السعودية قالت كلمة العرب

د. هاني العقاد

المملكة العربية السعودية ليست مجرد دولة غنية فقط تستغل غناها بطريق يخالف منظومة السلام والأمن والاستقرار و وحدة العالم العربي ,ولا دولة لا موقف لها من قضايا الأمة العربية ,ولا دولة تخبئ رأسها عندما تتعرض الأمة العربية لازمة كبيرة قد تمس سيادة الأمة العربية وهيبتها , العربية السعودية دولة كل العرب والمسلمين  تشاركهم همومهم وطموحهم ,وتشارك الحكومات العربية أزماتها الاقتصادية والسياسية وتقول كلمة فصل في المواقف المصيرية , العربية السعودية كان لها كلمته حاسمة في حرب أكتوبر1973 المجيد مما وفر أهم عوامل النصر , السعودية كان لها العديد من المواقف العربية المشرفة والتي رفعت الكثير من الظلم عن هذه الأمة ,ويكفي أنها تقود الإسلام المتزن والمتوازن في المنطقة العربية بما يسمح بأن تنتشر تعليمة بين الأمم بسماحة وحب وقبول كبير.

لقد سجلت المملكة العربية السعودية  اليوم موقفا مشرفا أخر غير تلك المواقف المشرفة  الكبيرة التي سجلتها بالماضي عندما رفضت عضوية مجلس الأمن خاصة وهي من أولى الدول التي ساهمت في تأسيس الأمم المتحدة على آمل أن يسود السلم والأمن العالم ,وعلى أمل إن يتبنى العالم مبدأ العدل بين الشعوب من خلال تلك المؤسسات ويسعي لحماية الشعوب الضعيفة والمقهورة والمحتلة و يجند طاقته لتخليصها من الاحتلال الغاشم , لقد كان رفض السعودية صدمة لكثير من دول العالم عامة وأعضاء مجلس الأمن الدائمين بشكل خاص واعتذارها عن  قبول عضوية مجلس الأمن حتى يتم إصلاح مجلس الأمن وأداء دور عادل بالعالم أوصل هذه الصدمة للمستويات التي تعتبر متنفذه بسياسة العالم كأمريكا و روسيا ,أصحاب حق النقد الفيتو لأنهم يستخذوا هذا الحق لصالح سياسياتهم بالعالم وليس لصالح الأمن والاستقرار, وقد حاولت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية (جين بساكي) حاولت أن تقلل من أهمية هذا الرفض بالتعبير بأنها ستواصل العمل مع حليفتها السعودية وهذا فقط لإخفاء انزعاجها من السلوك السعودي  الذي كنا ننتظره كعرب منذ سنوات , لذا فإن هذا الرفض  يعتبر في نفس الوقت تعبيرا حقيقيا عن رغبة كل عربي حر توجع وتألم كثيرا لانحياز مجلس الأمن لصالح قضايا تهم أمريكا وإسرائيل كما ,واعتبر الكثير من المراقبين أن هذا الرفض باعتباره  قنبلة قوية فجرت داخل مجلس الأمن المؤسسة الأممية التي تعطي قرار الحرب و قرار السلم حسب رغبات الدولة المهيمنة على المجلس مما اثر على حيادية هذه المؤسسة .

لعل المملكة العربية السعودية في قرارها هذا قالت كلمة وطموحهم كل العرب من المحيط إلى الخليج بلا استثناء عدا بعض الدول التي تهيمن عليها أمريكا وتسلبها استقلالية قرارها وتعبث بسياستها بل ترسم سياستها أجهزة  أمريكية خاصة  شكلت لهذا الغرض , والسعودية بهذا القرار حملت العالم مسؤولية إصلاح مجلس الأمن وجعل قراراته نافذة بعيدا عن قرارات حق النقض التي تحبط أي قرار أممي لنشر السلم و العدل بالعالم , كما وان العربية السعودية جاء اعتراضها متمثلا على أسلوب وآليات العمل وازدواجية توجهات المجلس عند أداء واجباته وتحمل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين بالشكل العادل و المطلوب وإخفاق مجلس الأمن هذا جعل مساحة الظلم بالعالم تتسع ودفع القوي المختلفة تتمادي في اغتصاب حقوق الشعوب والجماعات ذات الأغلبية  القليلة مما ساهم في تنامي النزاعات المسلحة والحروب  والقمع وانتشار ثقافة سلب الحريات ومصادرتها في العالم , ما كان سببا في ارتفاع معدلات الفقر والجهل والجهل السياسي .

لعل العربية السعودية تدرك أهمية هذه العضوية لما لها دور هام في تبنى قضايا الأمة العربية لكنها تدرك أيضا أن هذه العضوية عضوية بلا صلاحيات كبيرة وهي فقط لاستكمال شرعية  الانحياز الأمريكي لإسرائيل على حساب الأمة العربية وقضاياها, وبالتالي فإنها تدرك مدي الإرباك الدولي الذي أحدثته عندما رفضت هذه العضوية التي تعتبر السابقة الوحيدة في تاريخ الأمم المتحدة , واعتقد أن قنبلة السعودية التي فجرتها هذا الأسبوع سيكون لها صدي سبقي على مستوي دول وحكومات العالم والتي ستتململ في القريب العاجل وتعبر أيضا عن رفضها سياسة التعامل بمكيالين في قضايا العالم وخاصة قضية الاحتلال الإسرائيلي الذي مازال يمارس احتلاله وتهويده واستيطانه دون كلمة حق تقولها تلك الهيئة الأممية لتعيد الأمن والاستقرار إلى هذه المنطقة عبر إقناع الطرف الذي يستخدم القوة العسكرية لاحتلال وقهر الشعب الفلسطيني و هو إسرائيل بالولوج في السلام العادل والشامل والقبول بحل الدولتين وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة الصادرة بهذا الشأن 194 و 338 و 181 و قرار 242 , كما وان اعتراض السعودية وهى اكبر دولة عربية مؤثرة بالعالم سيجعل أمريكا تفكير جديا في تبعات خسارة اكبر حليف لها بالشرق الأوسط إن استمرت في التمادي بالانحياز لإسرائيل على حساب الحقوق العربية والسلام والأمن والاستقرار بالعالم العربي .