فوضى الإعلام تمتزج بفوضى الأحزاب
جوتيار تمر
دهوك 27/9/2013
جرت في 21 ايلول 2013 الانتخابات البرلمانية الكوردستانية في اقليم كوردستان العراق، والتي حملت مقدمات وتمهيدات دعائية ضخمة قام بها كل الاطراف حسب امكانياتهم المادية والاعلامية، ومع ان الخروقات في تلك الفترة الدعائية لم تسجل الا "انفلاتات" قليلة الا انها اجمالا لم تكن مستهدفة كثيرا من قبل الاعلام الكوردستاني والعالمي بالاخص العربي، لكونها امور لاتنم عن سياسات الاحزاب نفسها انما هي اعمال يقوم بها بعض المؤدين لتلك الاحزاب اي يمكن اعتبارها اعمال فردية شخصية ظهرت للسطح مع الاجواء التنافسية الحماسية للشباب، ومع وجود بعض السلبيات الاخرى التي نجمت عن تلك الحملات الدعائية بالاخص فيما يتعلق بخروج العشرات من سيارات الاحزاب تلك محملة بالاعلام والشباب والصبية من كلا الجنسين غير مبالين بقواعد السلام والمرور وتاركين اجساد الاطفال والشباب وهم يمسكون اعلام الاحزاب تخرج من نوافذ السيارات في ظاهرة غير حضارية وغير مؤمنة اطلاقا مع عدم وضع اي اعتبار للسيارات المارة الاخرى التي كانت تنتظر في طوابير الى ان تنتهي تلك المسيرات، الا ان ذلك كما نوهت سابقاً لم تشكل الا انفلاتات صغيرة لم يكن احد يتوقع ان تحمل في طياتها الفوضى التي عمت الاجواء بعد الانتخابات.
في صباح 21 ايلول خرج الناس بالالاف الى صناديق الاقتراع ليدلوا باصواتهم الى ممثليهم وقوائم احزابهم وجرت الامور بشكل هادئ نسبياً وانتظام شهد الاعلام له بالاخص الاعلام العالمي، اقول العالمي لان الاعلام الداخلي اعطى لنفسه صورة مغايرة لم اكن انا شخصياً ابحث عنها لها، واريد معرفة ملامحها به، لست هنا ادافع عن اية جهة، ولا اي شخص لان الامر ليس بشخصي انما هو امر يتعلق بالتجربة والتي ان لم تكن ديمقراطية بحتة الا انها في الوقت نفسه ليست فوضوية بحتة، ففيها من الامرين ما يجعل الناس تشعر ببعض التغيرات، وليس كما وجدنا الاعلام يروج له، بدأ العد التنازلي لانتهاء مدة الاقتراع، واقفلت الصناديق والمراكز، وبدل ان يتوجه الاعلام لمسايرة التجربة، اصبح يترقب الخروقات التي قد تحدث لتجعلها مادة دسمة، وكأن مهمة الاعلام كما يدعي البعض هو فضح الاخرين اي التجربة في هذا الوقت وليس مهمتها ايضا ان تعمل على نقل الصورة المشرفة للانتخابات في الكثير من المراكز الانتخابية حيث انتظام الناس بطوابير طويلة كدليل على اقبالهم الجيد على الاقتراع، ومن ثم نقل صور اشخاص وصلت اعمارهم حد العجز عن الحركة الا انهم اصروا على المشاركة في الانتخابات، والكثير من المظاهر الاخرى التي دلت على وعي الناس بضرورة الاقتراع والمشاركة في العملية الانتخابية بغض النظر عن ارائهم المسبقة حول اداء الحكومة والتي وصفها البعض بالفاشلة لانها لم تقدم شيئاً مميزا بنظرهم، وهذا ما يستدعي كوجهة نظر لي بان يقف الاعلام عنده وليس التربص بالمراكز الانتخابية والبحث عن الخروقات التي قد تحدث، لتقوم بنقلها مباشرة ولتقول للناس باني جهة اعلامية محايدة ومستقلة اقوم بنقل الوقائع بمصداقية، مع علامة استفهام على تلك المصداقية التي اجدها اصبحت في مهب الرياح لكون الاعلام ومهما يكن عندنا نراه يميل الى اتجاه على حساب اتجاهات اخرى وهذا ما لايشك فيه احد على الرغم من ظهور قنوات تحاول جهدها بان تحفر اسمها عميقاً على جدران الحياد، لكن مع الاسف لااظنها تستطيع فعل ذلك ان لم تعي اهمية الواقع والتجربة والعمل على خلق وعي مسبق بكل بمترتبات الامر كما في التجربة الانتخابية، فخلق وعي مسبق بمترتباتها ستطعي لها الحق في النطق بلسان الكثيرين ممن يمكن ان يكونوا شريحة مؤيدة ومدافعة لها، وليس كما يحدث الان في كوردستاننا حيث انتقلت عدوى التنافس والصراع بين الاحزاب التي تتهم بعضها البعض بالخروقات وعدم احترام النتائج الى الاعلام نفسه الذي يقوم باتهام الجهات الاعلامية غير المؤيدة لها والمتابعة لها بانها غير مجدية وغير صادقة في تغطيتها للعملية الانتخابية دون ان تذكر بانها هي نفسها غير صادقة في تغطيتها للعملية الانتخابية لانها اذا قارنت معدل تغطيتها المتعلق بالايجابيات والتوعية مقارنة ببحثها عن السلبيات ستجد بانها تعيش وهماً اسمه المصداقية والحيادية، لاسيما في الوقت الراهن حيث اقتراب اعلان النتائج واحتدم الصراع الان بين الاجهزة الاعلامية لتضاف الى الصراع بين الاحزاب نفسها فامتزج فوضى الاعلام بفوضى اتهامات تلك الاحزاب لبعضها، ولست ارى في الاحزاب تلك امراً غريباً لكونها حتمية وواقع، لكني ارى الغرابة في بعض الجهات الاعلامية التي تنتقد قنوات عربية مثلاً بانها مثيرة للفتنة ولاتحمل مصداقية لكونها دائما مع المعارضة وتثير المشاكل، ولكنها هي الاخرى نفسها تحتذي حذوها في افتعال الفتن، والسؤال الذي يثير نفسه اين المصداقية اذا لم اكن انا نفسي صادقاً في توجهي نحو قضيتي الاسمى حيث الشمولية في الطرح وليس تضخيم جانب على حساب اخر، ومما لاشك فيه ان تلك الجهات ستدافع عن نفسها وستقول بان تغطيتنا كانت شاملة، ساقول نعم بانها شاملة لكنها غير عادلة، لانكم كغيركم من مثيري الفتن تركزون على السلبي الخروقاتي اكثر من الايجابي.