خطابي للمعارضة السورية وفصائلها المسلحة، هل نستوعب ما أصابنا ونعمل على تصحيح مسارنا؟!
قبل ثلاثة عشر قرناً حذر نصر بن سيار أمير خراسان – للأمويين – الخليفة في الشام مروان بن محمد.. حذره من قوة الدعوة العباسية المتنامية، وتقدم جيوشها التي تحمل الرايات السوداء باتجاه الدولة الأموية، التي ينخرها الضعف والهوان، وتعصف بها الصراعات والفتن والانقسامات والولاءات. وأجمل تحذيره في كتاب بعثه إليه لاستدراك الأمر والنهوض للتصدي له، وجاء في كتاب نصر بن سيار:
أرى خلل الرماد وميض نار … ويوشك أن يكون لها ضرام
فإن النار بالعودين تُذكي … وإن الحرب أولها كلام
فإن لم يُطفها عقلاء قوم … يكون وقودها جثث وهام
فقلت من التعجب ليت شعري …
أأيقاظ أمية أم نيام
ما دفعني لاستذكار هذه الأبيات المعبرة وهذه القصة المؤثرة، هو الحالة التي وصلت إليه ثورتنا، وأنا هنا أوجه خطابي للمعارضة السورية: أليس فيكم رجل رشيد تجتمع حوله القلوب يقود بوصلتها نحو الخلاص من الجحيم الذي نحن فيه، ووقف شلال الدم الذي ينهمر من أجسادنا لأكثر من سبع سنوات عجاف، راح ضحيتها أكثر من مليون سوري بين أطفال ونساء وشيوخ وشباب، واعتقال وتغييب في السجون لأكثر من نصف مليون من شبابنا وفتياتنا يلاقون في زنازينها الهول وأشد ألوان العذاب والضيم، ودمرت مئات المدن والبلدات والقرى والمزارع والمؤسسات ودور العبادة والعلم والصحة والثقافة والتاريخ، ينعق بما تبقى من جدرانها البوم وتسكنها الغربان والخفافيش، وهُجّر نصف الشعب السوري إلى خارج الحدود وما بقي بين نازح ومستقر خائف.
أما آن للمعارضة السورية أن تجمع أمرها وتتخذ قرارها وتتقي الله في سورية الوطن والإنسان وتتخذ القرار الصائب الذي يوحدها بعيداً عن الاديولوجيات والحزبيات والمحاصصات والمنازعات والمشاحنات، مستفيدة من عبر التاريخ ودروس الماضي الأليم الذي مرت به دولنا وشعوبنا على مر التاريخ.
ألم تفكر المعارضة ولو لمرة واحدة في لحظة صحوة الضمير أن تطرح على نفسها هذا السؤال: (لماذا فشلت ولأكثر من سبع سنين أن تحقق ولو أقل القليل في لم شعثها وتوحيد كلمتها وتقف، على قلب رجل واحد في مواجهة النظام والتعامل - بعيداً عن التجاذبات والأجندة الدولية العدوة والطامعة باقتسام سورية وإنهاء وجودها، أو جعلها دولة فاشلة – بدون تبعية لشرق أو لغرب)؟
وأخاطب الفصائل المسلحة وأقول لها: أما آن لكم أن تنهوا ما بينكم من تفكك وصراعات ومناكفات وتبادل اتهامات وتمزق وانحسار وتراجع، وهذا يدل على أن هناك خلل ويحتاج من أولي الأمر وأصحاب القرار في كل فصيل أو طيف معارض، أن يعود إلى ذاته وينقدها ويقوّم الخلل أو الاعوجاج فيها، ويتلمس مواطن الضعف في هيكلها أو في أشخاصها أو في رموزها، بعيداً عن المحسوبية والفئوية والمناطقية والحزبية، فلا يؤكل التنظيم إلا من أهله، والثورة عادة كالقط تأكل أبناءها، وهذا ما أصاب ثورتنا وثوارنا، فهل من إحساس بالمسؤولية والعمل على التغيير؟
وسوم: العدد 824