آه يا حلب .. كم هي شرسة ضباعك ؟.
قرأت البارحة الخميس ١٦-٩-٢٠٢١ في موقع إخباري جاد وعادة ما أبدأ مطالعتي اليومية به وهو موقع شام تايمز قرأت مقالا يتطرق لفضائح ملف الأمبيرات في حلب الشهباء ذاك النزيف الدامي المستمر منذ سنوات .
ترد في المقال الهام والجاد مجموعة من الأرقام التي أفادتني في اجراء بعض الحسابات التي تكشف حجم ذاك النزيف الذي تتعرض له حلب الشهباء على أيدي ضباع بشرية يعيشون على امتصاص دماء أهالي حلب دون وازع من ضمير او محاسبة من مسؤول !.
تصل ساعات التقنين يوميا في حلب - مدينة الصناعة الأولى في الشرق الأوسط وواحدة من أقدم وأعرق بقاع الأرض كما أسماها كاتب المقال المحترم - الى ٢٠ ساعة على الأقل ، لتظهر على إثر هذه الحالة المأساوية " صناعة مشبوهة " اختصت بها حلب دون باقي المحافظات على الإطلاق وهي توليد الكهرباء من قبل جهات خاصة سأطلق عليها تسمية : " مافيا الكهرباء " ! وسترون لماذا هي مافيا حقيقية ؟.
تملك هذه المافيا حوالي ١٣٠٠ مولدة موزعة على كامل حلب بانتظام مثير للدهشة !. تنتج الأمبيرات وتبيعها بسعر ابتدأ منذ بداية هذه " الصناعة - السرقة " بألفي ليرة للأمبير الواحد في الأسبوع ليصل الى عشرة الاف ليرة وفي بعض الأحياء لخمسة عشر الف !. وعند طرح سؤال على المشغلين لماذا هذا الارتفاع الحاد بالسعر ؟ يجيبونك بكل برود : نحن نشتري ليتر المازوت بثلاث آلاف ليرة من السوق السوداء وليس بالسعر المدعوم بخمسمائة ليرة كما تبيعه الدولة !.
من هذه القطبة الخفية : من السوق السوداء ! سنبدأ المشوار ومن تصريح هام جاء على لسان
أعلى مسؤول حكومي لدينا هو رئيس مجلس الوزراء السيد حسين عرنوس أمام المجلس المركزي للعمال :
" لا يوجد بنزين و مازوت حر ( أي يباع في السوق السوداء ) وإنما هناك بنزين ومازوت مسروق يباع بسعر كبير " .
تعالوا معا نحسب في حلب فقط ما هي كمية هذا المازوت الذي وبحسب السيد حسين عرنوس هو مازوت مسروق .
دعونا نحسب حجم الأرباح - السرقات التي تجنيها هذه المافيا !.
يدخل صندوق الدولة وهي الخاسر الأول من تهريب هذه الاربعة ملايين ليتر بالسعر النظامي ( ٥٠٠ ليرة لكل ليتر ) مبلغ ٢ مليار ليرة سورية فقط .
أما الجهة او الجهات التي تمرر هذه الأربعة ملايين شهريا الى اصحاب المولدات فتبيعها بسعر ٣٠٠٠ ل لكل ليتر وتقبض ثمنها ١٢ مليارا … أي تجني ارباحا شهرية تقارب عشرة مليارات بعد دفع فاتورتها النظامية !.
اصحاب المولدات وبحسب صحيفة البعث الرسمية بالذات يقبضون ٢٤ مليار ليرة وسطيا كل شهر من أهالي حلب ثمنا للأمبيرات التي يبيعونها أي يحصلون على ١٢ مليار ل س شهريا بعد تسديد فاتورة المازوت !!!.
ما رأيكم يا " رعاكم الله كما كان يقول المرحوم البجيرمي " : إنها مافيا لا غبار عليها فهناك من يمرر اربعة ملايين ليتر مازوت تحت جنح الظلام ويدفع سعرها النظامي ٢ مليار للدولة ولا غبار عليه !. ويبيعها لأصحاب المولدات وهم نصفه الآخر وشركائه في العصابة بسعر ١٢ مليار ( ٣٠٠٠ ل س /ليتر *٤ مليون ليتر ) محققا ربحا قدره ١٠ مليار وهؤلاء اصحاب المولدات يبيعون ما ينتجونه من امبيرات للحلبيين ب ٢٤ مليار محققين دخلا يقارب ١٢ مليار شهري !.
اذا حسبنا الدخل السنوي لكل طرف : الدولة تحصل على ٢٤ مليار فقط مع تحمل خسارة كبيرة في دعم هذه المادة بينما " المتنفذون " الذين يمررون هذه الكميات فيحصلون على ١٢٠ مليارا وأصحاب المولدات على ١٤٤ مليارا .
أي ان الدخل السنوي لهذه المافيا من الضباع المؤلفة من المتنفذين وبائعي الأمبيرات يقارب ٢٦٤ مليارا . وتلعب هذه المافيا لعبتها على المكشوف ولا يحتاج مسك رأس الخيط فيها إلا الى التدقيق في كيفية شراء المازوت من قبل أصحاب المولدات !.
إن الخاسر الأكبر هو الدولة بالدرجة الأولى والشعب الحلبي الذي يُسرَق منه سنويا ٢٨٨ مليارا !.
ويسألونك لماذا تبقى مشكلة الكهرباء دون حل ؟.
ملاحظة : محطة حلب الحرارية التي كانت تغذي كامل حلب والفائض يذهب الى بقية المحافظات كان اصلاحها يتطلب ٥٠٠ مليون دولار عندما كان سعر الدولار ٨٠٠ ليرة اي ما يقارب ٤٠٠ مليار ليرة وهو مبلغ أقل مما دفعه الحلبيون خلال العامين الأخيرين !.
وسوم: العدد 948