الغباء والخداع وراء صعوبة انهاء النزاع في سوريا
الغباء والخداع وراء صعوبة انهاء النزاع في سوريا
محمد هيثم عياش
برلين /30/10/13/ تساؤلات كثيرة تدور في كواليس السياسة الدولية حاليا عن الاسباب التي تقف وراء صعوبة انهاء النزاع في سوريا ، فمرور واحد وثلاثون شهرا على انتفاضة الشعب السوري ومأساته في زيادة مضطردة فلا يكاد يمر يوما الا ويسقط فيه العشرات من الابرياء على يد مرتزقة نظام جبروتي استعان لقتل الشعب السوري عصابات اجرامية من ما يُطلق عليه بـ / حزب الله / اللبناني وعصابات ابو الفضل العباس العراقي مدعومة من ايران ومباركة روسية ان لم يكن هناك فرقة عسكرية روسية تحارب الشعب السوري فهناك تقارير لأجهزة مخابرات دولية أكدت وجود عناصر روسية الى جانب مرتزقة اسد ، وتؤكد تقارير الامم المتحدة ومنظمات حقوقية مستقلة وصول عدد قتلى الشعب السوري حتى نهاية أيلول/ سبتمبر المنصرم الى ما يربو عن الـ 133 الف شخص عدا قتلى مرتزقة النظام المذكور وميليشيات حسن نصر الله وما شابهها .
تدخل ايران السافر الى جانب اسد بحجة ان نظام سوريا يدعم المقاومة الوطنية سواء كانت لبنانية او فلسطينية في حربها الكيان الصهيوني وتحرير الارض المغتصبة منه ساهم الى ظهور العداوة المبطنة للشيعة ضد اهل السنة والجماعة وبشكل صريح وبروز النعرات الطائفية والعرقية والدينية ، فايران ساهمت من خلال اعلامها إقناع الكنيسة في اوروبا بان نصارى سوريا مضطهدون ومستهدفون من المسلمين في سوريا في مقدمتهم الميليشيات الاسلامية التي تقاتل مرتزقة النظام السوري الى جانب الجيش السوري الحر واقناع أصحاب الأنفس الضعيفة بأن الاقتتال في سوريا هو قتال بالنيابة عن السعودية ومعها دول بمنطقة الخليج العربي وتركيا ضد ايران لوقف غطرستها ، وقد حمل هذا الاعتقاد بعض الصحافة الالمانية الا ان وزير الخارجية الالماني جويدو فيسترفيليه ومعه سياسيون وخبراء منطقة الشرق الاوسط اضافة الى صحافيين بطلان ذلك الاعتقاد من خلال ندوات ومؤتمرات عقدت بالعاصمة برلين وببروكسل وغيرهما من بعض عواصم الاتحاد الاوروبي .
وقوف النظام السوري لمواجهة الغطرسة الصهيونية كما تدعي طهران صحيح ، فالنظام السوري يقف لمواجهة اي اعتداء يتعرض له الكيان الصهيوني وهو ما يؤكده زعماء بني صهيون في مقدمتهم سفير الكيان الصهيوني ببرلين سابقا آفي بريمور ومعه استاذ مادة التاريخ بالجامعة العسكرية بميومنيخ ميشائيل فولفسون اللذين أكدا وجود تعاون حقيقي بين النظام السوري منذ عهد حافظ اسد وحتى ايامنا هذه وقصف طائرات الكيان الصهيوني لمواقع بالقرب من دمشق في وقت سابق من عام 2013 الحالي كان من اجل إفشال انقلاب عسكري والصهاينة لا يعرفون ما اذا كانوا على استعداد لقبول رجل جديد في دمشق ، كما وتؤكد مصادر استخباراتية موثوقة / علما ان المخابرات لا يوثق لهم / اتفاق سري بين تل ابيب وطهران يكمن بضرورة دعم طهران لنظام اسد للحيلولة دون تأثير السعودية وقطر وتركيا على الحياة السياسية في سوريا ومنطقة الشرق الاوسط وبالتالي الحيلولة دون قيام محور اسلامي يمتد من شمال افريقيا مرورا بمصر الى سوريا فنجاح الاسلاميين بتلك الدول سيزيد الخطر على الكيان الصهيوني ولا بد من ايقاف هذا المحور بالانقلاب العسكري الذي أطاح بأول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الحديث .
