الغاز والسياسة في سورية
أبو مالك
الأخوة الأعزاء في منتدى يابلادي......
حتى لاننخدع.... في المقابلة أكاذيب وتشويه للحقائق.... والقول بالتغاضي عن
موقف الشعيبي من الثورة السورية ونعت كلامه بأنه "منطقي" و"حقيقي" أقله "ظلم"
... وما توقفت عند هذا الوصف وعدم الاسترسال إلا احتراماً للأخ المرسل. فموقف
الشعيبي ونظريته الخرقاء سياسية هدفها دعم النظام... حتى لو تطلب الأمر قوله
بأن الشمس تشرق من الغرب لفعل.
اسمحوا لي أن أقحم نفسي في هذا الموضوع دون دعوة، وأسوغ لنفسي هذا الاقحام
بمسوغات كثيرة، أهمها أنني كنت المسؤول عن إصدار التقرير السنوي للنفط والغاز
في الشرق الأوسط لسنوات طويلة، ولدينا الملفات الكاملة لكل دولة في المنطقة،
بما في ذلك مناطق أخرى مثل اسرائيل وغزة، والتي تشمل كل التطورات والدراسات
والقوانين، يوماً بيوم.
1- كل من يدّعي أن هناك احتياطيات ضخمة مؤكدة من النفط والغاز في منطقة
الساحل السوري كاذب ولم يتم إجراء مسح سيزمي في المياه العميقة حتى الآن.
2- نظراً لاكتشافات الغاز أمام السواحل المصرية والفلسطينية، ونجاح
اسرائيل في استخراج الغاز مؤخراً ، فإن هناك اعتقاداً شائعاً، بدون أي اثباتات
قاطعة، أن الأمر ينطبق على كل شرق المتوسط.
3- تكلفة إنتاج الغاز من أعماق المتوسط عالية وتكاد تبلغ ضعف تكاليف
إنتاج الغاز في الولايات المتحدة ومنطقة الخليج. والضرورة الأمنية لإسرائيل ،
تلعب دوراً في استخراج هذا الغاز بغض النظر عن وجود بدائل أقلِّ كلفة.
4- الصراع حول الغاز والنفط في سورية هو دعاية حكومية لإقناع المغفلين
أن ما يحدث في سورية لا علاقة له بالحرية ، وإنما للسيطرة على الغاز السوري.
والشعيبي معروف عنه أنه بوق من أبواق النظام، من الذين دعموا مشروع قتل النساء
والأطفال وهدم المساجد على رؤوس المصلين.
5- من المضحك أن حكومة بشار الفسد "انبطحت" و"استجدت" النظام
العالمي بشركاته العالمية للاستثمار في المربعات البحرية ولكنها فشلت مرتين....
فإذا كان الأمر يتعلق بالسيطرة على حقول الغاز، لماذا رفضت الشركات العالمية
ذلك العرض ... رغم كل المغريات ؟ حتى الشركات الروسية لم تشارك. لقد قـُدِّم
الغاز السوري على طبق من ذهب ، ومع هذا رفضوه. لماذا؟ هناك اعتقاد شائع بين كل
الخبراء أن العقود التي تقدمها حكومات ديمقراطية هي أقل جاذبية من العقود التي
تقدمها حكومات ديكتاتورية... هذا يعني أن الشركات لديها معلومات بعدم وجود
الغاز بكميات تجارية، وهو الأرجح.
6- حديثه عن خط أفغانستان - سورية ضرب من الخيال خاصة أن غاز
إيران موجود في منطقة العرب في عربستان ويبعد عن الخط المزعوم مئات الأميال
بينهما جبال شاهقة، ولا يوجد أي غاز في أفغانستان. وحتى الآن لم يتم اكتشاف غاز
غير مصاحب في العراق، وكل التقديرات تشير إلى أنه في حال استتباب الأمن في
العراق فإن العراق سيستخدم كل الغاز المصاحب ولن يصدر شيئاً.
7- حديثه عن أوباما والصين تحريف لما قيل وتحريف للحقائق
التاريخية... وكما تعلمون فإن مثل هذا التحريف يعاقب عليه أكاديميا...
فالاستثمارات الأمريكية في بورما قديمة ، حتى قبل ظهور الصين كقوة عظمى ، وما
قاله أوباما يتعلق بأنابيب الغاز في بورما وتشجيع الاستثمارات الأمريكية فيها.
بورما هي النمر الخامس.
8- هناك أدلة كثيرة على أن الحكومة الأمريكية سعيدة
باستثمارات الصين النفطية والغازية ولم تمانع على الإطلاق وصول الغاز من
تركمانستان للصين، كما أن الحكومة الأمريكية تخلت تقريبا عن كل عقود تطوير
العقود النفطية في العراق للشركات الصينية....! إن الصين تطور حقول النفط في
كل الأماكن التي لا يمكن أن تقوم بها الشركات الأجنبية بتطوير النفط لأسباب ،
بعضها أخلاقية (مثل جنوب السودان وبعض الدول الافريقية واللاتينية). ولما حاولت
الصين شراء شركة يونيكال ، منعتها أمريكا، ومن يومها لا تقوم الصين بدخول بلد
أو بشراء شركات إلا بموافقة البيت الأبيض... آخرها كان شركة نيكسن الكندية.
9- طالما أن الحديث عن الغاز، فإن ما ينظر إليه النظام في
دمشق على أنه "مصيبة" يتمثل في أن كل اكتشافات الغاز الجديدة تمت في المناطق
السنية الداخلية. وإذا كان "الغاز" هو سبب المعارك والحروب كما يقول الشعيبي،
وأخذاً بهذا المنطق، نعرف سبب الدمار الهائل الذي سببه النظام القرمطي في حمص
وضواحيها... فهو يريد السيطرة على منابع الغاز.... مع خلق منطقة عازلة خالية من
السكان.
10- إذا كان النظام العالمي يرغب في السيطرة على سوريا لبناء
أنابيب الغاز والنفط من خلال الخرب الحالية، فإن هذا يتنافى مع حقيقتين:
1. الأولى وجود خط الغاز العربي الذي يخترق سوريا من جنوبها إلى شمالها
والذي تم بدعم عالمي، وبإشراف عالمي.
2. يتنافى ذلك مع قول الشعيبي بأن هدف الغربيين تقسيم سوريا. فإذا تقسمت
سوريا، ما مصير هذه الأنابيب. بعبارة أخرى، إذا كان الغرب يفعل ما يفعل من أجل
أنابيب الغاز، فإن ذلك يتطلب بالضرورة وحدة سوريا من جهة، واستتباب الأمن فيها
من جهة ثانية.
11- أخيرا : إنّ انخفاض تكاليف تسييل الغاز وإمكانية استيراده عبر
سفن يمكنها تحويله إلى غاز على ظهر السفينة، ثم انتقال السفينة من منطقة لآخرى
بدأ بمنافسة أنابيب الغاز، خاصة أن هذا الأسلوب يتلافى كل المشاكل السياسية
وينقل الغاز إلى الأماكن التي تريدها مباشرة . إنّ تكاليف هذا الغاز حاليا -
مع حساب المخاطر السياسية - أقل من تكاليف إنتاج الغاز من شرق المتوسط ونقله
بحراً وبراً عبر أنابيب.
باختصار ، يرجى تقييم ماقاله الشعيبي على أساس أنه ترويج لأفكار النظام.
والله من وراء القصد