التدخل المباشر لحزب الله في معارك القصير
إبراهيم العلبي
مسار للتقارير والدراسات
مرجع شيعي لبناني: تدخل حزب الله في سوريا سياسة تدميرية وانتحارية، وأوروبا تعتزم إدراج حزب الله على قائمة الإرهاب
النظام وحزب الله ومعضلة القصير .. أهمية استراتيجية وبحث عن إنجاز سريع استباقا لأية مفاوضات مقبلة
تداعيات تدخل حزب الله
دعا رئيس الائتلاف السوري المعارض بالإنابة جورج صبرا يوم الأربعاء كل كتائب الجيش الحر إلى "نجدة القصير" التي تتعرض منذ أيام لهجمات متكررة من قوات النظام مدعومة من حزب الله بشكل مباشر وميداني. كما طالب صبرا بفتح "ممر انساني" إلى مدينة القصير، ودعا مجلس الأمن الدولي إلى عقد "اجتماع طارىء" للبحث في الوضع في محافظة حمص في وسط سوريا.
في حين اعتبر المرجع الشيعي اللبناني علي الأمين تدخل حزب الله في سوريا أمرا مرفوضا وسياسة تدميرية وانتحارية، وأنه سيزيد الاحتقانات الطائفية في المنطقة. وقال في مقابلة مع الجزيرة إن معارك حزب الله في سوريا ستجعل حزب الله يخسر الكثير من مصداقيته وسيكون لها انعكاسات سلبية على لبنان والمنطقة.
وقد طالبت كتلة تيار المستقبل النيابية في لبنان رؤساء الجمهورية ميشيل سليمان والبرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالتحرك العاجل لوقف مشاركة حزب الله في ما وصفته بجرائم يرتكبها إلى جانب النظام السوري في منطقة القصير.
أما بريطانيا فقد قدمت طلبا للاتحاد الاوروبي يقضي بإدراج الجناح المسلح للحزب على قائمة المنظمات الإرهابية، وهو طلب موضع الدراسة حاليا، في حين كررت الولايات المتحدة موقفها الذي يعتبره منظمة "إرهابية" لا فرق بين جناحيه العسكري والسياسي.
وقال أحد الديبلوماسيين الأوروبيين "نأمل التوصل الى اتفاق لإدراج الجناح المسلح لحزب الله على قائمة المنظمات الارهابية بحلول نهاية حزيران".
وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما أبدى الاثنين في اتصال مع نظيره اللبناني ميشال سليمان، قلقه من مشاركة حزب الله في المعارك داخل الأراضي السورية. وذكر باتريك فونتريل المتحدث المساعد باسم الخارجية الاميركية في بريد إلكتروني أن إدارته "قلقة من الأفعال التي يرتكبها حزب الله خصوصا حملته الإرهابية في العالم ودعمه الحاسم لنظام (بشار) الاسد". وأضاف أن "التصدي لأنشطته كان وسيظل على رأس أولوياتنا".
وقال مسؤول رفض كشف اسمه لصحافيين رافقوا وزير الخارجية الاميركي جون كيري في مسقط أن "مشاركة حزب الله في المعارك في سوريا هي المشاركة المباشرة الأكثر بروزا، وقد علمنا بأن هناك أيضا إيرانيون في هذه المنطقة".
وندد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس بالدعم العسكري المقدم من حزب الله إلى قوات النظام السوري في معركتها للسيطرة على مدينة القصير السورية.
وقال أردوغان ردا على سؤال لأحد الصحافين عما إذا كان يعتبر تدخل قوات النخبة في الحزب في معارك سوريا "تدخلا أجنبيا"، "أنا من هذا الرأي تماما". وأضاف "في سوريا هناك قوى أخرى وليس فقط حزب الله"، في إشارة إلى إيران.
وأوضح رئيس الوزراء التركي خلال مؤتمر صحافي في مطار إسطنبول بعيد عودته من زيارة استمرت أياما عدة إلى الولايات المتحدة "يجب على وسائل إعلام العالم أجمع أن توضح ما هي المنظمات الناشطة حاليا في سوريا وما هي البلدان الداعمة لها". وتابع "أولئك الذين يعتبرون الدعم اللوجستي المقدم من تركيا للمعارضة السورية تدخلا أجنبيا لا يقولون الأمر نفسه إزاء تدخل حركات تشارك في المعارك".
