أمن الدولة
أمن الدولة
أ.د. حلمي محمد القاعود
قبل فترة قام نفر من الإسلاميين والمواطنين بوقفة عند مقر أمن الدولة في مدينة نصر نتيجة لعودة الجهاز إلي بعض ممارساته قبل الثورة. الوقفة لم تعجب أرامل مبارك وأنصار الدولة البوليسية الفاشية;
فراحوا يشهرون بالمحتجين علي ممارسات الجهاز, والتغزل في أهميته والتصدي لمن وصفوه بجوانتانامو مصر.
أحدهم وصف المشاركين في الوقفة بالحشد القادم من كهوف أفغانستان في لحي كثة, وجلابيب قصيرة, وزعم أنه جري اقتحام المقر علي مرأي من قوات الجيش المكلفة بحراسته, نصير مبارك لم يغضب لاقتحام قصر الاتحادية والتآمر علي الرئيس وخلع باب القصر بالونش وقتل عشرة أشخاص أمام هذه البوابة. ولم يغضب لاقتحام دار القضاء العالي لإطلاق الناشطين الذين يسبون الرئيس والإسلام والإسلاميين, ولم يغضب لاقتحام مكتب النائب العام وتهديده وإرغامه علي تقديم استقالته, ولم يغضب لإحراق مقار الإخوان والأحزاب الإسلامية, ولم ير في ذلك تهديدا للدولة وإسقاطا لبنيانها, هو مشغول بالوفاء للمخلوع والدفاع عمن روعوا الأطفال والأمهات والآباء في جوف الليل لأنهم يقولون ربنا الله.
انصار مبارك يدافعون عن القمع والقهر والذل, ويرون أن استمرار الجهاز القمعي ضرورة من أجل مصالحهم غير المشروعة, في مواجهة الثورة التي طالبت بجهاز أمني جديد يتم فيه تغيير أمن الدولة تغييرا كاملا بعناصر جديدة تماما لم تتلبسها عقيدة السيادة فوق الشعب وتعذيب الأبرياء وانتهاك الحرمات وفرض الإتاوات علي المصالح والمؤسسات وترويع الآمنين, فضلا عن محاربة الإسلام والمسلمين. هذا الجهاز طوال عمره وعلي تعدد مسمياته لم يقدم قضية حقيقية تتعلق بأمن الدولة. كانت أجهزة أخري هي التي تكشف قضايا الجاسوسية والتآمر. أما هذا الجهاز فقد تفرغ للهيمنة علي وظائف الدولة ومفاصلها, وتعيين الخفير والوزير.
إن تقويض الدولة يكمن في بقاء هذا الجهاز بعناصره التي لم تحاسب علي جرائمها بعد, وتصرعلي استعادة نشاطها الإجرامي القديم. وواجب الوقت إنشاء جهاز جديد تماما بعقيدة تتفق مع الدستور الجديد في ظل لجنة قضائية تابعة لمجلس القضاء الأعلي تتولي مراقبته وتمنعه من الانحراف والتجاوز.