لماذا نجحت الثورة التونسية بلا عراقيل وتبعتها مصر وليبيا وتعثرت في سورية ثُمّ ؟!!!

مؤمن محمد نديم كويفاتيه

لماذا نجحت الثورة التونسية بلا عراقيل

وتبعتها مصر وليبيا وتعثرت في سورية ثُمّ ؟!!!

مؤمن محمد نديم كويفاتيه

[email protected]

لم يكن الغرب وأمريكا المتآمرين على الدوام على الشعوب العربية والإسلامية يطمحون بقيام ثورة على أُجرائهم وعمّالهم من الطغاة المستبدين الذين افقروا شعوبهم وأذلوهم وجعلوهم عبيداً لهم ، وشحنوا خيرات بلادهم اليهم ، وكانوا كلاب حراسة لهم كسيء العابدين بن علي ، الذي جعل من تونس ماخوراً يأتون اليه ، فيُفرغون لذّاتهم فيه ، إضافة الى اخضاع الشعب لرغباتهم ومحاربة الدين وهذا كان شعار ابن العابدين الأحقر ، بينما القذافي المعتوه الأجرب الذي أخذ على عاتقه حماية السواحل والبحر المتوسط كجاسوس وعميل ومخبر بالتكاليف الباهظة من حساب الشعب الليبي ، الذي أفقره بمغامراته وهباته ، لمنع وصول المهاجرين الأفارقة الى أراضيهم ، وكان قد هدد صراحة عند حصاره بتخليه عن مسؤولياته وحماية واستقرار اسرائيل ، وأنه سيكشف المخبّى بينهم ، بعدما شهدنا بلسكوني ايطاليا كيف يُقبّل يديه بكل ذلّ ومهانة لما دفعه له من الرشا ، بينما حسني مبارك بأجهزته الأمنية التي كان يُسخرها لحماية مصالح اسرائيل ، والتضيق على الجار الفلسطيني ، ورهن البلد للخارج ، حتى صارت الصلة بحماس تهمة ، وباسرائيل صلة أرحام ، عدا عن الفساد الذي زرعه وعشعش في كل مؤسسات الدولة ولكن هذا الغرب وأمريكا الذين رأوا قوّة التعبئة ضد هؤلاء الحكّام ، وقوّة انفجار الشعوب على حالة الكبت والظلم المهولة التي يعيشونها بفعل إملاءاتهم على أزلامهم العبيد من الحكام ، والتي لن يستطيعوا إيقافها أو التصدّي لها لما سيترتب على ذلك من عواقب وخيمة عليهم بمواجهتها ، ومد أسباب بقاء الأنظمة لاستمرارها ، كما فعلت فرنسا ساركوزي مع بداية الثورة التونسية عندما أرادت أن تحمي نظام سيء العابدين الذي أمدته بأدوات القمع ، ثم اضطرت مرغمة للاعتذار ومراجعة الموقف ، عندما رأوا صوت الشعوب الهادرة من كل مكان ، من خلال التظاهرات الضخمة ، وشبكات التواصل الاجتماعي ودوائر الاستطلاع ،فقرروا ركوب الموجة لتفريغ الشحنات ، ومن ثم التدبير لإفشال آمال الشعوب ، ولن يستطيعوا على ذلك إذا مافوتت الشعوب المعنية وقواها السياسية الفرصة عليهم بالتوافق ، وإذا لم يسمحوا بدخول المندسين عليهم والأجراء والفلول ، وإذا ماكانوا صفاً واحداً للحماية الأوطان ومنعتهم من الاختراق ليؤسسوا الدولة القوية المُهابة ذات القرار الوطني الخالص ، وإذا مابقي تآذر الثورات الثورات مع بعضها البعض لتعطي الزخم الجماهيري على مساحة الوطن في النصرة والدعم ، فأي من الاشتراطات تحقق ، بالطبع القليل منها فقط ، ورأينا كيف عادوا في مصر وو واليكم التفصيل

