الاستيطان الأمريكي الإسرائيلي
تصريح نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيليّة بأنّه سيبني مستوطنة جديدة في الجولان السّريّة المحتلّة باسم الرّئيس الأمريكيّ دونالد ترامب، الذي وقّع على قرار في 25 مارس 2019 باعتبار الجولان جزءا من اسرائيل، لا يدع مجالا للشّك، بأنّ أمريكا ليست داعمة للاحتلال الإسرائيليّ للأراضي العربيّة المحتلّة فحسب، بل هي شريك فيه أيضا، وتتمثّل هذه الشّراكة بالدّعم الأمريكيّ العسكريّ والسّياسي اللامحدود لإسرائيل؛ كي تواصل احتلالها، وبتمويل هذا الإستيطان مادّيّا، وهذا ليس جديدا على أمريكا، بل سبق عهد ترامب بعقود، وللتّذكير فقط فإنّ أمريكا دعمت اسرائيل عام 1992م في عهد جورج بوش الأب بمبلغ عشرة مليارات دولار كتسهيلات ماليّة؛ وتواصل الدّعم الأمريكيّ لإسرائيل قبل بوش وبعده، بحيث أنّ كلّ رئيس أمريكيّ جديد كان يفاخر " بأنّ أحدا من قبله لم يدعم اسرائيل بمقدار الدّعم الأمريكيّ لها في عهده"، إلى أن وصل ترامب للرّئاسة عام 2016، وأعلنها من خلال قراراته بوضوح لا لبس فيه، بأنّه صهيونيّ متطرّف أكثر من حكومة بنيامين نتنياهو اليمينيّة المتطرّفة، وتجلى ذلك بمواقف كثيرة منها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السّفارة الأمريكيّة إليها، وإغلاق مكتب منظمة التّحرير في واشنطن، وقطع المساعدات الماليّة عن السّلطة الفلسطينيّة، والاعتراف بالسّيادة الإسرائيليّة على الجولان السّوريّة المحتلّة، والعمل على تصفية وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيّين تمهيدا لتصفية قضيّتهم، والاستمرار في دعم وحماية قوى الارهاب في سوريّا وغيرها.
ولا يفوتنا هنا من التّنويه إلى أنّ السّفير الأمريكيّ في اسرائيل ديفيد فريدمان يسكن في مستوطنة مقامة على أراضي الضّفّة الغربيّة. وهذه التّصرّفات الأمريكيّة وغيرها تشكّل خرقا فاضحا للقانون الدّوليّ، ولقرارات الشّرعيّة الدّوليّة التي اتخذها مجلس الأمن الدّولي والجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة.
كما لا يفوتنا هنا من التّأكيد على أنّ أمريكا الضّامن لاتفاقات أوسلو ليست داعمة للاحتلال الإسرائيلي فحسب، بل هي شريكة فيه، هذا الاستيطان الذي تضاعف منذ توقيع اوسلو في 13 سبتمبر 1993 إلى 600% في أيّامنا هذه.
ولا بدّ هنا من التّذكير بقرى اللطرون "يالو، عمواس وبين نوبا" التي جرى تدميرها وتشريد أهلها بين 26-28 حزيران-يونيو- 1967، أي بعد احتلالها بثلاثة أسابيع، ليقام عليها لاحقا متنزّه باسم Canada park لتخليد ذكرى الصّداقة بين كندا وإسرائيل. وقد مرّت هذه الحوادث بشكل عابر، ولم تلق ردود فعل عربيّة تليق بجسامة الحدث. وليت الأمور توقّفّت عند ذلك الحدّ، بل تعدّته بكثير، من خلال استيلاء ترامب على مئات مليارات الدّولارات العربيّة بحجّة "صداقته" مع أنظمة دول البترول الخليجيّة، التي وصل استفزازه لها إلى درجة الابتذال، واستجابت لضغوطاته بتطبيع علاقاتها دبلوماسيّا وتجاريّا وأمنيّا مع اسرائيل في ظلّ مواصلة احتلالها للأراضي العربيّة، وصفقة القرن التي تدعو إليها إدارة ترامب تسعى لتصفية القضيّة الفلسطينيّة لصالح المشروع الصّهيونيّ التّوسّعيّ، ولم تجد من يعارضها بشكل جدّيّ سوى السّلطة الفلسطينيّة والأردنّ، لذا فهما تتعرّضان لضغوط اقتصاديّة هائلة.
وسوم: العدد 824