ماذا قالت الصحافة عن اتفاقية وقف إطلاق النار؟
اتفاقية وقف إطلاق النار في ادلب
توصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلادمير بوتين لاتفاق جديد لوقف إطلاق النار في ادلب، بعد لقاء بينهما استمر لست ساعات في موسكو، ودخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، منتصف ليل الخميس – الجمعة 5/6 آذار 2020.
ووفقا لبيان الاتفاق الجديد، فإن أنقرة وموسكو اتفقتا على "وقف كافة الأنشطة العسكرية على طول خط التماس بمنطقة خفض التصعيد في إدلب، وإنشاء ممر آمن على عمق 6 كم شمالي الطريق الدولي "إم 4" و6 كم جنوبه، وسيتم تحديد التفاصيل في غضون 7 أيام، وتسير دوريات تركية وروسية على امتداد طريق "إم 4" بين منطقتي ترنبة (غرب سراقب) وعين الحور، والتي ستنطلق في 15 مارس/آذار الجاري.
وفي الوقت الذي يبدو فيه أن أطراف النزاع بدأت تلتزم بوقف إطلاق النار، كان علينا أن نسبر رأي الشارع في كل من أنقرة وموسكو من خلال متابعة ما قالته الصحافة في كلا البلدين وما ركزت عليه من بنود جاءت في الاتفاقية، فالصحافة هي نبض الشارع وضمير الأمة.
رأي الصحافة التركية باتفاقية وقف إطلاق النار في ادلب
تناولت الصحف التركية اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب بقراءات مختلفة، اتفقت في معظمها على أنه جنّب تركيا وروسيا تصعيداً من شأنه إنهاء العصر الذهبي للعلاقات المشتركة ما بين البلدين.
واعتبر الصحفي والباحث السياسي التركي “أوكان مدرس أوغلو” في مقال نشرته صحيفة “صباح”، أن بنود الاتفاق مثّلت نجاحاً للجهود الدبلوماسية بين زعيمي البلدين في التوصل إلى الأهداف الرئيسية المرجوة من تلك القمة، وذلك بحسب ما ترجمه موقع “الجسر ترك".
وتابع أن تخلي الروس عن موقفهم المتعلق بطريق “M4” الدولي، واتفاقهم على تسيير دوريات مشتركة مع الأتراك، مثّل نجاحاً آخر، بالنظر إلى إصرارهم على أن يبقى تحت سيطرة قوات النظام بشكل كلي في كافة المباحثات السابقة.
وأشار أوكان إلى أن موقف بوتين والتزامه الصمت حيال ما جرى في إدلب خلال الأيام الماضية، مهّد إلى بنود الاتفاق التي توصل إليها الطرفان، وحمل في طياته رسالة مبطنة إلى كل من أنقرة والنظام السوري.
وأضاف موضحاً أن بوتين أظهر للأسد من خلال صمته استحالة تمكنه من الصمود لأيام فيما لو قرر التخلي عنه، ووجه دعوةً إلى أنقرة لاتخاذ خطوات وتنفيذ حملة من شأنها أن تُطفئ غضب الانتقام المشتعل في صدور الأتراك، إثر مقتل جنودهم في إدلب.
بدوره قال الصحفي “برهان الدين دوران” إن أردوغان وبوتين أظهرا رغبةً في التعاون ووقف إطلاق النار، من خلال انتقاء الكلمات التي استخدماها في خطابيهما.
وتابع أن حديث الرئيس الروسي عن خسائر النظام الجسيمة، أوحى برسالة إلى تركيا مفادها: “لقد حصلتم على انتقامكم، فلنعلن الآن وقف إطلاق النار".
وأشار إلى أن الصورة الكبيرة لقمة موسكو، أظهرت رغبة بوتين في استمرار التعاون ما بين البلدين، وحرصه على عدم التفريط بعلاقاته مع أنقرة على حساب الأسد.
كما لفت الانتباه إلى تدمير القوات التركية أنظمة الدفاع الجوي الروسية المتواجدة في أيدي قوات النظام خلال الأيام الماضية، مشيراً إلى أن ذلك أظهر قوة أنقرة الميدانية بشكل واضح، وعزز من كونها صاحبة قرار في إدلب ومستقبل سورية بشكل عام.
