الانقلابيون فشلوا بإقناع العالم بـ"أكذوبة 30 يونيو"
القدوسي:
الانقلابيون فشلوا بإقناع العالم بـ"أكذوبة 30 يونيو"
أكد الكاتب والمحلل السياسي المصري د. محمد القدوسي أن قادة الانقلاب العسكري فشلوا في إقناع العالم بالاعتراف بـ"أكذوبة 30 يونيو"، بعد محاولتهم تصويرها كثورة شعبية انتفضت ضد حكم جماعة الإخوان المسملين، مشيراً إلى أن جميع محاولات الانقلابيين لم تنجح في كسب التأييد الدولي لخارطة طريق الانقلاب التي أعلنها عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع المصري وقائد الحكم العسكري في مصر.
وقال القدوسي " إن استمرار التحركات الشعبية السلمية المنددة بالانقلاب في مصر يضيق الخناق على حكم العسكر، ويجعله أكثر تخبطاً في ظل عجزه عن تنفيذ ما وعد به المصريين بعد إزاحته "الإخوان" عن الحكم"، مؤكداً أن استمرار المظاهرات الشعبية يشكل خطرًا كبيرًا على مستقبل الانقلاب وقادته، ويمهد بما لا شك فيه لعودة الشرعية إلى أحضان المصريين.
فشل الحل الأمني
وأوضح أن جميع المعطيات على أرض الواقع تُظهر وبشكل جلي عدم قدرة العسكر فرض انقلابه كأمر واقع على المصريين رغم جميع محاولاته التي حاول من خلالها تثبيت أقدامه بالحديد والنار، لافتًا النظر إلى أن العالم بدأ ينفض يديه من نظام السيسي بعد فشله في القضاء على مؤيدي الشرعية، ووقف التحركات الشعبية التي تجوب الشوارع المصرية في كل يوم وليلة.
وشدد القدوسي على أن انتهاج الانقلابيين للقوة وعمليات القمع لم تستطع ثني إرادة الشعب المصري وإخراس الأصوات الحرة وتكميم الأفواة المطالبة بالحرية واحترام الشرعية، منوهاً إلى أن الشعب المصري أيقن أن الأمر لا يتعلق في شخص الرئيس محمد مرسي ولا الإخوان المسلمين، وإنما في مستقبل الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة.
وأضاف أن استمرار التحركات السلمية تغيظ قادة الانقلاب وتضعهم في مأزق خاصة في ظل عدم قدرتهم على منعها بعد فشل الحل الأمني وسياسة القتل والعربدة التي اتُّبعت ضد مؤيدي الشرعية طيلة الأشهر الماضية، منوهاً إلى أن سلمية التحركات المناهضة للانقلاب ساهمت في ازدياد شعبية مؤيدي الرئيس مرسي.
ولفت القدوسي إلى أن السيسي وفريقه لا يمتلكون تأييداً شعبياً حقيقياً يستندون إليه لتنفيذ خارطة طريق الانقلاب، الأمر الذي جعل الكثير من دول العالم ترفض فعلياً الاعتراف بنظام الانقلاب حتى الوقت الراهن، مؤكدًا أن سلطة الانقلاب تعيش في مأزق سياسي كبير بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
وأشار إلى أن الدولة المصرية في ظل حكم العسكر انزلقت إلى منحدر كبير من الرجعية والتخلف السياسي والاقتصادي والقيمي على حد سواء، نتيجة للفشل الذريع في إدراة مصر على كافة الأصعدة، مؤكداً أن المصريين باتوا يترحمون على الأيام التي خلت من حكم مرسي لمصر، رغم جميع الأزمات التي افتعلت مع تسلمه زمام الحكم.
وعن مؤشرات الانحدار التي وصلت إليه مصر كما يتحدث المقدوسي، بين أنه لأول مرة في تاريخ مصر يتم اعتقال تلاميذ على خلفية آرائهم السياسية والفكرية، موضحاً أنه جرى خلال يومين فقط من بداية العام الدراسي الجديد اعتقال 55 طالباً من المرحلة الإعدادية لرفعهم شعار "رابعة" داخل المدرسة.
