شيوخ النفاق ومزايداتهم الرخيصة

كاظم فنجان الحمامي

ولاءات عشائرية متقلبة

كاظم فنجان الحمامي

[email protected]

لا نريد أن نسمي الأشياء بمسمياتها فالحر تكفيه الإشارة, ولا نريد الخوض في بحار المهاترات, والدخول في حوارات عقيمة مع الانتهازيين والنفعيين, لكننا لم نعد نحتمل المواقف العشائرية المتلونة مع تلون السلطات والحكومات, فلا خير في ود امرئ متلون إذا الريح مالت مال حيث تميل.

نحن لسنا بمنأى عن ممارسات بعض رؤساء العشائر, الذين تراقصوا سنوات وسنوات في قصور الأنظمة السابقة, ولم تغب عن بالنا إهزوجاتهم المُستهجنة في تقديس أقطاب الحكومات البالية إلى مستوى التأليه, ولم ننس الأوسمة والنياشين, التي تفاخروا بها ردحاً من الزمن, ولا الأموال الطائلة التي عبئوا بها جيوبهم وكروشهم, في مناسبات ومزايدات قبحت وجه التاريخ منذ قرون, وربما منذ اليوم الذي نقضوا فيه بيعتهم لرسول سيد الشهداء في الكوفة, وباعوا ضمائرهم بدراهم معدودات لزبانية عبيد الله بن زياد, ثم غدروا بأشرف خلق الله.  

 بيد أننا نعتب على كبار السياسيين الذي ماانفكوا يجندونهم في العراق, ويحشدونهم في حملاتهم الإعلامية, ويغدقون عليهم الأموال الطائلة من أجل تضليل الناس, وبهدف التلاعب بعواطفهم لتحقيق المكاسب الانتخابية الزائلة.

عندنا في العراق الكثير من الرموز العشائرية, من الذين شهد لهم التاريخ بمواقفهم الوطنية النبيلة, وعندنا في الوقت نفسه بعض الذين اشتروا الضلالة بالهدى, فاختاروا الوقوف مع القوي الظالم, والمستبد الغاشم, فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين.

تراهم يقفون دائما مع السلطة, ويلتفون حول رجالها, كانوا في الحقبة الماضية من أصدقاء الرئيس, ثم انقلبوا ضده في اليوم الذي سقط فيه ليصبحوا من أقرب أصدقاء (بول بريمر), فانحنوا أمامه, وقبلوا يده, وبرروا قبحه, ثم تغيرت بوصلتهم الولائية في غضون بضعة أسابيع ليصبحوا من الموالين للكيانات السياسية الجديدة على اختلاف مكوناتها ومكنوناتها, ومن المؤازرين لها في صراعها مع بعضها البعض.

لقد تنامت قوة العشائر المنافقة منذ زمن بعيد, وعلى وجه التحديد منذ اليوم الذي ظهر فيه الاستبداد السياسي في العراق مع تفاقم سلطات الحاكم الإله, فوقفوا مع (الزعيم الأوحد), ووقفوا مع (الأب القائد), ووقفوا مع (القائد الضرورة), ووقفوا مع المحاصصة الطائفية بكل ألوانها الفاقعة والغامقة, وعديمة اللون والطعم والرائحة.

المثير للعجب في سلوك هؤلاء, أنهم يعيشون التناقضات كلها في آن واحد, فهم متدينون جداً, ومتهتكون جداً, ومراوغون جداً, ومتظاهرون بالورع والتقوى والعفة والنزاهة, متفانون في التملق لمن بيده السلطة, متهافتون على موائدهم, متخصصون بتقديم فروض الولاء والطاعة للطغاة والغزاة والحشرات, باعوا دينهم ووطنيتهم من أجل الجاه والمال, لكنهم في حقيقة الأمر عبارة عن شخصيات كارتونية هشة, انعدمت في نفوسهم المروءة, وانتزعت من قلوبهم الروح الوطنية الصادقة. خصالهم تشبه خصال القرود والسعادين, كانوا يتقافزون في البلاطات الملكية, ثم تحولوا للرقص في القاعات الرئاسية, أما اليوم فقد توزعت ولاءاتهم في كل الاتجاهات, فانبطحوا تحت أقدام أصحاب السلطات العليا من كافة المناصب والمراتب والمكاتب, فالغباء المفرط وتعدد الوجوه من أقوى صفاتهم المطبوعة في جيناتهم الوراثية.

ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين