ظاهرة تمزيق الكتب والكراريس نهاية كل عام دراسي
التلاميذ يقلدون ما رآوه ، الظاهرة سلوك سلبي يعكس الواقع الذي يعيشونه
إن مناقشة ظاهرة تمزيق الكتب والكراريس التي تعيشها المدرسة أواخر العام، تعد ظاهرة وسلوكا مستهجنا وغير مستساغ، حين يقبل تلاميذ المدارس توديع المدرسة بهذه الطريقة التي لا تمت للتربية في شيء.
فما هي أسباب ودوافع هذا السلوك عند تلامذتنا وعند المراهقين تحديدا؟ ومن المسؤول عن ذلك؟.
إن إقبال التلاميذ على تمزيق الكراريس والكتب ابتهاجا بنهاية السنة سلوك غريب، يرفضه الأساتذة والمربون، لكن الواقع الذي تعيشه المدرسة اليوم ينذر ناقوس الخطر، لأن أدوار المدرسة باتت تقتصر على تلقين الموارد والمعارف، ولا تتعداها لصقل مواهب التلميذ، وتفجير طاقاته، بغرس مشاريع تربوية من شأنها تعزيز الثقة في الناشئة، واستغلال الطاقة السلبية في مشاريع مبدعة.
تابعت رأي أحد المربين الذين تركوا بصمتهم في المدرسة معلما ومسيرا إداريا حول هذه ظاهرة تمزيق الكتب والكراريس، حيث يقول الأستاذ المدير عيسى دهنون: ".. هي ظاهرة نفسية قبل أن تكون سلوكية، وهي رسالة من التلاميذ مفادها: أنّ التلميذ كره المدرسة والمحفظة، والكتاب والكراس، والبرنامج والمنهاج، والمعلم والأستاذ.. إذن، لا أمل لنا في التعليم إلا بإصلاحه من خلال حكومة راشدة قوامها الرجل المناسب في المكان المناسب ومعيارها جودة الكفاءة وقوّة الطرح وسداد الفكرة..".
ثم يعقب زميل له في التربية والتعليم الأستاذ المدير عبد الرزاق بدرة، وهو رجل جمع بين التربية والفن بقوله: ".. لا بد من تغيير الآليات والوسائل فلكل جيل آلياته ووسائله، تصور لو كان (الآيباد) مكان هاته الكراريس هل كان سيكسر؟ أشك..".
إذا عرفنا بعض أسباب هذه الظاهرة وبعض دوافعها فكيف نعالج هذه الظاهرة؟ يقول الأستاذ مقدم مسعود مدير مدرسة ابتدائية وهو يلامس واقع المدرسة اليوم: ".. تتذكر جيدا حين كانت المدرسة بيئة جاذبة للتلميذ يوم كان هذا الأخير تواقا لرؤية المدرسة لرؤية الطلاء والبلاط والصور الجميلة ذات الجودة العالية والمنضدة الجميلة وصولا إلى اللمجة اللذيذة، يدخلها ولا يريد مغادرتها إلى بيته الذي لا يرى فيه هذه الصورة..".
وأضيف لآراء أساتذتي: ".. إن المدرسة كانت بيئة جذابة تأسر التلميذ والأستاذ والمدير، أذكر كيف كنا نعيش آخر أيام الدراسة، حيث تكون المدرسة في عرس بهيج فيما كان يسمى أسبوع المدرسة الذي ترسم فيه تلك اللوحة الرائعة، يبرز التلاميذ مواهبهم في فضاءات الإبداع، مسرح، أناشيد، مَعارِض، تبادل الكتب، دورات رياضية بين الأقسام، وتوأمة، تعارف بين المؤسسات، وتوزيع الجوائز على المتفوقين من التلاميذ كل تلك الأعمال كانت المدرسة تحييها وتترك آثارا طيبة في نفوس التلاميذ.
المؤسف أن منظومة القيم عندنا قد اختلت، وأن التربية السليمة في التنشئة لم تعد مكتملة فسلوك تمزيق الكتب والكراريس ليس مقتصرا على أطفالنا وشبابنا، بل هي للأسف ثقافة مجتمع، فأينما تذهب تجد أكداس الورق مرية في الإدارات والدكاكين والأسواق، يكفي أن تراقب سلات المهملات في كل الأماكن، فالسلوك السلبي نعيشه يوميا، بل التلميذ يقلد ما رآه فقط، يعكس الواقع الذي يعيشه للأسف.. ليتنا نتعلم من الدول المتقدمة طرق تدوير مخلفات المواد المستعملة واستثمارها في الاقتصاد الوطني، فأكداس الأوراق ترمى في كل المناسبات دون أن يكون لنا حس اقتصادي، وهي مسؤولية الجميع بدءا بالأسرة والمدرسة فالحكومة، فالجميع مسؤول.
وسوم: العدد 983