واعتبر قيام نظام الانقلاب بمثل هذه الممارسات بحق أطفال "مأساة حقيقة" خاصة بعد تحويل التلاميذ إلى دائرة الشؤون القانونية لمعاقبتهم واتخاذ الإجراءات غير قانونية بحقهم، مشدداً على أن القيام بمثل هذه الممارسات يدلل على عمق الإفلاس الذي وصل إليه قادة الانقلاب وزبانيته.
اقتصاد مترد
ونوه القدوسي إلى أن الاقتصاد يعيش أسوأ حالاته ومصاب بشلل كامل منذ الانقلاب على الشرعية، في ظل فشل جميع محاولات إنقاذه، مشيراً إلى أن الاحتياطي النقدي والسياحة وكل موارد الاقتصاد المصري وصلت إلى أدنى معدلاتها.
ورأى أن جميع هذه العوامل مجتمعة بالإضافة إلى بقاء الدبابات حتى اللحظة في الشوارع المصرية بالتزامن مع تجديد حالة الطوارئ، دليلٌ واضح لا ريب فيه على فشل الانقلاب في تحقيق غايته، في ظل الرفض الشعبي له، مؤكداً أن الانقلاب سقط منذ تحليق أول طائرة عسكرية في سماء مصر لقصف المصريين وقتلهم.
وعن مستقبل المشهد السياسي المصري في ظل فشل الانقلاب ونجاح مناهضيه في كسب التأييد الشعبي والدولي، قال القدوسي إن المتتبع لمجريات الأمور في مصر يدرك أن صراعاً خفياً بين قادة الانقلاب يكاد يعصف بهم جميعاً، بعد فشلهم في فرض الانقلاب كأمر واقع على المصريين، منوهاً إلى أن قادة الانقلاب يخشون بشكل حقيقي من حدوث انشقاقات في صفوف الجيش وأركانه، الأمر الذي من شأنه -في حال حدوثه- تغيير معالم الأزمة المصرية لصالح مؤيدي الشرعية.
واعتبر أن محاولات سلطات الانقلاب بشيطنة مؤيدي الشرعية ومحاصرة قرى مصرية بأكملها وتنفيذ عمليات أمنية قمعية بحق أهاليها، يأتي في سياقٍ لخداع الرأي العام المصري بما فيه قوات الجيش بأن ما يحدث هو جزء من معركة حقيقة مع إرهاب جماعات متطرفة وليس صراعًا سياسيًا، لافتًا النظر إلى أن عناصر الجيش يعيشون في ظل تعتيم إعلامي عن حقيقة ما يجري في مصر.
واستبعد القدوسي أي حل سياسي للأزمة المصرية الراهنة، خاصة في ظل تعنت قادة الانقلاب وعدم قبولهم بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 3 يوليو، منوهاً إلى أن أي مبادرة سياسية لن تكون في صالح العسكر.
واعتبر أن تمسك تحالف الشرعية بما فيه جماعة الإخوان المسلمين بالحوار كطريق وحيد لإنقاذ مصر من براثن الحكم العسكري الذي يمثل أعتى صور الاستبداد والديكتاتورية، لا يعني التنازل عن حقوق ومطالب ملايين المصريين، مشيراً إلى أن أي مبادرة سياسية لا تعيد الشرعية لن ترى النور على الإطلاق.
وختم حديثه بالقول:" إن مواصلة التظاهر وتصعيد العصيان المدني السلمي بمصر هو الطريق الوحيد المفضي لإسقاط الانقلاب ومحاكمة قادته"، داعياً المصريين إلى توسيع حجم الفعاليات وتكثيفها خاصة في أوقات الليل للاستحواذ على الشارع، وكشف سوءة الانقلاب والاهتراء الذي أصاب قاعدته الشعبية.