ازمة العنف وازدياد مأساة الشعب السوري وتأخر انتصارهم على بشار اسد ونظامه لا يكمن بقوة النظام المذكور وتأييد ايران وروسيا ومشاركة الميلشيات الشيعية الى جانب مرتزقته بل يكمن الى اتفاق بين واشنطن وموسكو لإنهاء انتفاضة الشعب السوري عبر انهيار ما يُطلق عليه بائتلاف المعارضة السورية المتمثل بالمجلس الوطني واحزاب وشخصيات سياسية انضمت الى المعارضة تحت عباءة الائتلاف المذكور ، فالائتلاف المذكور هذا كان من الاسباب الرئيسية التي ساهمت بتأخير انتصار الشعب السوري على طاغيته جراء الخلافات بين أعضائه حول الزعامة وعدم اتفاقهم على رأي واحد حول مستقبل سوريا وكيفية انهاء النظام فالكثير من شخصيات المعارضة كانت موالية للنظام السوري دخلت بالائتلاف لأطماع شخصية الى جانب شخصيات تحابي موسكو وتؤيد مبادراتها اضافة الى شخصيات لا تملك خطا سياسيا كما ولا يملك الائتلاف الوطني خطط سياسية واضحة حول مستقبل بلادهم على حسب رأي معهد بحوث نزاع الشرق الاوسط التابع لجامعة مدينة بوتسدام .
ويعتقد معهد ولاية هيسين لبحوث السلام والنزاعات الدولية أن المجتمع الدولي وخاصة ما يُطلق عليه بمجلس الامن الدولي لا يريد إنهاء ماساة الشعب السوري فالتهديدات التي أطلقها زعيم البيت الابيض باراك اوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كِمرون والرئيس الفرنسي فرانسوا اولند بتأديب نظام سوريا بتدخل عسكري جراء قصفه مناطق بدمشق بالأسلحة الكيمياوية السامة نهاية آب/اوجسطس من عام 2013 المنصرم اضافة الى مجازر ارتكبها كانت فقاعات هوائية ثبتت عندما تم الاتفاق على تدمير الاسلحة الكيمياوية وموافقة رئيس نظام دمشق على تدميرها كما أثبت إحالة كِمرون واوباما التدخل عسكريا في سوريا الى مجلس الشيوخ / الكونجرس / الأمريكي ومجلس النواب البريطاني لاخذ فتاواهم ان تلك التهديدات ليس لها أساس من التنفيذ فباريس ولندن ومعها حلف شمال الاطلسي / الناتو وواشنطن شاركوا بإنقاذ الشعب الليبي من معمر القذافي دون العودة الى الكونجرس والبرلمان البريطاني والفرنسي ولم تحرك موسكو وبكين ساكنا لمواجهة طائرات / الناتو / وباريس ولندن بمحاربتها الجيش الليبي .
ويؤكد عضو محكمة حقوق الانسان الدولية وأحد مؤسسي مجلس شورى حقوق الانسان التابع للامم المتحدة عضو لجان شئون السياسة الخارجية بالبرلمان الالماني سابقا فولفجانغ نيسكوفيتش ان واشنطن تحاول من خلال الصراع في سوريا وسياسة المراوغة التي تنتهجها بإعطاء الامال بتدخلها العسكري واصابتها السوريين بخيبة الامل العودة الى دور شرطي العالم وابراز قوتها السياسية بمنظمة الامم المتحدة فالاتفاق الروسي الامريكي بالعودة الى مؤتمر جنيف / 2/ وارسال مبعوثهما ومبعوث الامم المتحدة الاخضر الابراهيمي الى دول بالعالم للتحضير للمؤتمر المذكور هو من أجل إنهاء الائتلاف الوطني السوري وإرغام الشعب السوري على انهاء انتفاضته والقبول ببقاء بشار اسد بمنصبه الى انتخابات تموز /يوليو عام 2014 .
وتشير دراسة للمعهد الاوروبي للعلاقات الدولية الذي يتخذ من برلين مقرا له ان التقارب الامريكي الايراني وتقارب بعض الدول الغربية مع طهران هو من أجل انهاء أي دور للمملكة العربية السعودية وقطر وتركيا بمسألة النزاع بسوريا فإصرار موسكو وواشنطن والابراهيمي على مشاركة طهران بمؤتمر جنيف /2/ الدولي إحراج الرياض التي أكدت اعتذارها بقبول مقعد غير دائم بمجلس الامن الدولي ابتداء من عام 2014 المقبل لنها لا تريد أن تكون شاهد زور على ما يجري في كواليس السياسة ضد الشعب السوري .
