لماذا يحجم بعض خطباء الجمعة عن الدعاء مع أهل فلسطين وهم في محنة ؟؟؟

مما يثير انتباه رواد بعض المساجد أن بعض خطباء الجمعة  لا يدعون مع أهل فلسطين بالرغم مما يعانونه من تقتيل يوميا ،ومن إبادة جماعية ، ومن مجاعة وحصار ، وتهجير قسري . ومعلوم أن الواجب الديني يلزم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها نصرتهم بكل ما يملكون، وبكل ما يستطيعون . ولعل أقل  درجات النصرة هو التوجه بالدعاء إلى الله عز وجل كي يفرج كربتهم ، ويعجل لهم بفرج وبنصرهم على أعدائهم الصهاينة المعتدين . وإذا ما قصرت الهمم عن مجرد الدعاء لهم ، فإن ذلك ينقض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي شبه المؤمنين في توادهم وتراحمهم بالجسد الواحد الذي اشتكى العضو الواحد منه  تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى . فكيف بخطباء يرد هذه الحديث في خطبهم ، ولا يخصون أهل فلسطين بالدعاء ؟ وكيف سيكون موقف رواد المساجد منهم ؟

ولقد سئل بعض الخطباء ممن لم يرد في خطبهم دعاء مع  الفلسطينيين هل منعتكم من ذلك الوزارة الوصية على الشأن الديني ،؟ فنفوا ذلك نفيا قاطعا ، لكنهم لم يبرروا امتناعهم عن الدعاء ولو بذريعة النسيان . ولا ندري هل هناك أمر بتجنب الدعاء  يعطى  لهم سرا  من الوزارة ، ويمنعون من التصريح بذلك للناس أم أنهم  يحجمون عنه من تلقاء أنفسهم ؟

وإذا كان الخطباء يحجمون من تلقاء أنفسهم عن الدعاء مع المجاهدين في أرض فلسطين دون أن تكرههم الوزارة على ذلك ،فعليهم مراجعة أنفسهم ، لأنهم  يفوتون على أنفسهم فرصة أجر وثواب  ، ويفوتونها  أيضا على من يحضرون خطبهم ،وعسى الله تعالى إن وجد الصالحون من عباده في بيوته ساعة الجمعة  أن يتقبل دعاء المصلين بسببهم ، كما أنهم يجب ألا ينسوا أنهم محل اقتداء .

ولقد لوحظ أن الناس  ساعة الجمعة حين يرفع الدعاء لأهل فلسطين على لسان الخطباء يجهرون بالتأمين أكثر مما يجهرون به في غيره من الأدعية ، وهو ما يدل على تعلق قلوبهم  بأهل فلسطين ، كما يدل على ما يعتصر قلوبهم من آلم بسبب محنة إخوانهم هناك .   

ومعلوم أن الله تعالى قد فضل المجاهدين في سبيله على القاعدين  قدرا ومكانة وجزاء ومغفرة في قوله عز من قائل : (( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما )) ، بموجب هذه الآية الكريمة الخامسة والتسعين من سورة النساء يفضل المجاهدون غيرهم من القاعدين درجات أجرا، وثوابا، ومغفرة، ورحمة، وعليه فإن القاعدين هم أحوج إلى دعاء المجاهدين معهم ، وهو ما يجب أن يعلمه ويستحضره من يستنكف من القاعدين ـ  متعمدا ـ عن الدعاء مع المجاهدين في زماننا هذا أو يظن أنهم في حاجة إلى دعائه أو تحدثه نفسه بأن دعاءه مستجاب لا محالة ،وهو  لذلك يبخل به  ، والأجدر به أن كون هو من يرغب  في دعائهم معه لأنه دونهم درجة أجرا ،وثوابا ،ومغفرة ، ورحمة ،  وأنهم أهل لأن يستجاب دعاؤهم لو أنه سألهم الدعاء .

وأخيرا نأمل أن يتدارك الخطباء الذين ينسون سهوا الدعاء مع أهل فلسطين مستقبلا، أما الذين يتعمدون ذلك ، فإنهم  يخلون بواجب ديني هو نصرة المؤمنين المجاهدين في سبيل الله  ولو بالدعاء لهم بظهر الغيب وبذلك تبرأ ذمته عند الله عز وجل، (( ومن يبخل فإنما يبخل على نفسه )) .

وسوم: العدد 1093