جوال والوطنية .. حقوق المواطن في ذمة الإعلام
إن القانون الفلسطيني رقم (3) لعام 1996 بشأن الاتصالات السلكية واللاسلكية الذي يسري نفاذه في الضفة وغزة ينص على حماية المواطن من عمليات الاستغلال والاحتكار التي تمارس من قبل بعض الشركات الخاصة مثل "جوال والوطنية" والتي تقدم دوراً غير المنوط به والمتوقع إزاء الظروف الصعبة التي يعيشها المواطن الفلسطيني تحديداً في قطاع غزة.
ومع تطور عمل الشركات الخاصة عملت شركتي "جوال والوطنية" على تقديم نفسها نموذجاً للتحضر والتميز في تعزيز عملية الاتصال والتواصل على المستوى الداخلي والخارجي، إلا أن ذلك توج بردود فعل غير مرضية نتيجة السياسات الخاطئة التي تمارسها كل منها بحق مشتركيها، وهذا ما يجعلهم محل انتقاد سلبي من قبل جمهورهم والأخرين على حد سواء.
لذلك عادة ما يبحث المواطن المكلوم عن قارب نجاة من أجل التمتع بحقوقه المشروعة والتي يكفلها القانون، سيما وأننا نمتلك سلاحاً فتاكاً في محاربة كل الشائعات والمعلومات المغلوطة وتقديم الرواية الصحيحة وهو الاعلام الذي بات يشتكي منه المواطن نتيجة غيابه الواضح في الدفاع عن قضاياه أمام حالة التغول التي تمارسها هذه الشركات الربحية من عمليات احتكار واستغلال ممنهجة بهدف الربح الكبير متجاهلة الظروف المعيشية السيئة التي يمر بها المواطن، ناهياً عن تهميش القانون الذي يشكل السد المنيع في حفظ حقوق الانسان الفلسطيني.
فلا شك أن الإعلام يلعب دوراً مميزاً في تسليط الضوء على قضايا مختلفة تبقى معنونه في فضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ومخاطبة الجهات الحكومية الفلسطينية من أجل تصويب مسارها، والكشف عن الحقائق التي لها ارتباط مباشر بحقوق الموطن الأساسية في الحياة، ولكن تبقى هذه المؤسسات الإعلامية محل انتقاد نتيجة التماهي مع سياسة هذه الشركات الفلسطينية التي تستفيد منها عبر مجموعة من البرامج والاعلانات والدعايات، والتي تسعى من خلالها تقديم هذه الشركات الربحية بصورة أجمل وانتشار أوسع من أجل تحقيق أهدافها الخاصة على حساب مصلحة المواطن وظروفه الاقتصادية الصعبة.
ومع تراجع دور الإعلام المحلي المؤسف في مناصرة حقوق المواطن الفلسطيني، وتغليب مصلحة المؤسسة الإعلامية على مصلحة الانسان كقيمة وحياة، بات يُنظر لهذه المؤسسات الإعلامية على أنها تبحث عن مصادر مالية أكثر من أي شيء أخر، وفي المقابل نجد أن القانون الفلسطيني يمنح المواطن حق تقديم الشكاوي إلى الشركة المعنية وضرورة التعاطي معها بالشكل القانوني السليم حتى نستطيع أن نحقق علاقة ثقة يكون هدفها الاستمرار وبناء مجتمع متكاثف في ظل الأزمات التي يعيشها الإنسان الفلسطيني، واستناداً إلى المادة (58) من الفصل التاسع )مراقبة المرَخَّصين وحماية المستفيدين) تنص على التزام المرخص له بإنشاء قسم لتلقي شكاوي المستفيدين والمشتركين، وأن يعمل على تلافي أسباب الشكاوي. فالملاحظ أن هذه الشركات التي تسوق نفسها على أنها مرحبة بأي شكوى يمكن أن يقدمها أي مواطن والسعي إلى حلها تبقى بعيدة كل البعد عن مصالح المواطنين وغير مستجيبة لهم، وهذا أصبح واضحاً في ظل حالة الاستياء التي نتابعها على مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت منصة إعلامية يعبر فيها المواطن عن همومه ومعاناته وقضاياه المختلفة.
فيما ينظر المواطن دائماً في أي مجتمع إلى مثل هذه الشركات الكبرى بالارتقاء بالمستوى المطلوب وتبادل المصالح بين المواطن والشركة وفق القانون المعمول به في الدولة، لكن حسب ما نرى من عملية استهجان من قبل المواطن أثر الدور الذي تقدمه الشركة من رفع بالأسعار خلال فترة وجيزة، إضافة إلى حرمان بعض المشتركين من الاستفادة من الخدمات التي تقدمها، ولو أردنا أن نعود قليلاً إلى المادة (59) من الفصل التاسع (مراقبة المرَخَّصين وحماية المستفيدين) لقانون الاتصالات نجد أنه "لا يجوز للمرخص له أن يقدم على تغيير لائحة أجوره أو أسعاره إلا بعد إبلاغ الوزارة والإعلان عن الأسعار الجديدة قبل سريانها بمدة لا تقل عن شهر واحد، شريطة أن لا تزيد أسعاره عما ورد في شروط اتفاقية الترخيص". ولطالما يوجد قانون يبقى التساؤل مشروع وموجه للجهة المختصة، هل تقوم وزارة الاتصالات بدورها المنوط به في مراقبة عمل هذه الشركات حسب القانون الفلسطيني المعمول به؟ وهل من صلاحياتها فرض عقوبة عليها أو فصل الخدمة عنها في حال ثبت أنها تجاوزت القانون؟
وسوم: العدد 864