العلمانيون والقوميون والرافضة واليهود والصليبيون.. كلهم سواء في كراهية الإسلام ..

د. موفق مصطفى السباعي

العلمانيون والقوميون والرافضة واليهود والصليبيون

كلهم سواء في كراهية الإسلام ..

د. موفق مصطفى السباعي

[email protected]

الوقائع والأحداث الميدانية التي تجري هذه الأيام ..ومنذ أكثر من عامين ..على أرض الشام والعراق ومصر وليبيا وتونس ..تؤكد بشكل قاطع ويقيني ..لالبس فيه ولا غموض – لمن له بصيرة وعقل مستنير – أن جميع الفئات المذكورة أعلاه ..تتوافق فيما بينها ..وتتعاضد على كراهية الإسلام ..ومحاربة أنصاره ودعاته ..أيا كان إنتماؤهم الفكري أو التنظيمي .. لا فرق ..

وما تسليط الأضواء على فصيل معين ..على أنه ..عدوهم الأول ..إلا ستار لمحاربة الإسلام وأهله ..على أساس أنه الفصيل الأبرز ..والأكبر ..والأشهر ..والأكثر قوة وتأثيراً في المجتمع ..

ولكن لماذا يكرهون الإسلام ؟؟؟

1-    لأنه يمنعهم من الإستبداد والطغيان والفساد..والتحكم في رقاب الناس بغير الحق ..

2-    لأنه يحول بينهم وبين أكل أموال الناس بالباطل ..وغير المشروع ..

3-    لأنه يمنعهم من المتاجرة بأعراض الناس ..وإشاعة الشهوات والفواحش والمنكرات ..

4-    لأنه يمنعهم من التمايز والتفاضل على بقية الخلق ..ويعاملهم بالسوية مع الناس جميعاً..

5-    لأنه يسائلهم ويحاكمهم بالعدل ..إذا أخطأوا وأجرموا ..مهما كانت مراكزهم القيادية ..أو الإجتماعية ..أو العلمية ..إذ لا حصانة لمخلوق أمام الخطأ والجريمة في الإسلام ...

6-    لأن قلوبهم المريضة ..ونفوسهم العفنة ..الفاسدة تشمئز ..وتنفر من ذكر الله ..

كما قال تعالى :

وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ ٱشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِٱلْءَاخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦٓ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ    الزمر آية 45

7-    لأنهم يكرهون النظافة ..والطهارة ..والفضيلة ..والعفة ..والإستقامة التي ينشرها الإسلام ..وبالتالي يمنعهم من التمتع والتلذذ .. بالعفن والدنس ..وأجساد المومسات ..وأجسام المتكشفات المتبرجات العاريات في الشواع ..وعلى شواطئ البحار ..

هذه هي القواسم المشتركة التي تجمع بينهم ..وتجعلهم يتآلفون ويتحدون من جميع أصقاع الكرة الأرضية .. على إختلاف عقائدهم ..وأفكارهم ..وأجناسهم – حتى بما فيهم من يزعمون أنهم من ذراري المسلمين .. وحتى بما فيهم من يرفعون لافتة الإسلام ..والحكم بشريعته - لمحاربة الإسلام وأهله ..بأشكال وديكورات متنوعة ..وأسماء مختلفة ..

تارة بإسم محاربة الإرهاب الدولي ..وتارة بإسم محاربة الفئات الضالة ..وتارة أخرى بإسم محاربة التكفيريين ..وقديما كان بإسم محاربة الرجعيين والظلاميين والأصوليين ..

وهنا يجب أن نعلم أن العلمانيين ليسوا هم فقط ..

الذين لا يؤمنون بإله ..ولا دين ..ولا خلق ..

هذا مفهوم سطحي وساذج ومشوه ..وغير دقيق ..لتعريفهم ..

إن مفهوم العلمانيين – كما تبرزه الأحداث الجارية ..والوقائع الإجتماعية  – أوسع من هذا بكثير ..

إن العلمانيين هم :

كل من يرفض سيادة ..وهيمنة ..وسيطرة الإسلام على جميع مفاصل الحياة ..السياسية ..الإدارية ..القانونية ..التنظيمية ..الثقافية ..التعليمية ..التربوية ..الفنية ..الإعلامية ..الإقتصادية ..الزراعية ..التجارية ..القضائية ..السياحية ..الترفيهية ..الأمنية ..المخابراتية ..الدفاعية ..الصحية ..التجارية ..الدبلوماسية ..العلاقات والمعاهدات الدولية ..

وأردت إستبدال تعبير سيادة الإسلام على الحياة ..بدلاً من المصطلح الشائع ..وهو تطبيق الشريعة ..

