لا لقتل الإنسان أوقفوا نزيف الدم

كاظم فنجان الحمامي

كاظم فنجان الحمامي

[email protected]

ما الذي نستطيع فعله في مواجهة هذه الموجة الطائفية الهمجية الملتهبة الآن في بعض المدن العراقية, فما باليد حيلة, ولا طاقة لمخلوق أعزل مسالم في تحمل ما يراه من مجازر بشعة, تُرتكب هنا وهناك.

نكاد نموت من القهر ونحن نرى مسلسل ضحايا تفجيرات الأسواق والمدارس والمساجد والمراقد والمباني الحكومية العامة, أطفال ونساء وشيوخ وباعة من كل الألوان والأطياف والأعمار, لا ذنب لهم سوى أنهم ولدوا هنا, وعاشوا هنا. .

من فيكم يستطيع أن يتجاهل هذه الحملات المسعورة, التي تحركت فجأة لترهيبنا وقتلنا وتهجيرنا ومطاردتنا, تارة يقتلوننا لأننا من أهل السنة, وتارة يقتلوننا لأننا من أهل الشيعة, وتارة يقتلوننا لأننا ننتمي إلى الكنيسة السريانية الأرثوذكسية, أو إلى الطائفة المندائية المسالمة, فالقاسم المشترك الذي جمعنا كلنا تحت مقصلة الموت المحتوم, هو أننا ننتمي إلى هذه الأرض, التي ارتوت من دمائنا ودماء أجدادنا منذ بدأ الخليقة وحتى يومنا هذا. .

ما الذي نستطيع أن نقوله إذا كانت الجهات الحكومية المعنية بالأمر (مغلِّسة) وغير مكترثة للأمر, وكأن المشاهد الدامية المروعة صارت من ضمن الأعمال الإضافية, التي حصل عليها ملك الموت بموجب بنود عقد التشغيل المبرم بينه وبين الأوكار الطائفية المعادية للعراق وأهله.

انه مشوار طويل من المشاوير المرهقة التي فرضوها علينا, والتي تنوعت بين القتل الطائفي, والتهجير الطائفي, والانتقام الطائفي, والإزعاج الطائفي, والهلاك الطائفي, والتدمير الطائفي, والتحريض الطائفي, والتدليس الطائفي, والاستفزاز الطائفي.

فمشيناها خطى كُتبت علينا

ومنْ كُتبت عليه خطى مشاها

مشوار طويل كثرت فيه العبوات الطائفية, والخناجر الطائفية, والمفخخات الطائفية, والمهاترات الطائفية, والفتن الطائفية, كانت فيما مضى تختبئ تحت جنح الظلام, وتنتهز الفرص المؤاتية للانقضاض علينا, أما اليوم فهي تمارس هوايتها القاتلة أمام الناس وتحت ضوء الشمس, فلا رادع لمن لا رادع له, ولا وازع لمن لا وازع له. .

أوكار ودهاليز حاقدة تعمل ليل نهار لإزهاق أرواحنا, والتعجيل بانتقالنا إلى العالم الآخر, بينما لاذت المنظمات (الإنسانية) بالسكوت, وكأنها لا تدري, ولا ترى, ولا تسمع, ولا تقرأ, ولا تعلم, ولا تفهم, بينما وقف الرعاع من الناس خلف أسراب غربان الشر, فانتهزوا فرص الإجهاز علينا, وصادروا أكفاننا, وتوابيتنا.

قبل بضعة أيام, وعلى وجه التحديد بعد وقوع التفجير الأخير في البصرة, كان أحد الضحايا شاب مهندس في مقتبل العمر, تناثرت أشلاءه فوق الرصيف, وتناثرت محفظته, هويته, أقلامه, هاتفه المحمول, ساعته, وكل ما في جيبه. .

أتصل شقيق الشهيد بهاتف شقيقه وهو لا يعلم باستشهاده, فأجابه شخص آخر, قال له: تفضل منو أنته ؟؟, قال شقيق الشهيد: عفوا أخي أليس هذا هاتف شقيقي ؟؟, رد عليه الشخص الآخر, فقال له: شنو يبين أنته ما تدري أخوك مات بالتفجير, ولم يعد بحاجة لهذا الهاتف النقال, أرجو أن لا تتصل مرة ثانية, حاول أن تنسى أمر أخوك, وحاول أن تنسى أمر الهاتف النقال, أوكي. .

نحن إذن يا جماعة الخير نعيش في غابة مظلمة, كثرت فيها الضباع والكلاب الضالة, واختفى فيها الإنسان, ولم تعد للمواطن البريء أي قيمة تحت سقف هذه المسرحية الطائفية الطائشة. .

والله يستر من الجايات