رجال الظلام الذين يمولون جرائم الأسد ومجازره مجرم الحرب حافظ مخلوف
من هو مجرم الحرب حافظ مخلوف
ولد مجرم الحرب حافظ مخلوف عام 1971، وهو ابن محمد مخلوف الذي سماه بهذا الاسم تيمناً بكبير المجرمين حافظ الأسد، وهو الأخ الشقيق لرجل الاعمال وجرم الحرب رامي مخلوف وابن خال نمرود الشام بشار الأسد.
لم يكن مجرم الحرب حافظ مخلوف مجرد نسيب عادي للرئيس السوريّ. فالمسألة أكثر تعقيداً وتأثيراً. فهو يشكّل مع عائلة مخلوف الواسعة النفوذ علويّاً وسوريّاً، إحدى أكثر الحلقات صلابة وقوّة حول الرئيس كما حول النظام. وهو شقيق مجرم الحرب رامي مخلوف، رجل الأعمال السوريّ الشهير والنافذ، والذي كانت لوائح العقوبات الغربيّة قد لاحقته منذ بداية الأزمة في سورية، قبل أن يتردّد أنّه أجبر على التخلّي عن معظم أعماله لصالح الدولة. وكان حافظ ورامي يرمزان إلى حلقة العائلة الأقرب إلى الرئيس، إلى جانب شقيقه مجرم الحرب ماهر وصهره آصف شوكت، زوج شقيقة بشرى ابنة مجرم الحرب الكبير حافظ الأسد، الذي قتل في الانفجار الذي استهدف خليّة الأزمة الأمنيّة أثناء اجتماعها في دمشق في 18 تموز/يوليو 2012.
وإذا كان مجرم الحرب رامي مخلوف قد بنى شهرته السوريّة في عالم المال والأعمال، فإنّ شقيقه مجرم الحرب حافظ قد بناها في عالم العسكر والاستخبارات. فبعد صعود سريع في تراتبيّة الجيش السوريّ، عيّن عام 2008 مسؤولاً عن الفرع 40، ضمن وحدة الأمن الداخليّ في جهاز أمن الدولة. ولفهم أهميّة الموقع، تجدر الإشارة إلى أنّ وحدة الأمن الداخليّ هذه هي المسؤولة عن "أمن" كلّ ما هو مدنيّ في سورية. فباستثناء الجيش والقوى المسلّحة الخاضعة لسلطة أجهزة أخرى، تشمل صلاحيّة الأمن الداخليّ "العلاقة" بين النظام وبين الأحزاب والنقابات والجامعات والطلاّب... وبالتالي، مع كلّ ما هو حيّ متحرّك في المجتمع المدنيّ السوريّ. أمّا الفرع 40 ضمن هذه الوحدة، فهو الفرع المولج كلّ تلك المسؤوليّات، في نطاق العاصمة السوريّة دمشق، أي في نطاق أكثر من ثلث سكّان سورية، وأكثر من نصف سياسيّيها وطلاّبها.
الفرع أربعين ونفوذه على المواطنين السوريين
كان الفرع 40، هو صاحب النفوذ والقوّة الأساسيتين داخل النظام. يكفي ذكر اسم مجرم الحرب الكبير حافظ الأسد، الذي عهد بهما إلى أحد أبرز معاونيه وأقربهم إليه، مجرم الحرب اللواء محمّد ناصيف خير بك، المعروف بأبو وائل. وبعد تقاعد أبو وائل، تسلّم هذا المركز مجرم الحرب اللواء بهجت سليمان، أحد أبرز أركان عهد بشّار الأسد في بداياته. وقيل أنّ سليمان هو من أقنع الرئيس الجديد يومها بشّار الأسد، بالسماح بحركة لجان المجتمع المدنيّ، التي أطلقت ما سمّي "ربيع دمشق" عام 2001، قبل أن يتحالف الحرس القديم، وعلى رأسه نائب الرئيس يومها عبد الحليم خدّام ورئيس الاركان السابق حكمت الشهابي، لإقناع الأسد بضرب تلك الحركة وحظرها والعودة إلى سياسة القبضة الحديديّة. بعدها، ترك سليمان هذا المركز وانتقل إلى السلك الدبلوماسيّ سفيراً.