لماذا ؟؟؟

لأن العلمانيين أدخلوا في عقول الناس أن تطبيق الشريعة ليس إلا : تطبيق الحدود ..والعقوبات مثل قطع يد السارق ورجم المحصن الزاني ..وأخواتها ..وكفى ..

وهذا ما أدى إلى نفور الناس واشمئزازهم من هذه الدعوة ..

إضافة إلى أن مصطلح الشريعة أدى إلى تصغير مفهوم ..وهدف الإسلام .. وتقزيمه إلى نقطة صغيرة في بحر الحياة الواسع ..

بينما مصطلح هيمنة الإسلام وسيادته على الحياة البشرية ..هو أو سع وأشمل .. ورفضه يشكل خطراً كبيراًجداً ..على العقيدة ..

لأنه رفض لإقامة الدين بكل فروعه وأصوله ..ورفض للأمر الإلهي ..الذي جاء في القرآن :

۞ شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحًۭا وَٱلَّذِىٓ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِۦٓ إِبْرَ‌ٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓ ۖ أَنْ أَقِيمُوا۟ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا۟ فِيهِ َۚ    الشورى آية 13 ..

حتى ولو كان هؤلاء الرافضون ..يؤدون الصلوات الخمس ..ويزكون ..ويصومون ..ويحجون ..ويلبسون ثياب التقوى والورع ..ويرتدون رداء العلماء ..ويتبوأون مناصب الفتوى ..

فلن يعفيهم ..من جريمة تشويه الإسلام ..وتعطيل دوره في الحياة ..وإلغاء هدفه الذي  لأجله جاء من السماء ..

بل يدينهم بالتعاون ..والتعاضد ..والتآزر مع أعداء الإسلام على العمل على :

تحجِيم الإسلام ..وتقزيمه ..وتصغيره ..وحصره فقط في المساجد ..والخطب الرنانة عن الآخرة وعذاب القبر ..وبرالوالدين وسواه من مواضيع التهذيب النفسي السلبي ..وإبعاد الناس عن المشاركة في كل جوانب الحياة ..وتخويفهم من الحديث في السياسة ..والإدارة ..والقول لهم :

أن هذا إختصاص أهل الحكم والسلطان ..وولاة الأمر فقط ..لا غير ..

وليس لعامة الشعب ..الحق في هذا الحديث الشائك ..

فهذا لا يُعنيهم .. ولا يهمهم ..ولا يفهمون فيه شيئاً ..

هذه أسرار لا يعلمها إلا أهلها ..

هم يكفيهم أن يأكلوا ..ويتمتعوا ..ويتزوجوا مثنى وثلاثاً ورباعاً ..ويخلفوا بنين وبنات ..وينكحوا مما ملكت أيديهم ..من عاشقات ..وخادمات .. وبائعات هوى ..ويتاجروا ..ويكدسوا ما شاء لهم من القناطير المقنطرة من الذهب والفضة ..والخيل المسومة ..والأنعام والحرث ..

ولهذا حينما يقوم المسلمون الصادقون ..الربانيون ..المؤمنون بالإسلام كله ..بالدعوة إلى سيادة الإسلام ..وهيمنته على الحياة كلها ..

يقوم أعداؤه من العلمانيين وزبانيتهم .. بوصف هذه الدعوة .. بالإسلام السياسي .. ووصف الذين يمارسون الجهاد .. ويدعون إليه .. بالإسلام الجهادي ..لتنفير الناس من هذا الفكر ..وإشعارهم بأنه دخيل على الإسلام ..ولا داعي له ..

وهم يريدون بذلك تقسيم ..وتفتيت الإسلام إلى أجزاء ..وأقسام متنوعة .. ومختلفة ..لصد الناس عن دين الله .. وتنفيرهم منه .. ومن دعاته الحقيقيين .. وتصويرهم أنهم : متشددون .. متطرفون .. متزمتون .. إرهابيون .. يعملون على إثارة الفتن .. والضلال .. وتكليف الناس بأعباء ثقيلة .. ما أنزل الله بها من سلطان ..

فالمسلم – حسب عقيدتهم - يكفيه الصلاة والصيام .. وارتياد المساجد .. وهي مفتحة الأبواب .. ومزينة بأحلى .. وأبهى زينة ..

ولكن الله تعالى أنزل إسلاماً واحداً .. وليس إثنين أو ثلاث .. وأمر به كل الأنبياء .. ليكون هو المهيمن .. والمسيطر على الحياة كلها ..

وهذا هو قول الله تعالى الذي يؤكد صحة ذلك :

وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ بِٱلْحَقِّ مُصَدِّقًۭا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ ٱلْكِتَـٰبِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَٱحْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلْحَقِّ    المائدة  48

وَقَـٰتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌۭ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِ       الأنفال  آية 39

إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلْإِسْلَـٰمُ ۗ    آل عمران  آية  19