نقاش في موازين المنافسة
لعلي مثل غيري يشدني النقاش السياسي الحاد بين المتنافسين و أنصارهم حول ما يدور في سجال التسابق من نقاشات حادة تلقي بظلالها إيجابا و سلبا على المنافسة ، و إني أحسبها تجاوزت حدا ما الأعراف المتعارف عليها في المنافسة، و كلنا يعلم أن المنافسة أيا كان لونها لا تخلو من حدة في المواجهة سواء اللفظية و قد تصل أحيانا إلى الأساليب العنيفة الحسية ، و أحسب أن ذلك غير مبرر مهما كانت دعاوى المخالف لخصمه ، في قانون المنافسة يتوجب احترام دفتر شروطه و منها حرمة الشخص و خصوصيته .
أرى أن كل الأساليب العنيفة تخدش صدقية المنافسة التي قانونها واضح ، قانونها أن تشرح البرامج ، تقدم الإحصائيات و الأرقام التدليل بؤر الضعف عند الخصم ، كل ذلك مقبول ، مسموح به في قانون اللعبة ، فأن توظف أساليب الدعاية لمشروع المنافسة كل ذلك مقبول ، أن تتواصل مع جمهورك في القاعات أو العمل الجواري ، فذاك من صميم العمل التنافسي الصحيح.
أحسب أن الذي يرضى أن ينافس و يرضى بقوانين اللعبة يفترض أن يلتزم آدابها و قوانينها ، و أن يعمل على أن يتجنب كل إساءة تتعلق بخصوصية الإنسانية ، كالتنمر أو القدح الجارح ، أو النعوت المسيئة التنابز بالألقاب، أو احتقار الهيئة أو الجهة الجغرافية ، التي يحرمها الشرع و يجرمها القانون ، و المؤسف أن تصل الإساءة حد التخوين و العمالة و التفسيق و الطعن في انتماء المنافس لدينه ووطنه أو أمته ، كل تلك الأساليب مفروشة لا مبرر لها مهما كانت أخطاء المنافس الذي يقضيه القانون أ و ضميره أو مؤسسته التي فوضته .
وحين نحاول وزن بعض الأساليب التي يوظفها المنافس في دعايته ميزان الشرع و القانون و الشرع و القانون واضحان في هذه المسائل ، و بالرجوع للقواعد التي سنها الإسلام على المسلم او التي يفرض اتباعها فيما يتعلق باللباس. فهي معروفة يسهل للمتعلم ناهيك أن يستفتي فيها العلماء و هم كثر بيننا ، أو يعود حتى للقوانين الوضعية و التي ضبطت تشريعات اللباس المحترم ، فالمحرم على الرجال معروف و فيه سعة و المحرم على النساء معروف.
و المعلوم أن اللباس يندرج تحت فقه العادات الموروث الإنساني وقد تناوله الفقه الإسلامي بالشرح و التوسع .
أحيانا يكون الجهل بحقائق الدين هي أكبر مشكلة عند بعض الأشخاص ، تجدهم يضيقون الواسع ، و يحرمون المباح ، بل يتوصل أحدهم رد جزءا من الدين بجهله ، أقول أن البعض يجعل من الفرد المسلم ملكا معصوما لا يخطئ، بل يلبسون ثياب الحدة لسلوكيات بعض من يفترضون فيهم القدوة و المثال ، يضعون لهم زيا و تشخيصا خاصا ، ويحرمون لهم الترويح و الاستمتاع المباح ، كالتفسح و اللعب مع الأطفال ، أو الممازحة مع الناس ، و هي أشياء مباحة غير محرمة ، كأن هؤلاء لم يدرسوا سنة رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي كان يمزح مع العجوز، و يلعب مع الصبي ، بل يشارك أهله الترويح بالألعاب داخل المسجد ، بل يقبل النكتة من الصحابي وهو على المنبر ، كل تلك حوته السنة المطهرة و السيرة النبوية و كتب الفقه ، تلك المعلومات يسهل الرجوع إليها للتحقق.
و أحيانا يكون الجهل بأسلوب المنافسة الحديثة و التي نشاهدها عند زعماء كبار لهم وزنهم في ميزان السياسة و الدولة ،نراهم يشاركون جمهورهم التنافس في العاب تقليدية كطقوس الرقص مع الضيوف ، أو المشاركة في اللعب الرياضات المتنوعة ، بل رأينا من يدخلون المطابخ يذوقون أطعمة المنافسين ، و كل تلك التصرفات لم تنزل قدر أو مكانة المنافس ، بل ضابط المنافسة الوحيد مقدرة الشخص إقناع الجمهور بالحجة و الإنجازات المحققة على الأرض ، أو تقديم بدائل و مقترحات مشاريع تسهم في تحقيق التنمية المستدامة التي تقلص عمر الأزمة و تحقق الرفاه الاجتماعي المنشود .
وسوم: العدد 1093