هكذا، تولّى حافظ مخلوف إذاً أحد أهم مراكز القوّة العسكريّة والأمنيّة في دمشق. وقد قيل إنّه نجح في تطوير ذلك الفرع وتجهيزه بأحدث التقنيّات الأمنيّة والاستخباراتيّة. والنجاح في موقع أمنيّ في بلد مثل سورية، لا بدّ أن يعني إثارة حساسيّة مزدوجة لدى مواقع النظام الأخرى المتنافسة أوّلاً، كما لدى الناس المعنيّين بصلاحيّات هذا الجهاز الأمنيّ ثانياً.
بشار الأسد ينحي مجرم الحرب حافظ مخلوف لامتصاص نقمة الناس
مجرم الحرب بشار الأسد ينحي مخلوف من مركزه، في محاولة لامتصاص نقمة الناس واستيعاب بعض غضب الشارع حيال المسؤولين الذين كانوا موضع شكوى، ورسائل إلى الخارج، بمعنى استعداد النظام إلى تقديم الضحايا، وإبعاد الأسماء المدرجة على اللوائح السوداء، في سياق إظهار جدّيته في إطلاق عمليّة الإصلاح. وهي الخطوة الثانية البارزة في هذا المجال، بعد أسابيع على إعفاء ضابط علويّ بارز آخر، هو مجرم الحرب العقيد صقر رستم، مسؤول لجان الدفاع الشعبيّ في حمص، من مهامه. ويجعل موقع مجرم الحرب حافظ مخلوف والاعتبارات المحيطة باسمه، من إبعاده خطوة أهمّ بكثير من إبعاد رستم. وهو ما يفتح الأفق السوريّ على أسئلة من نوع: هل من رؤوس أخرى كبيرة ستطير؟ وكيف يمكن لإجراءات كهذه أن تنعكس على إدارة دمشق لمعركتها الراهنة؟ فهل تتمّ بالتنسيق مع جهّات خارجيّة ما، بما يؤمّن اطمئنان النظام إلى ما بعدها؟ أم أنّها نتيجة بروز طبقة قياديّة جديدة داخل النظام نفسه، أفرزتها أعوام الحرب الشرسة، حتّى باتت تفرض معادلاتها الجديدة داخل دمشق؟
حافظ مخلوف أشرف على عملية اقتحام المسجد العمري في درعا وقتل المتظاهرين في دوما
ويُعدّ مخلوف من أبرز الدافعين باتجاه الحسم الأمني والعسكري في مواجهة الشعب السوري الثائر، ووفقاً لشهادة للعميد المنشق مناف طلاس فإن العميد حافظ مخلوف أفشل مساعي التهدئة في مدينة درعا، وهو الذي أشرف على عملية اقتحام الجامع العمري في مدينة درعا، وذلك بعد أن جمع وجهاء المدينة، وتوعدهم بنزول الجيش في حال استمرار المظاهرات.
كما يعتبر مجرم الحرب حافظ مخلوف المسؤول المباشر عن مقتل متظاهرين في مدينة دوما (نيسان 2011)، وعن إطلاق النار على مشيعيهم في اليوم التالي، مخلفاً أكثر من عشرين قتيلاً في تلك المجزرة.
واستمر مجرم الحرب مخلوف على ذلك النسق في ممارساته بدمشق وريفها، وخاصة في دوما، وقطنا، وجديدة الفضل، حيث فقدت تلك البلدات أكثر من 120 قتيلاً نتيجة إطلاق النار على المحتجين، وذبح بعضهم بالسكاكين، وخاصة في مدخل مدينة قطنا بالقرب من مقر الشرطة العسكرية.
حافظ مخلوف يشكل عصابة إجرامية لذبح السوريين والتنكيل بهم
وللمساعدة في تنفيذ تلك الجرائم المروعة؛ أسس مجرم الحرب حافظ مخلوف عصابة خاصة به، يقودها مجرم الحرب مجاهد إسماعيل، وهو ابن أحد الضباط المشاركين في مجزرة حماه 1982، حيث كلفه مخلوف بتجنيد أكبر عدد ممكن من أبناء الطائفة العلوية المطلوبين بجنح جنائية، وشكل منهم فرقة تتولى قمع المتظاهرين في أحياء دمشق.
ومن أبرز جرائم الشبيح مجاهد إسماعيل؛ اقتحام مسجد الرفاعي في دمشق في ليلة السابع والعشرين من رمضان عام 2011، واقتحام مسجد زيد بن ثابت، وتنفيذ عدد كبير من الاقتحامات والمداهمات التي أسفرت عن اعتقال عدد كبير من المدنيين بينهم نساء وأطفال.
