السلاح الكيماوي.. ملاذ الأسد الأخير لوأد المقاومة في حرستا

السلاح الكيماوي..

ملاذ الأسد الأخير لوأد المقاومة في حرستا

محمد الشامي

مسار برس (خاص) - ريف دمشق

بينما المجتمع الدولي منهمك في ترتيب أوراقه والتجهيز لمؤتمر جنيف 2، اتخذ النظام في ما يبدو قراره بمواجهة كتائب الجيش الحر بالسلاح الكيماوي على نطاق واسع، وهو السلاح الذي طالما خبّأه للأيام الصعبة. ومدينة حرستا التي تقع على مشارف دمشق كانت في ليلة الأحد 26/5/2013 شاهدة على ذلك. فرغم القصف المستمر الذي استهدف المدينة على مدى شهور، إلا أنها استعصت على قوات الأسد وجعلتها تقف عاجزة أمام مقاومة الجيش الحر، ما جعل النظام يمطرها في تلك الليلة بقذائف من نوع آخر.

يؤكد مراقبون أن وتيرة استخدام السلاح الكيماوي في ريف دمشق بدأت ترتفع بشكل ملحوظ مؤخرا، فقد استخدم في أواخر شهر 3/2013 في بلدة العتيبة على تخوم الغوطة الشرقية، كما استخدم في عدرا والبحارية، وفي حي جوبر الدمشقي، ومن ثم حرستا، وكل تلك المناطق يجمعها شيء واحد.. أنها كانت دوما عصية على الاقتحام. ويجمع الناشطون على أن المواقع التي قصفت بالكيماوي من قبل قوات الأسد في معظمها كانت نقاط تمركز للجيش الحر، إلا أن القذائف التي تستخدم هي ذات تأثير جغرافي واسع ولا تفرق بين مدني وعسكري.

النظام يستخدم الكيماوي بعد عجزه عن استعادة حرستا

بعد أن سيطر الجيش الحر يوم الثلاثاء 21/5/2013 من خلال هجمات مباغتة على الحواجز العسكرية الواقعة على الأوتوستراد الدولي بحرستا، حاولت قوات الأسد استعادة السيطرة عليها بشراسة، وذلك بسبب أهميتها الاستراتيجية وكونها تقطع شريانا رئيسيا يصل العاصمة دمشق بالشمال السوري.

قصفت قوات الأسد والمليشيات الموالية لها المدينة على مدار 5 أيام بشكل عنيف مستخدمة المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ، لكن كتائب الجيش الحر تمترست بالحواجز العسكرية واستطاعت صد المحاولات المتكررة لاستعادة المدينة مبدية مقاومة صلبة ومعتمدة على حاضنتها الشعبية في المنطقة.

وفي مساء يوم الأحد 26/5/2013 اتخذت قوات الأسد قرارا بقصف المدينة بالصواريخ الكيماوية، حيث توزع القصف على المناطق القريبة من الحواجز العسكرية المحيطة بالأوتوستراد الدولي، وعلى مناطق أخرى داخل المدينة، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء وعشرات الإصابات بين العسكريين والمدنيين.

مراسل "مسار برس" في الغوطة الشرقية التقى بعض أهالي مدينة حرستا، حيث قالوا إن الصواريخ التي سقطت في تلك الليلة كانت تحمل رؤوسا غريبة بالنسبة لهم، رؤوس لا تنفجر بعد ارتطامها، بل تصدر صفيرا ناتجا عن تفريغ شحنة غازية مضغوطة داخل القذيفة. ويقول خبراء عسكريون إن القذائف كانت تحمل غاز "السارين Sarin" السام، وكانت القذيفة الواحدة تغطي مساحة تزيد عن 2 كلم مربع بذلك الغاز القاتل الذي ليس له لون ولا رائحة.

ما دلل على استخدام "السارين" في حرستا هو ظهور الأعراض التقليدية له على المصابين، ومن أهم تلك الأعراض الاختلاجات والسبات، والرجفة وضيق التنفس، وغباشة في الرؤية وانعدامها عند البعض، وهلوسة وفرط تعرق وتقيؤ، وهي الأعراض التي تظهر على المصابين بهذا النوع من الغاز، والذي يمكن استخدامه أيضا لتسميم الماء والطعام، وينتقل بسهولة حتى عن طريق الملابس.

وقد وصلت الحصيلة غير النهائية لضحايا القصف الكيماوي في حرستا حتى اللحظة إلى 6 شهداء و72 مصابا، بينما لا يزال العدد مرشح للازدياد.

وتبقى تساؤلات كثيرة لدى الأهالي والنشطاء، هل استخدام السلاح الكيماوي في ريف دمشق ومؤخرا في حرستا هو مقدمة لاستخدامه على نطاق جغرافي أوسع، وبكميات أكبر؟ هل هو اختبار لصمت المجتمع الدولي؟ أم هو تمهيد لمفاوضات مؤتمر جنيف 2 التي ستضع المعارضة السورية بين مطرقة غاز السارين وسندان الدول الغربية؟