وختم الصحفي التركي مقاله بالإشارة إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار لا يعني بالنتيجة إسدال الستار عن قضية إدلب، لافتاً الانتباه إلى تواجد أكثر من 3 ملايين مدني عالقين في مساحة ضيقة، وأهمية الدعم الأمريكي والأوروبي لتركيا في هذا الشأن.
بدوره اعتبر الكاتب الصحفي “عبد القادر سلفي” في مقال نشرته صحيفة “حرييت”، أن قمة موسكو حالت دون تحول إدلب إلى أزمة تركية روسية تُعد الأخطر، منذ إسقاط الطائرة الروسية عام 2015، وجنّبت البلدين توتراً من شأنه إنهاء عصر العلاقات الثنائية المزدهرة.
وأردف أن اتفاق وقف إطلاق النار شكّل مكسباً كبيراً فيما يتعلق بإيقاف المجازر المرتكبة بحق المدنيين، وموجة الهجرة الكبيرة باتجاه الحدود التركية.
وأشار إلى أن غياب قرار المنطقة الآمنة عن نتائج القمة، شكّل وجه القصور الأكبر بالنسبة لتركيا.
ولفت الانتباه إلى عدم تطرق الجانبين لمواقع نقاط المراقبة التركية في إدلب، ما شكّل غموضاً بالنسبة للعديد من الصحفيين حول مصير تلك النقاط.
وعلى عكس ذلك، أشار الكاتب التركي إلى أن عدم تناول مواقع النقاط يعني بدوره التأكيد على الالتزام بمواقعها المحددة سابقاً بموجب اتفاق “سوتشي”، وانتصار لتركيا التي أبت أن تتراجع ولو خطوة واحدة إلى الوراء.
صحيفة "جمهوريت" المعارضة، نشرت تحليلاً نقدياً للجنرال المتقاعد نعيم بابروغلو قال فيه: إن "من المهم وقف القتال بين تركيا وروسيا في الوقت الحالي". ومع ذلك، فإن الصراع مع الحكومة السورية لم ينته وسيؤجل الأزمة لفترة قصيرة فقط. "لأنه إذا تم الهجوم على أي طرف، فإن حق الدفاع عن النفس سيظل قائماً".
رأي الصحافة الروسية باتفاقية وقف إطلاق النار في ادلب
كتبت صحيفة "روسيا في عالم الأعمال" القريبة من دوائر الكرملين معلقة على القمة الروسية التركية في تحليل أولي على الفيسبوك بالقول:
"تم التأكيد على نقطة بالغة الأهمية: لا يوجد هناك بديل عن التعاون بين روسيا وتركيا ولا يمكن لأي من الطرفين تحمل تبعات نزاع خطير... الحقيقة هي أنه على الرغم من اختلاف المصالح وانعدام التعاطف المتبادل، لا يمكن لروسيا ولا لتركيا تحقيق أهدافهما دون تفاهم بينهما. إطار اتفاق أستانا فريد من نوعه، وسيكون من الغباء التضحية به (...) التصعيد في إدلب كان اختباراً جدياً لقدرة موسكو وأنقرة على اجتياز منعطف حاد في اللحظات الأخيرة (..) وهناك احتمال لزيادة قدرة الجانبين على حل الأزمات المستقبلية بوضع إطار عمل وتعاون منتظم. إن "اختبار القتال" والتضحيات البشرية، هي من معطيات هذه الأزمة التي يجب للأسف الإقرار بها".
أما صحيفة "كوميرسانت" الاقتصادية الصادرة في موسكو فأشارت إلى أن الرئيس الروسي (الذي يحب التأخر ويدعو ضيوفه عادة لانتظاره)، جاء للموعد هذه المرة في الوقت المحدد وكتبت: "لم ينتظر أردوغان ولو ثانية واحدة، جاء فلاديمير بوتين للكرملين قبيل الموعد". كون المحادثات الرباعية استمرت ثلاث ساعات يعود حسب "كوميرسانت" لحرص الأطراف على التوصل إلى اتفاق".
من جهتها نقلت وكالة الأنباء الرسمية ريا نوفوستي عن أندريه باكلانوف نائب رئيس رابطة الدبلوماسيين الروس، قوله "الخطوات المقبلة ليست واضحة بعد". واستطرد موضحاً: "لا أحد يعلم كيف سيكون الرد على استفزازات مفاجئة، وهناك أسئلة أخرى مفتوحة، فالأزمة قد تكون تفادت "المواجهة العسكرية، لكن الأزمة لم يتم حلها".
وسوم: العدد 867