ولدى اقتياد المدنيين إلى القسم 40؛ كان مجرم الحرب حافظ مخلوف يأمر عناصره بممارسة أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات بحقهم، حيث أورد تقرير لمركز توثيق الانتهاكات في سورية شهادة لمعتقل مفرج عنه اسمه “ياسر عبدالصمد حسين كرمي”، تحدث فيها عن مختلف أنواع التعذيب والحرمان من أبسط مقومات الحياة في القسم 40 التابع لفرع الخطيب، حيث توجد زنزانة خاصة بالنسوة والفتيات اللاتي تعرضن لأشد أنواع العذاب بما في ذلك الاغتصاب.
حافظ مخلوف مسؤول عن تدمير منطقة الجسر الأبيض وارتكاب جرائم بحق الإنسانية
وتشير أصابع الاتهام إلى مسؤولية مجرم الحرب حافظ مخلوف عن تدبير انفجار منطقة الجسر الأبيض (2013) الذي وقع بالقرب من مقر القسم 40 مما أودى بحياة 4 مدنيين وجرح 17 آخرين، خاصة وأن المنطقة تخضع لتدقيق أمني شديد.
ونظراً لسوء سمعته وما لحق بالمدنيين من أذى على أيدي عصابات الشبيحة التابعة له؛ فقد أصدر نمرود الشام بشار الأسد قراراً بإعفائه من مهامه في رئاسة القسم 40، ونقله إلى المقر العام لإدارة المخابرات العامة. ثم أصدر قراراً آخر في كانون الثاني 2017 بترفيعه إلى رتبة عميد.
وذكر تقرير منظمة “هيومن رايتس ووتش””Human Rights Watch”، الصادر بتاريخ 15/12/2011 تحت عنوان “بأي طريقة!: مسؤولية الأفراد والقيادة عن الجرائم ضد الإنسانية في سورية”، اسم مجرم الحرب حافظ مخلوف، محملاً إياه المسؤولية المباشرة عما كان يحدث في الفرع الداخلي التابع لإدارة المخابرات العامة من انتهاكات، بالإضافة إلى الانتهاكات لتي تمت في القسم 40 التابع للفرع تحت رئاسته.
وذكرته "سامانثا باور"، مندوبة الولايات المتحدة السابقة في مجلس الأمن من ضمن أسماء المسؤولين العسكريين من قوات النظام، مؤكدةٍ أن تقارير موثقة تؤكد ارتكابهم جرائم حرب بحق المدنيين السوريين بأشكال عدة، وتوعدتهم بالملاحقة.
مجرم الحرب حافظ مخلوف مشمول بالعقوبات في عدد من الدول الأوروبية والأمريكية
ويخضع مجرم الحرب حافظ مخلوف للعقوبات الأمريكية، والعقوبات البريطانية، والعقوبات الكندية منذ عام 2011، وقد تم تجميد أمواله في سويسرا والتي رفضت الإفراج عنها أو منحه فيزا لدخول أراضيها لمتابعة قضية الحجز على أمواله.
يذكر أن مجرم الحرب حافظ مخلوف يتمتع بعلاقات قوية مع المخابرات الإيرانية ومع “حزب الله” اللبناني، ووفقاً لمصادر إعلام عربية فإنه قابل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة في شهر تشرين الثاني من عام 2014، وقد ظهرت له عدة شركات تعمل بالخفاء في القضية المعروفة باسم “وثائق بنما”، وفي بداية عام 2018 أفادت معلومات بعودة مجرم الحرب حافظ مخلوف إلى إدارة المخابرات العامة، إضافة لدوره في عمليات استيراد الأسلحة لصالح النظام السوري من روسيا وروسيا البيضاء.
المصادر
*كتاب مع العدالة
*حرية نت-14 /3/ 2020
*صحيفة العربي الجديد-ملفات مسربة عن تعاملات آل مخلوف المالية.
*العربي الجديد-راجع إمبراطورية آل مخلوف المالية..أسرار علاقة خال بشار الأسد بإسرائيل، الرابط https://www.alaraby.co.uk/investigations/2015/8/12-
*موقع المونتر الالكتروني- 16/10/ 2014
*خاضع للعقوبات الأمريكية منذ عام 2007 وتم تجديدها لاحقاً في عام 2011
*ترتيبه في العقوبات الأوربية 5
*ترتيبه في العقوبات البريطانية 188
*ترتيبه في العقوبات الكندية 9
وسوم: العدد 880