وتؤكد معاهد علوم السياسة الالمانية والاوروبية ان من أسباب إطالة ماساة الشعب السوري اعطاء المجال للولايات المتحدة الامريكية المضي تأليب العالم ضد ما يُطلق عليه بالإرهاب الدولي فبعد مضي عشرة أعوام على غزوها العراق واحتلاله / عام 2003 / ترك الامريكيون العراق عرضة لحرب دينية وعرضة للتقسيم فبالرغم من ان التقسيم لم ينفذ بعد الا ان قطع جزء من العراق وجعله دولة مستقلة للأكراد وتريد واشنطن إرضاء الاكراد باعطائهم جزءا من الأراضي السورية كما ستساهم أيضا بمساعدتهم الحصول على مناطق مستقلة لهم بتركيا وذلك لتشكيل دولة للاكراد بين سوريا والعراق وتركيا . ويهدد الاخضر الابراهيمي دول منطقة الشرق الاوسط بمقدمتهم الائتلاف الوطني اما القبول بإنهاء العنف ببلادهم سياسيا وانهاء انتفاضة شعبهم أو بلقنة وقبرصنة سوريا وان رفضو فصوملة تلك الدولة .
لقد استطاع رئيس نظام سوريا بشار أسد أن يقنع العالم ان انتفاضة الشعب السوري الذي يطالب بالحريات العامة إنشابه لحرب دينية وعرقية، فالحرب العرقية تكمن بين العرب السوريين والاكراد فعلى مدى التاريخ الاسلامي كان الاكراد والعرب يد واحدة لهم أواصر قرابة اضافة الى الاخوة الدينية فلما استولى حزب البعث على السلطة في سوريا مارس العنصرية ضد الاكراد واٌقليات عرقية اخرى فهناك فئة من الشعب السوري تنظر الى الأكراد نظرة عنصرية كما ينظر الاكراد الى النظام السوري بأنه وراء ماساتهم فحزب البعث حرم الاكراد من الجنسية السورية ولا تعطى الجنسية للاكراد الا من كان بعثيا او له علاقة وطيدة مع احد عملاء النظام وينظر الاكراد أيضا الى فئة من فئات الشعب السوري نظرة عنصرية لمباركتهم سياسة البعث والنظام السوري تجاههم ، أما الحرب الدينية فقد استطاع ذلك النظام ان يجعل ما يجري في سوريا حرب بين اهل السنة والجماعة وبين الشيعة . فالمعروف ان العائلة الاسدية نصيرية المذهب ، وبالرغم من تكفير الشيعة للنصيريين الذي يطلق عليهم ايضا بـ / القرامطة / والعلويين / حسب تسمية فرنسا لهم لاتخاذهم من جبال الكلبيين موطنا لهم اذ ان الكلبيين وهم قبيلة كلب كانوا أول من ساند محمد بن نصير الذي ادعى ربوبية سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وانه رسول ارسله أبو الحسن وهو أخذ هذه الطريقة من الزرداشتية التي تؤمن بالحلول مع العلم بأن الشيعة أصلها فارسية وأكثرها مأخوذة عن المجوسية والزرداشتية . وقد استطاع زعيم الشيعة في لبنان الايراني موسى الصدر أن يؤكد للنصيريين في طرابلس وبعض نصيريي جبال العلويين بأنهم من الشيعة الاثني عشرية وجعل لهم قاض وذلك قبل وقوع الحرب اللبنانية في لبنان . وانه من الضروري توضيح حمل ايران راية التشيع لأهل البيت كما تزعم فالتشيع اصله فارسي لأن علي زين العابدين رحمه الله وهو علي الأصغر بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم كانت امه احدى بنات يزدجرد آخر ملوك الفرس فزوَّج سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بناته الثلاثة لعبد الله بن عمر بن الخطاب ومحمد بن ابي بكر الصديق والحسين بن علي رضي الله عنهم فعلي الأصغر هو ابن خالة سالم بن عبد الله والقاسم بن محمد ، أما علي الأكبر الذي استشهد مع أبيه الحسين في كربلاء فهو ابن خالة يزيد بن معاوية ولذلك ليس له ذكر كبير عند الشيعة.