجل الحصول على موقع قدم في بلد يدين شعبه بدين الإسلام ، ومظاهر التدين فيه واضحة لا غبار عليها ، وضآلة العلمانية فيه واضحة أيضا .
وفيما يلي بعض تلك العناوين مع التعليق عليها :
1 ـ عنوان : "حقوقية مغربية تعتبر العمل المنزلي ليس واجبا على المرأة في الإسلام "
أول ملاحظة نسجلها أن لفظة " حقوقي أوحقوقية " يقدمها دائما هذا الموقع بين يدي كل مقال يستهدف الإسلام لإضفاء الصدقية أو المشروعية على المقالات ، وللإيهام بأن من يحملون هذه الصفة لا ينطقون إلا بالحق .
انطلاقا من هذا العنوان يفترض القراء أن يدور موضوع المقال حول العمل المنزلي للمرأة، لكن بعد قراءته نجد الحقوقية ،وهي محامية بهيئة الرباط ،وليست فقيهة في الإسلام تثير مجموع قضايا منها المطالبة بإلغاء وتجريم زواج القاصرات ،لأنه سبب الهدر المدرسي في نظرها ، وإلغاء تعدد الزوجات ، وتغيير لغة مدونة الأسرة ، وإلزام المغرب بالاتفاقات الدولية التي وقع عليها والمتعلقة بالمرأة ، والمطالبة بالمساواة ، والمطالبة بمراجعة أنصبة المرأة في الإرث . هذه مجموع مطالب علمانية يراد لها أن تحقق وجودها على حساب التشريع الإسلامي .
أما العمل المنزلي للمرأة فلم يثبت في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ولا في حياة من عاصره من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين بمن فيهم الخلفاء الراشدون، وهم مراجعنا في فهم الإسلام وتشريعاته أن طرح العمل المنزلي كمشكل بالنسبة للمرأة ، وقصة فاطمة الزهراء رضي الله عنها حين شكت لأبيها عليه الصلاة والسلام ما تجده من مشقة في عملها المنزلي مطالبة بأن يوفر لها من يعينها عليه مشهورة ، وفيها عبرة لكل مسلمة . وإذا كانت بنت الرسول صلى الله عليه وسلم لم تعفها مكانتها من واجبها لأنها راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلن تكون النساء بعدها أفضل منها .
وبالرغم من أن القصور يطلق على ما قبل سن البلوغ ، فإن العلمانيين لهم فهم خاص بهم للقصور حيث لا يعتبرون البلوغ نهاية للقصور بل يستمر القصور عندهم بعده إلى سن الثامنة عشرة ،علما بأنه من شروط الزواج في الإسلام البلوغ ،ولا زواج لقاصر لم تبلغ ، والبلوغ مؤشر على التكليف في الإسلام، وهو يلزم البالغ المكلفة بأداء واجبات دينية من صلاة وصيام وغيرهما وهي أعظم من الزواج ، ويعطيها الحق في الزواج بسبب البلوغ . وللبالغات أحوال مختلفة في مختلف المجتمعات وحتى في المجتمع الواحد حسب نموهن الجسماني ،الشيء الذي يجعل زواجهن رهين بهذا النمو لا ببلوغ سن معينة كما يريد العلمانيون . ولا يمكن الوصاية على البالغات ووصفهن بالقاصرات وهن مكلفات شرعا ، ولهن كامل الحرية في الزواج إن رضين ذلك، وكان عن طيب خاطر منهن . والمؤسف في التوجه العلماني أن القصور يكون علة في منع الزواج وتجريمه ، ولا يكون كذلك في السفاح بل هو في هذه الحالة حرية جنسية ورضائية ومثلية .
أما التعدد والإرث فإنهما مما شرع الخالق جل جلاله ، ولا حق لمخلوق أن يحرم ما أحل الله أو يحل ما حرم أو يشرع ما لم يشرع ، ومن أراد ألا يأخذ بشرع الله عز وجل، فلا أحد يلزمه به ، وحكمه حكم من ترك الواجبات الدينية من صلاة وصيام وزكاة وحج أو أباح لنفسه المحرمات من زنى وخمر وربى وقمار ، ودونه الحساب بعد الممات ، وليس من مصلحته وهو متابع بالمحاسبة أن يدعو غيره ليكون مثله في رفض ما شرع الخالق سبحانه لأنه سيحمل وزره وأوزار غيره ، ولا يوجد عاقل يقدم على مثل هذه المغامرة .
2 ـ عنوان آخر: أدونيس في ندوة الخطيبي يقول " الفكر ينفي الدين " فعندما نقرأ هذا المقال نجد فيه على سبيل المثال قول أدونيس : " معطى الكفر أصبح منطفئا لدى المسيحية واليهودية ،فيما ما زال حاضرا بقوة في الإسلام " ويستشهد بقول المعري : " اثنان أهل الأرض ذو عقل بلا دين ، وآخر ديّن لا عقل له " ، ويقول أيضا : " لا حاجة للإنسان إلى خالق في الوقت الراهن لأنه خالق نفسه " . ومما جاء في المقال أيضا قوله : " الوضع السائد لدى العرب هو النقل بدل العقل ، والظلم بدل العدل ، والإقصاء بدل التعدد " . هكذا يصير عنده النقل المقابل للعقل كالظلم المقابل للعدل .
ولا يستغرب شيء مما جاء في هذا المقال من شاعر سوري علماني لا زال يردد أسطوانته العلمانية الممجوجة من عقود ، والمثير للانتباه أن أكاديمية المملكة استدعته ليعيد تلك الأسطوانة ، والإعلام سوّق لها في إطار الدعاية الرخيصة للعلمانية بشكل غير مسبوق منذ اندلاع ثورات وحراكات الربيع العربي والمكتوب عليها الاندحار في بلدنا المسلم .
3 ـ عنوان: " أردوغان يغري الناخبين الأتراك بحماسة الغناء ومهارات اللسان "
الملاحظ في هذا الموقع أن حظ الرئيس التركي أردوغان سيْ مع العلمانيين، فلا ينشر هذا الموقع شيئا عنه إلا وفيه انتقاد وذم واتهام ،لأنه رئيس مسلم استطاع أن يثبت أن الإسلام قادر على أن يعود مرة أخرى بعد جور العلمانية عليه ، وتكون عودته مشرفة تثبت فشل العلمانية في وسط فرضت فيه بالحديد والنار .إنه النموذج الذي يقلق العلمانيين ، ويخشون أن يعم بلاد الإسلام كلها .
4 ـ عنوان : " الأقلية المسلمة بأمريكا تلعب دور الضحية " ومما جاء في هذا المقال قول صاحبه : " يعتبر المسلمون الغرب بما هو مجتمعات وحضارة عدوا ينبغي مقاومته والتصدي له ولو بأضعف الإيمان " وواضح أن صاحب هذه العبارة يريد من المسلمين الانصهار والذوبان في العلمانية الغربية والخروج من بداوة الإسلام إلى حضارة العلمانية .
هذه نماذج من مقالات الموقع الإلكتروني الأول في بلادنا حسب زعم أصحابه كلها ينظمها خيط واحد هو الانتصار للعلمانية ، وذلك باعتماد أسلوب النيل من الإسلام طمعا في أن يكون هذا الأسلوب وسيلة لصرف شعب تربى على قيم الإسلام عنه إلى قيم العلمانية وعلى هؤلاء يصدق قول الشاعر :
وسوم: العدد 817