ليلى عبد السلام وصيد الغزلان
قامت المرأة المصرية عبر التاريخ بأدوار وطنية عظيمة ومازالت تواصل هذا العطاء المشرف ومن سيدات مصر العظيمات ليلى عبد السلام فقد نشأت في أسرة مصرية تعشق الوطن وفي عام 1966 حصلت على ليسانس الآداب قسم فلسفة وعلم النفس من جامعة القاهرة عام 1966 وبدأت العمل في الصحافة في مؤسسة دار الهلال ثم الأهرام ثم جريدة الأحرار وأثناء عملها في دار الهلال وفي أول مهمة صحفية قامت بها شاء المولى عز وجل أن تكون السبب في كشف ماريو المصري العميل الإسرائيلي الذي تسبب في مذبحة مدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية صباح يوم 8 أبريل 1970 عندما قامت طائرات الفانتوم الإسرائيلية بضرب هذه المدرسة وفي أوائل السبعينيات وقبيل اندلاع معارك أكتوبر 1973 ذهبت ليلى إلى إيطاليا بعد حصولها على المؤهل الدراسي الجامعي لشراء سيارة موديل 1100 أر ودلها شخص على آخر يستطيع إنهاء إجراءات سفرها وعندما سافرت إلى إيطاليا فوجئت أن هذا الشخص اسمه محمد فهمي إبراهيم وشهرته ماريو وهو مصري الجنسية ومن محافظة الإسكندرية وتظاهر أمامها بالوقار وساعدها في العثور على الفندق الذي تقضي فيه فترة تواجدها في إيطاليا وفي اليوم الثاني دعاها على الغداء وجلست معه أمام جهاز تكييف وكان موجهاً نحوها بشكل مزعج وبالقرب منهما جلس شخصان أجنبيان على طاولة أخرى وبلا مناسبة عرضا عليهما الجلوس معهما وقبل ماريو فوراً وتبعته ليلى عبد السلام باعتبارها ضيفته واكتشفت فيما بعد أن هذه الحركة مقصودة وعرض على ليلى شراء السيارة وبالفعل أخذها إلى معرض سيارات وأتفرجت على العديد من السيارات ثم تكررت اللقاءات ولفت نظرها أن ماريو والذي من المفترض أنه لا يعرف الشخصين الأجنبيين كانت علاقته بهما تبدو وطيدة وبدأ الشك يدخل قلب ليلى عبد السلام خاصة بعدما تحدث معها ماريو وعرض عليها العمل في وكالة صحفية وطلب منها عدة موضوعات صحفية غريبة يفهم منها للوهلة الأولى أنها معلومات عسكرية تمس أمن وعمق مصر وتكشف تفاصيل الأسرار العسكرية والاقتصادية وعرض عليها أموالاً كثيرة مما زاد من شكوكها وبعد ذلك دعوا ليلى عبد السلام على العشاء في مطعم آخر وبعد تناول العشاء شاهدت أحد العملاء يتحدث مع ماريو وذلك بعد أن تعمدت عدم النزول معهم ونظرت من فوق السلالم ورأيت عميل الموساد وماريو يتهامسان بكلام لا تسمعه وكأنهما أصدقاء وطريقة الكلام أثارت شكوك ليلة وعرفت أنها خطة للإيقاع بها ولكنها تجاهلت ذلك وفوجئت بأن ماريو استأذن لقضاء أمر مهم ليتركها معهم فتحدثوا معها وطلبوا منها أن تبحث لهم عن مواقع تصلح لإقامة مشاريع استثمارية وأنهم سيغدقون عليها ملايين الدولارات في حالة مساعدتهم وإمدادهم بمعلومات حول هذه المواقع ولكن تربية ونشأت ليلى جعلت خبرتها قليلة ولم تفهم المطلوب تحديداً وماذا يريدون برغم شكها فيهم ولم تنطق بكلمة واحدة وهم يتحدثون معها وتظاهرت بأنها فاهمة هم عايزين إيه ؟
عادت ليلى إلى غرفتها بالفندق وكتبت كل ما حدث معها وكانت تشعر أنها تحت المراقبة حتى في غرفتها لدرجة وصلت إلى أنها بدأت تفتش الغرفة بحثا عن كاميرات مراقبة وكل ورقة تكتبها كنت تضعها في صدرها كي لايطلعوا عليها إن كانوا يراقبونها ثم توجهت إلي السفارة المصرية الموجودة في إيطاليا وطلبت مقابلة القنصل وروت له كل ما حدث وطلبت توفير الحماية لها واثبات واقعة حدثت فطلب منها القنصل المصري مجاراتهم في حين أنه سوف يتخذ اللازم وبالفعل عندما حضر أحدهم ذهبت معه إلى أحد معارض السيارات الكبرى ثم طلب منها اصطحابه في جولة ليعرفها على معالم إيطاليا وبدأ يغريها بملايين الدولارات .
عادت ليلى عبد السلام إلى مصر وفوجئت بأن أحد ضباط المخابرات المصرية سأل عليها فشعرت بالضيق لأن أهلها سوف يتأثرون بذلك وانتابها الخوف الشديد وذهبت إلى المخابرات وبدأوا في التحقيق حول طبيعة بلاغها للقنصل المصري في إيطاليا فصت كل ما حدث وبعد ذلك تم التنسيق بينها وبين جهاز المخابرات وأعطوها مستندات بها أسرار خطيرة تمس الأمن القومي ولكنها أسرار للإيقاع بالعملاء وعرفت ليلى أن ماريو جاسوس لإسرائيل في مصر يجند العملاء لصالح الموساد وكانت الخطة للإيقاع به وعندما طلب ماريو المقابلة والمعلومات حددت ليلى عبد السلام الموعد في أحد الكازينوهات المطلة على النيل وتقابلت معه وجلست بصحبته في إحدى الترابيزات المحددة والتي تم تجهيزها لعملية تسجيل ما يدور بينهما وكان ضباط المخابرات يملأون المكان ولم يشعر بهم أحد ورأت ليلى أحد الأشخاص بصحبة أسرته وأولاده يقوم بتصوير الأولاد والأسرة وأتضح بعد ذلك أنه أحد ضباط المخابرات لتكون القضية صوت وصورة وبالفعل ألقوا القبض على الجاسوس محمد فهمي إبراهيم الشهير بماريو بعد أن سلمته الأوراق والمعلومات التي يريدها .
أشادت المحكمة العسكرية بالمصرية الوطنية ليلى عبد السلام وتم التحقيق مع الجاسوس بعد القبض عليه وأحيل إلى المحاكمة وحكم عليه بالمؤبد بتهمة الجاسوسية والتخابر لصالح دولة أجنبية وهذه العملية كانت الأسرع في تاريخ المخابرات المصرية وعُرفت بصيد الغزلان .
وسوم: العدد 1123