القائمة الانتخابية المشتركة
جميل السلحوت
مع أنّ انتخابات البرلمان الاسرائيلي –الكنيست- شأن داخليّ اسرائيليّ، إلّا أن نتائجها ستتخطى تأثيراتها حدود اسرائيل، وأوّل هذه التأثيرات ستكون على الأراضي الفلسطينيّة المحتلة بشكل خاص وعلى منطقة الشرق الأوسط برمّته بشكل عام، وإذا ما استطاع حزب الليكود بزعامة نتنياهو وحلفاؤه من الأحزاب الصهيونيّة اليمينيّة المتطرّفة من الفوز في الانتخابات القادمة، فهذا يعني تأجيج سياسة التطرّف والحروب في المنطقة، كما يعني دفن الحلم بأيّ حلّ سلميّ للصّراع العربي الاسرائيلي، ووأد حلّ الدّولتين بشكل نهائيّ. تماما مثلما يعني زيادة قهر الجماهير العربيّة التي تعيش داخل اسرائيل، والتي تعاني القهر القومي والطّبقي وسياسة التمييز العنصرية في هذه الدّولة، التي يعتبرون مواطنين فيها.
ولا بدّ من التذكير هنا بأنّ موافقة الكنيست الحالية على رفع نسبة الحسم في الانتخابات القادمة، بمبادرة وموافقة الأغلبيّة اليمينيّة في الكنيست، كانت تهدف إلى تقليل أو محو التامثيل العربي في الكنيست، مراهنة بذلك على حالة التّمزّق والصّراع الحزبي الذي تعيشه الجماهير العربيّة...لكن حكمة القيادات العربيّة الحزبيّة والجماهيريّة قلبت السّحر على السّاحر، عندما اتفقت على خوض الانتخابات في قائمة مشتركة، وهذا حتما سيزيد عدد أعضاء الكنيست العرب كممثلين للجماهير العربية التي ستنتخبهم. وبما أنّ العرب يمثلون 20% من مواطني اسرائيل، فإن التمثيل الصّادق لهم يجب أن يكون بنفس النّسبة...أيّ يفترض أن يصل إلى مقاعد الكنيست خمسة وعشرون نائبا من القائمة المشتركة...وقد أحسنت الجبهة الديموقراطيّة للسّلام والمساواة والتي يمثّل الحزب الشيوعي الاسرائيلي"راكح" صنعا عندما وضعت دوف حنين ضمن المقاعد الأولى المضمونة...فالشيّوعيون اليهود يؤيدون بمواقفهم المبدئيّة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ويؤيدون حلّ الدّولتين، وانسحاب اسرائيل التام وغير المشروط من الأراضي العربيّة المحتلة...والحلّ السّلمي للصّراع بناء على قرارات الشّرعية الدوليّة...وهذا ليس جديدا في سياسة وأدبيات الشيوعيّين.
وإذا ما كان من المؤسف وجود عرب فلسطينيّين قبلوا التّرشّح في قوائم الأحزاب الصّهيونيّة، التي تهدف إلى كسب الأصوات العربيّة، وتفتيتها ومنع تجييرها لصالح الممثّلين الحقيقيّين للنّاخبين العرب...فإنّ الثّقة كبيرة بالنّاخب العربيّ الذي اكتوى بنار الأحزاب الصّهيونيّة التي لم تحترم إنسانيته وحقوقه منذ تأسيس دولة اسرائيل وحتى الآن. فإنّه يجدر التنويه للفلسطينيّين الذين يدعون إلى مقاطعة الانتخابات لأكثر من سبب، أن ضياع أصواتهم على القائمة المشتركة لا يقلّ خطورة عن الأصوات التي يدلي بها البعض للأحزاب الصّهيونيّة.
ولا يخفى على أحد أنّ وجود ثقل واضح للقائمة المشتركة في الكنيست القادمة سيحقق مكاسب كبيرة للجماهير العربيّة التي انتخبتها...كما سيكون لها دور واضح بالضّغط على الحكومة القادمة- بغضّ النّظر عمّن سيشكّلها- كي ترضخ لشروط السّلام العادل والدّائم في المنطقة.