هذه مظاهر الرعاية الصهيونية لمجازر السيسي
صالح النعامي
يأبى الصهاينة ضبط النفس، رغم التعليمات المشددة الصادرة عن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بعدم الإدلاء بأي تصريح بشأن ما يجري في مصر، لكن ما يتم تسريبه من معلومات في وسائل الإعلام الصهيونية يدلل بشكل لا يقبل التأويل على أن قادة الانقلاب ينسقون خطواتهم أولاً بأول مع قادة الكيان الصهيوني، ويطلعونهم على ما يودون القيام به من جرائم ضد أبناء شعبهم، وهذا يدلل على طابع الانقلاب ووظائفه المتعددة في خدمة الكيان الصهيوني. فعلى سبيل المثال، ذكرت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي مساء الجمعة الماضي أن قادة الانقلاب أبلغوا نظراءهم في الجيش الإسرائيلي أنه بصدد اتخاذ قرار بالإعلان عن جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، والقيام بكل الخطوات التي تترتب عن هذا القرار من إغلاق لمقراتهم واعتقال لقادتهم وغيرها من خطوات. ليس هذا فحسب، بل إن قادة الانقلاب طمأنوا الصهاينة أن خطواتهم ضد الإخوان المسلمين ماضية حتى النهاية بمعزل عن عدد القتلى من أبناء الشعب المصري. والمفارقة الأكثر حزناً في سياق العلاقة الوطيدة بين نظام السيسي و"إسرائيل" هو حقيقة أن الشخص الذي يتولى بشكل رئيس إدارة العلاقة بين الجانبين، هو يسرائيل حسون، أحد قادة المخابرات الصهيونية وهو الشخص الذي اشتهر خلال ثمانينيات القرن الماضي بابتكار أساليب التعذيب الأكثر وحشية التي مارستها المخابرات الصهيونية في التحقيق مع الأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية، على الرغم من أن حسون لا يشغل منصباً رسمياً، وهو مجرد نائب عن حزب "كاديما".
يتجندون لتأمين غطاء دولي لنظام السيسي
لقد كان يوسي ميلمان معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة "البوست" الإسرائيلية دقيقاً في توصيف حجم التحركات الدبلوماسية التي تعكف عليها حكومة نتنياهو في سعيها لتأمين غطاء دولي لنظام السيسي العسكري. وأشار ميمان إلى أن "إسرائيل" تحركت لدى كل من كل من واشنطن وبعض العواصم الأوروبية؛ بهدف إقناع حكومات هذه العواصم بعدم المسارعة في المبالغة في التنديد بالمجازر التي ارتكبها السيسي، حيث أشار ميمان إلى أن "إسرائيل" تعمل سراً وبالاستعانة بأصدقائها وتوظف جهود دبلوماسية ومصادر تأثير أخرى حتى لا تقدم الحكومات الغربية، وتحديداً الولايات المتحدة على التنديد باستخدام الجيش المصري القوة ضد الإخوان المسلمين، حيث حرصت الدبلوماسية الصهيونية على اقناع الدول الغربية على عدم وصف ما يجري في مصر بـ"المذبحة".
ليس فهذا فحسب، بل إن ميلمان أشار إلى أن "إسرائيل" تخشى من إضعاف مكانة حكم وسلطة قيادة العسكر في مصر بسبب التنديد العالمي، على اعتبار أن هذا قد يعزز من معنويات الإخوان المسلمين ويدفعهم لمواصلة النضال حتى النهاية، ويضفي المزيد من التطرف على موقفهم الرافض لحل سياسي للأزمة، مع العلم أن فرص تحقيق هذا الحل ضئيلة، حتى بمعزل عن مواقف الإخوان.
دعوة للاقتداء بالسيسي في تنفيذ مجازر ضد الفلسطينيين
لقد كان من الواضح أن الصهاينة لم يحتفوا فقط بدون أي تردد بالمجازر التي يرتكبها السيسي ضد أبناء شعبه، بل إنهم اتخذوا من هذه المجازر مسوغاً لمطالبة المستويات الأمنية لديهم بأن تقتفي آثار السيسي في ارتكاب مثل هذه المجازر ضد أبناء الشعب الفلسطيني، وعدم إبداء أي حرص على حقوق الإنسان في أي مواجهة عسكرية مستقبلية بين "إسرائيل" والعرب. فقد قال المعلق الصهيوني دان مرغليت المقرب من نتنياهو تعليقاً على مذابح السيسي: "إن كان جيش عربي يقتل شعبه على هذا النحو، فلماذا ينتقدونا لقتل الفلسطينيين دفاعاً عن انفسنا"، في حين أن النائبة الصهيونية الليكودية تسفي حوتبلي قد مازحت وزير الحرب موشيه يعلون في جلسة لكتلة حزب الليكود البرلمانية، قائلة: "لو كنت مكانك لدعوت السيسي لإعطاء المؤسسة الأمنية دورات في مجال مكافحة الإرهاب". وقد اتخذ الوزير الصهيوني نفتلي بنت من مذابح السيسي مبرراً لمهاجمة الذين انتقدوه بعد تصريحهاته الأخيرة في أثناء جلسة للحكومة الإسرائيلية بأنه قتل في أثناء خدمته العسكرية الكثير من العرب.
نفتلي بنت، اعتبر أن تجرؤ جيش عربي على قتل أبناء شعبه على هذا النحو، يجعل من حقه وحق ضباط الجيش الإسرائيلي استخدام اقسى درجات العنف في أثناء المواجهات الحربية مع العالم العربي. ومن اللافت أن معظم القادة الصهاينة الذين احتفوا بمجازر السيسي هم تحديداً من النخبة اليمينية المتطرفة، فهذا بنحاس فلنشتين من قادة المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، يوجه انتقادات حادة لقيادة جيش الاحتلال في الضفة الغربية، ويقول: "يجب اتباع طريقة السيسي من أجل اجبار الفلسطينيين على عدم القاء الحجارة علينا". من المفارقة أن الصهاينة، وتحديداً قادة اليمين الديني الذين يحتفون بمجازر السيسي ضد أبناء شعبه، هم تحديداً الذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها عندما امسكت الشرطة بإذن عمير قاتل رابين في أثناء مطاردته، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على دور السيسي في إرخاص الدم العربي في نظر الصهاينة. وحتى المتخلف موشه دهان من قادة حركة شاس، وأحد نوابها في البرلمان الصهيوني الذي كثيراً ما كان يصف العرب بالصراصير، قد حول برنامجه في راديو الحركة إلى مناسبة لمدح السيسي، والتأكيد أنه هذا ما يتوجب على قادة الجيش الصهيوني التعلم منه، في حربهم ضد الفلسطينيين.