واشتعلت جبهة طرابلس مجددا، وأدت حدة الاشتباكات الضارية على محاور القتال بين جبل محسن وباب التبانة في طرابلس إلى سقوط 11 قتيلا و50 جريحا. وقد وصل الرصاص الطائش إلى مناطق بعيدة عن محاور الاشتباك، ما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى. ويرى رياض رحال النائب اللبناني عن المستقبل أن المعارك في منطقة القصير في سوريا هي التي أشعلت جبهة طرابلس.
تفسير التدخل المباشر لحزب الله في معارك القصير
يقول أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية وضاح شرارة: إن حزب الله يشارك في معركة القصير "لأن هذه المدينة هي البوابة التي يعبر من خلالها الرجال والسلاح في اتجاه شمال لبنان، ومنه الى سوريا".
ويضيف مؤلف كتاب "دولة حزب الله" إن "طرابلس (كبرى مدن شمال لبنان) هي معقل للمعارضة السنية، وعبر إغلاق هذا الباب، يتمكن (الحزب) من إضعاف خصومه اللبنانيين".
واعتبر مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية بسام أبو عبد الله أن استعادة القصير تمثل أهمية بالنسبة للنظام لكونها "إحدى أخطر طرق الامداد (للمعارضة) لأسباب عدة: أولها موقعها في المنطقة الوسطى من سوريا واتصالها بالطريق الساحلي واتصالها بحماة وإدلب وحلب، ويبدو أنها كانت تشكل غرفة عمليات أساسية"، إضافة إلى "سهولة التواصل مع الأراضي اللبنانية والحدود المفتوحة". وأضاف أن أحد جوانب معركة القصير يدخل في إطار المؤتمر الدولي الذي دعت إليه واشنطن وموسكو سعيا للتوصل إلى حل للأزمة بمشاركة ممثلين للمعارضة والنظام.
وقال لفرانس برس إن "الصراع السياسي يتم أيضا على الأرض، ولا بد من معطيات ميدانية وعسكرية لإقناع الطرف الآخر (المعارضة السورية وداعميها) بأن مشروعه فشل".
ويرى رياض رحال النائب اللبناني عن تيار المستقبل أن هناك مخططا لإقامة الدولة العلوية، متسائلا: "لماذا اختاروا القصير؟ فحلب لم يهتم بها النظام السوري كاهتمامه بالقصير". مفسرا ذلك بأن القصير تشكل ممرا لقواته وتصل البقاع بسوريا مع حزب الله.
مدير مركز الشرق الأدنى والخليج للدراسات العسكرية رياض قهوجي يعتقد بأن هذه المعركة أساسية للنظام وحزب الله لأنها تربط مناطق نفوذ الأخير مع مناطق نفوذ النظام على الساحل الغربي، وهي ستكون الممر بين دمشق والساحل.
ويرى قهوجي أن النظام وحلفاءه شعروا أنهم في سباق مع الحراك الدولي الباحث عن حل سياسي للأزمة، وهم يسعون لتحقيق إنجازات ميدانية تسبق أي مؤتمر دول أو لقاء قمة بين موسكو وواشنطن، وأضاف: "إنهم يجهدون لإنجاز أي اختراق لتعزيز دور النظام في أي مفاوضات مرتقبة".
وختم قهوجي أن النظام من دون حزب الله ما كان ليحقق أي إنجاز وما تركيزه على جبهة القصير إلا "لدور حزب الله الحاسم فيها وعدم وجود أي منفذ لدى الثوار". ولفت إلى أن باقي الجبهات حدودها مفتوحة وتمكن الثوار من الحصول على مساعدات ودعم في العتاد.
المصادر
وكالات
الجزيرة نت
العربية نت
المستقبل اللبنانية
السبيل الأردنية
إيلاف
الإمارات اليوم