فالثورة التونسية لم يكن وهجها تونسياً فحسب ، بل العالم العربي بأجمعه قد شارك في مناصرتها ، وهتف لها العالم كلّه من قلب صادق ، ولاسيما مصر التي كانت تعاني من القبضة الأمنية البشعة ، والفساد المستشري من باب اطلب الخير لجارك بصير بدارك ، وهذا الذي حصل ، وهذا كله أحدث ضجيجاً ورأيا قوياً نحو التغيير لايمكن لأحد مقاومته ، ثم جاءت الثورة المصرية وبالطيع لاقت نفس الصدى العالمي الضخم وأُبعد الفرعون المباركي لكن بقي العسكر هم الحاكمون والعابثون بمقدرات مصر ، بسبب الخلافات البينية بين الأطراف السياسية المصرية بتغذية من هذه السلطة الأمنية القمعية الفاسدة ، وكان عليهم أن يضعوا خارطة طريق يتفقون عليها ، وإنشاء دستور جديد مُجمع عليه ، ومن ثُم الدخول بانتخابات مع أي استبعاد لأي طرف من المعادلة السياسية ، والعمل على تكريس الديمقراطية بمنهجية مُلزمة للجميع ، ومن خلال هذا التعاون يتم تنظيف مؤسسات الدولة وعلى رأسها القضاء من الفلول ، وتطهير الجهاز الأمني القمعي من كل الفاسدين ، ومحاكمة المتجاوزين ، وتقديم المشاركين بدماء الشعب المصري الى العدالة ، بعد تطهيرها من الآثار المباركية وعلى رأسها النائب العام الذي كان متفق على محاكمته وليس إزالته فحسب ، ولكن السياسة الرعناء من كل الأطراف أدّت في البلاد وكأنك يابو زيد ماغزيت ، وعودة الحكم البائد بكل رموزه والمزيد من التضحيات مع وجود الانقسام ، والأخطر من ذلك إلتهاء مصر الثقل العربي بنفسها ، ولم تلتفت لليبيا قيد أمّلة ، ولولا أن هناك مصالح متعارضة مع الثوّار الليبيين لإسقاط المعتوه القذافي لدخلت ليبيا ببحور من الدماء ، مثل الذي تعاني منه سورية اليوم ، التي تخلّت عنها كل القوى السياسية ، وتركوها فريسة الأطماع والمخططات ، فلم تكافئ تونس ومصر السوريين بما منحهما الله من المنّة والفضل ، لتعود الدائرة عليهم ، فلقد أخطئوا الاستراتيجيا ، وضلّوا الطريق ، وأحبطوا من همم الجماهير ، بعد عودة الفلول من جديد ، ولو أنهم وضعوا جهدهم في خدمة الثورة السورية التي تشق طريقها بكل اقتدار الى النصر بإذن الله مع كل هذا التخلي وتركها وحيدة ، لبقي الصوت عالياً ، ولكانت سورية اليوم محررة بأقل من كل هذه الخسائر الكبيرة التي تكبدتها بأرواح أبنائها ألأطهار ولكان السوريين اليوم الى جانب ثورتهم ، ولبقي الصخب العربي عالياً ، متنقلاً الى بقية الدول المارقة كالجزائر والعراق ولبنان الأسوأ الباقين في العالم ، ولما تجرأ الإنقلابيون على فعلتهم في مصر ، مادامت الصحوة موجودة ، ولكان الوضع أفضل بكثير مما هو عليه اليوم ، ومع ذلك فنحن لازلنا وسنبقى مع الشعوب في حريتها وكرامتها مهما كلفنا ذلك من التضحيات ، ولن نتخلّى عنّ الفرقاء مهما أساءوا لنا، ولاعن قضايا أمتنا العادلة ، وعشتم وعاشت أمتنا بخير ، والنصر القريب بإذن الله لشعبنا السوري العظيم.