الحركة النقابية العربية والدولية والدور المأمول منها ..
لطالما تغنينا ورددنا مواقف وشعارات الحركة النقابية والعمالية العربية والدولية ممثلةً بالاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب والاتحاد العالمي للنقابات .
هذين الاتحادين الرئيسيين الذين شكلا معاً ثنائية مميزة في العمل النقابي في الساحتين العربية والدولية ، وشكلا رافداً أساسياً من روافد الدعم والإسناد لقضية وشعب وعمال فلسطين .
لقد كان لكلا الاتحادين مساحات مهمة على خريطة الفعل والتأثير وصناعة القرار السياسي والنقابي في مختلف المحافل ، وكنا نفاخر بمنجزاتهما ودورهما الرئيسي في ميدان العمل النقابي ومناصرة العمال أينما كانوا ، وقد شكلا فعلاً معادلةً ذات قيمة كبيرة وقوة مركزية لا يستهان بها على مدار عقود طويلة من النضال والكفاح المبدئي على مختلف الأصعدة في مواجهة الظلم والقهر والاستغلال والاضطهاد وفي النضال المطلبي والنقابي والاجتماعي من أجل تكريس الحقوق والحريات النقابية وتعزيز مبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة والديمقراطية وتكافؤ الفرص .
التاريخ مؤشر مهم خلال مراجعتنا للمحطات التاريخية المضيئة في مسيرة الاتحادين وما مر عليهما من قيادات نقابية مجربة وتتسم بالمصداقية والاستقامة وقوة الحضور ، ولكننا اليوم وفي ظل التحديات التي تواجه العالم ككل جراء السياسات والمواقف الامبريالية والصهيونية والرأسمالية المتوحشة وما يواجهه الوطن العربي من تداعيات وتأثيرات ما سمّي بالربيع العربي وما نتج عنه من تفككات وانهيارات في مختلف البلدان ، وأثرها على التنظيمات والقوى النقابية التي أخذتها الجهات شرقاً وغرباً وذوبت هويتها العربية والقومية والأممية بفعل عوامل عديدة ذاتية وموضوعية ، في ظل ذلك الانقسام العجيب عمودياً وأفقياً وما رشح عنه من معادلات ووجهات نظر جديدة ضربت بالتأكيد المكانة التي ترسخت تاريخياً للحركات النقابية والعمالية والاجتماعية في بلداننا العربية وبما فيها فلسطين التي شهدت مفارقات في غاية العجب على صعيد الاهتزازات التي أصابت الحركة النقابية وفي مقدمتها الاتحاد الأم - الاتحاد العام لعمال فلسطين .
إننا نفتقد الدور القيادي والمبادر للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب الذي غرق في أتون وهوامش الأزمة مع ما شهدته الساحات العربية المختلفة من غياب الاتحادات الرئيسية المؤثرة ، وها نحن اليوم نترقب أوضاع الاتحاد الذي رفعنا رايته دائماً في كل المناسبات وفي كل الأحداث وأيادينا على قلوبنا من مخاطر التغييب التي أصيب بها الاتحاد بعد سنوات طويلة من غياب التجديد والدمقرطة واستحقاق عقد المؤتمر العام ليشكل محطة للمراجعة والتقييم الشامل والمسؤول من قبل كافة النقابيين العرب ومن مختلف المنظمات النقابية العربية التي يهمها إعادة الحياة لاتحاد العمال العرب ليعود إلى ما كان عليه سابقاً عنواناً جامعاً ومنظمة للوحدة النقابية لملايين العمال العرب .
وفي ذات السياق نفتقد دور اتحاد النقابات العالمي الذي شكل على الدوام المظلة لكل العمال المناضلين في العالم والذي تسابقنا دائماً لحمل رايته - راية الحرية والتقدمية والأممية - في مواجهة الاستغلال القومي والطبقي والاجتماعي والدفاع عن حقوق وقضايا المظلومين في كل أنحاء العالم ، حيث حمل الاتحاد الهّم الجمعي للأممية المسحوقة والمعذبة ، وحمل فلسطين جرحاً وخيمةً وقضية عادلة في كافة ساحات العمل الدولية وفي مقدمتها مؤتمر العمل الدولي في الأمم المتحدة وعلى كافة المنابر الحرة التي تناصر شعبنا وقضيتنا .
نريد لهذا الاتحاد - اتحادنا - بأن يعود كطليعة لكافة عمال العالم ، حاملاً راية ( يا عمال العالم اتحدوا ) ونريد له الديمومة والفعل المؤثر والمستقبل الذي يليق بتاريخه ومنجزاته ، وفاعلاً رئيساً في كافة الأحداث ، وليس مجرد معلقٍ على الأحداث ، بل صانعٍ لها .
نريد من حركتنا العمالية والنقابية العربية والدولية بأن تعود إلى مكانتها العالية في قلوب كل المخلصين والمناضلين من أجل قضايا وحقوق الطبقة العاملة والارتقاء بها لتكون في الصدارة الرقم الصعب والقوة المركزية المحركة لكل فعل .
- نقابي فلسطيني وعضو سابق في الأمانة العامة للاتحاد العام لعمال فلسطين
وسوم: العدد 925