وجهة نظر علوية جديدة .. ومختلفة ايضاً

من السويدية:

وجهة نظر علوية جديدة .. ومختلفة ايضاً

محمد إقبال بلو

يرى الرجل أنها على حد قوله (خريطة) أي مؤامرة اشتركت بها الكثير من الحكومات والأنظمة ومنها النظام السوري أيضاً , والهدف منها تدمير سورية إرضاء لإسرائيل ويتهم الحكومة التركية والنظام السوري وأمريكة والسعودية وقطر , ويرى أن الكل متفق على كل ما يجري من أحداث , كما يؤكد على أن كل من ذكر أصدقاء ولا توجد بينهم أيه عداوة أو خلافات بما فيهم إسرائيل.

سافرت من أنطاكية إلى استانبول بالطائرة واضطررت للعودة بإحدى الحافلات بسبب حقيبة أحملها تحتوي على أشياء لا يسمح بنقلها بالطائرة , وفوجئت بأن الحافلة فيها اكثر من أربعين مسافر معظمهم من علويي أنطاكية واسكندرون , جلس محمد علي على الكرسي المجاور لي وجلست زوجته وابنه على مقعدين خلف مقعدينا , وطرح السؤال الأول منذ اللحظة الأولى : هل أنت مخالف ( أي معارض ) أم أنك مع بشار الأسد؟ نظرت حولي وأيقنت أنه لامفر من جواب مناسب لحالة كهذه , أجبته : أنا أرى أن الكل يسيؤون لــ سورية ويسهمون في تدميرها , وكل طرف لا يقل سوء عن الآخر , وشعرت أنه اعتبر هذه الإجابة بداية طيبة.

وبدأ الرجل بالحديث وأنا أهز رأسي بالموافقة على معظم ما يقول : منذ أن اتفق النظام السوري مع الحكومة التركية على نزع الألغام المزروعة عند الحدود شعرت أن المسألة تتعلق بشيء مستقبلي , وأرى الآن كيف يتدفق مقاتلون أجانب عبر الحدود السورية التركية إلى الداخل السوري , بما أن أمريكة تقول عنهم إرهابيين وبما أن الحكومة التركية لا ولن تقوم بأي تصرف إلا بمشورة أمريكية فلماذا يسمحمون لهم بالذهاب للقتال إلى سورية , يستطيعون بكل بساطة أن يضبطوا الحدود او لا يسمحون لهم أصلاً بدخول الأراضي التركية لاسيما أن ملامحهم تدلك عليهم ولحاهم تنبئ عنهم , إلا أنني أرى بوضوح أن الكل متفق على السماح للمقاتلين الأجانب بالمشاركة في تدمير سورية ليقوموا فيما بعد بالتدخل المباشر بحجة تطهير سورية من الإرهاب.

يضيف الرجل : لدي معلومات مؤكدة أن تركية تدرب مقاتلي المعارضة السورية على أراضيها , لكن الأهم صديقي , أنها تدرب أيضاً الطيارين السوريين الذين يقومون بقصف المدن السورية بأمر من النظام , وكل ما تراه على الإعلام من تصريحات نارية ضد النظام السوري ومن الجانب السوري اتهامات وتخوين للاتراك , كل ذلك محض كذب لا أكثر.

وأنا لا أتحدث إليك بهذا الكلام لولا أنني أحببتك ورأيتك منطقياً , فلو قلت لي أنك مؤيد لنظام بشار الأسد لعرفتك كاذباً ولما حاورتك , يؤكد محمد وهو رجل من سكان السويدية التي تقع على ساحل المتوسط وتبعد عن انطاكية حوالي العشرين كيلومتراً أن الأمور والأحداث كلها مدروسة ومخطط لها منذ وقت طويل وكل ذلك يصب في مصلحة إسرائيل , كما يعتبر أن سورية تقسمت وانتهى الموضوع إلا أنه جاء بشيء جديد يختلف عن التوقعات التي نراها حالياً وقال : لكن الحصة الاكبر ستكون لإسرائيل التي تحرك كل هذه القوى والحكومات باختراقها لمعظم الأنظمة العالمية.

سألني عن سبب وجودي في استانبول وأكدت له أنني كنت أبحث عن عمل لكنني لم أجد فعدت إلى انطاكية حيث تكلفة المعيشة أقل بكثير منها في استانبول , كان يكفيه ألا أكون مع فريق العارضة ضد النظام لأن يبدأ بنصيحتي بالعمل في انطاكية ولو بتجارة صغيرة وإن لم يوفقني الله في ذلك خلال أسبوع سيجد لي عملاً معه في السويدية لأنتقل إلى هناك فقد أحبني كابنه على حد قوله , طوال الطريق والذي استغرق اكثر من خمسة عشر ساعة كنت أتلقى المجاملات والمشروبات والماكولات منه ومن زوجته التي أعجبت بموقفي من القضية السورية.

يعتبر محمد علي أن كل المقاتلين الذين يقاتلون ضد النظام السوري مقاتلون أجانب تم تصديرهم عبر الحكومات التي ذكرت سابقاً لتدمير البلاد , ويعتقد أن معظم السوريين لا يقبلون بما يحدث ويعتبرونه من اكبر الكوارث التي حلت بهم , أخبرني أنه وكل من يمتلكون الوعي من العلويين في تركية يدركون أن بشار الأسد ليس جيداً , وأن موقفهم ضد المعارضين سببه خوفهم على سورية التي يحبونها ويحبون شعبها وتربطهم به علاقات وطيدة , ويقول كل ما نخشاه أن يهزم بشار الأسد ليأتي من هو اسوأ منه ليحكمكم , فلو استلمت الجماعات الإسلامية الحكم في سورية , صدقني أنكم ستهاجرون أكثر من أيام الحرب هذه , ولن تستطيعوا التأقلم مع تعصبهم الذي لن يوجههوه إلا حسب مصلحتهم وليس حسب ما يقتضي الدين.

مضت الرحلة وانا في أشد ساعات التوتر طوال الوقت , وكل همي أن لا نلتقي بحاجز تفتيش , ليكتشف الجميع أن ما في حقيبتي شيء أحمله معي للثوار , ولم تكن خشيتي من الأمن التركي لأنني أعلم موقفهم مسبقاً , لكن خشيتي أن يكتشف الأربعون علوياً أنني من المعارضة السورية , وحينها قد تبدأ ملحمة تشبيحية لا تحمد عقباها.