بلاغ

حزب الشعب الديمقراطي السوري

بلاغ

عقدت اللجنة المركزية اجتماعها الدوري في أوائل هذا الشهر (أيار 2013 ) . ناقشت فيه التطورات المتعلقة بالثورة السورية وتداعياتها العربية والإقليمية والدولية . فيما يلي أهم الملاحظات والاستنتاجات التي توصلّت إليها :

 1ـ شهد هذا الشهر والشهر المنصرم تصعيداً عسكرياً من النظام ، شاركت فيه على نحوٍ واسعٍ ميليشيات طائفية من حزب الله والعراق ولواء اسكندرون ، تحت اشراف روسي ـ ايراني . اتسم هذا التصعيد بوحشية فاقت التصوّر ، وبالتطهير الطائفي المكشوف ( بانياس وريفها ، جديدة الفضل ، القصير ،) . كما قامت قوات النظام بهجمات واسعة طالت العديد من المناطق الثائرة . رافق ذلك هجوم اعلامي ، كان الهدف منه تحقيق حسم عسكري من شأنه أن يقوي موقعه حين الدخول في التسويات . في المقابل استطاع الثوار صد الهجوم وتحقيق تقدم في العديد من المناطق ( فتح جبهة الساحل ، درعا ،حلب ، حماة ) .

 2 ـ الحدث الابرز الثاني تجلّى في الغارات الإسرائيلية على المواقع العسكرية الهامّة للنظام (الحرس الجمهوري ، الفرقة الرابعة ، قواعد الصواريخ في جبل قاسيون ) ، قبيل لقاء كيري ـ لافروف في موسكو . بصرف النظر عن ردود الافعال والتفسيرات المختلفة لأسباب هذه الغارات ، نعتقد أنّها كانت ضربة أمريكية بيدٍ اسرائيلية . غرضها تليين الموقف الروسي والإيحاء بأنَّهم قادرون على التدخل ، وأنَّ على الطرفين البحث عن مخرجٍ مشترك للأزمة السورية يُنقذ سمعتهما المتدهورة .

 3 ـ على مدى عامين من الصراع مع النظام المتوحش ، أذهلت الثورة السورية بصمودها العالم ، وبانتقالها إلى مواقع الهجوم ، وأجبرته على الانحسار عن مساحات واسعة من الأراضي السورية . هذه الوقائع جاءت مخالفة لتقديرات وتوقعات المجتمع الدولي ، وهي ما تسببت بحرجٍ كبيرٍ له .

 فالدعم العسكري والسياسي من ايران وروسيا للنظام ، ولاسيما على مستوى التسليح والخبرات ، تَحوّل مع الزمن إلى مأزق سياسي حقيقي ، بدأ يطال دورهما ومكانتهما السياسية والأخلاقية . وهكذا أصبحا بنظر الرأي العام شريكين في جرائمه .

 أمّا الولايات المتحدة الامريكية فقد أضاعت الوقت في اختلاق الحجج والأعذار التي تصبُّ في إعاقة الثورة ومحاصرتها بقصد اضعافها . ففضلّت ابقاء النزيف السوري مستمرّاً، دون اكتراث لحجم الفظائع والمجازر المرتكبة بحقِّ الشعب السوري ، وبالتالي انهاك طرفي النزاع ، وإخراج سوريا من معادلة الصراع مع اسرائيل . لكن وبسبب هذه السياسة المستغربة تعرّضت لضغوطات كبيرة من دول الخليج ، ومن الرأي العام ومن أوساط عديدة في الداخل الأمريكي، إلى جانب عبء المسئولية عن المأساة السورية بمعناها الانساني والأخلاقي ، والذي بدأ يمسُّ سمعتها ومصداقيتها ، ويهزُّ مكانتها الدولية ، مما دفعها لإعادة النظر في سياستها تجاه الثورة السورية ، وضرورة البحث عن مخارج لإنهاء الأزمة .

 4 ـ استناداً إلى ما تقدّم ، وفي ضوء لقاء موسكو وما صدر عنه في المؤتمر الصحفي ، نتساءل : هل نحن أمام مرحلة جديدة تشهدها الساحة السورية ؟ . وحيث لاتزال هناك أمورغير معلنة في المباحثات الثنائية ، مما يبقي الطابع العام للمخارج السياسية الجديدة غامضاً . لا تخرج عن اتفاق جنيف في / 30 / 6 / 2012 / .

 نحن في حزب الشعب الديمقراطي السوري ، سبق وأكدنا مراراً أننا دائماً مع المخرج السياسي السلمي للصراع ، وبشرطيه الاساسيين ، وهما ايقاف القتل ، وتنحي الأسد وطغمته عن السلطة ، وهما شرطان نراهما ضروريان لإنجاح المؤتمر الدولي المزمع عقده نهاية الشهر الجاري .

 من هنا نحن نرحب بأي مسعى دولي لإيجاد مخرج يأخذ في الاعتبار هذين المطلبين ، ونتمنّى على أطراف المعارضة وفعاليات الثورة أن تضعهما في مفاوضاتهما مع الأطراف الداعية لهذا المؤتمر . كما ينبغي الوقوف عند مسألة التمثيل الحقيقي للشعب السوري الثائر ، بحيث ينحصر في فعاليات الثورة بوصفها الممثل الحقيقي له، كما يمكن أن ينضم إليها ممثلون عن المعارضة الديمقراطية المنحازة للثورة . ولابد أن نؤكد أيضاً أنَّ أي مخرج سياسي يجب أن يفتح الطريق لإقامة نظام وطني ديمقراطي بصرف النظر عن المراحل التي يمكن أن يمر بها .

 ومن أجل انجاح مؤتمر جنيف ، على أصدقاء الشعب السوري الوفاء بالتزاماتهم ووعودهم بدعم فعاليات الثورة بالإغاثة والسلاح النوعي الضروريين ، لإشعار الأطراف الداعمة للنظام بأنّ أي فشلٍ لهذا المؤتمر ستكون عاقبته هزيمة لها .

* * *

 ختاماً ، على فعاليات الثورة والمعارضة أن تضع في حسبانها احتمال فشل المحاولات الدولية ، وأن تكون يقظة إزاء هذه التحركات التي قد لا تصبُّ في مصلحة التغيير المنشود . وهذا يتطلب منها مزيداً من الوحدة والتنسيق ، وابقاء اليد على الزناد منعاً لظهور التناقضات ، بسبب احتمال ظهور خلاف في الرؤى حول المخارج المطروحة . والحذر من قدرة الدول الكبرى على خلق مثل هذه التناقضات . كما ينبغي التصدّي للممارسات السلبية لبعض الكتائب المسلحة التي أثارت نقمةً واستياءاً في حاضنتها الشعبية ، ولعبت دوراً معيقاً في جهود الوحدة والتنسيق ميدانياً وعسكرياً ، ومارست اشكالاً مرفوضة من التدخل في شئون الإدارة والحياة المدنية ، لأنَّ استمرارها يضرُّ بالثورة ، ويمكن أن يكون موضع استغلال لخلق شرخ بين قوى الثورة وتلك الحاضنة .

 إنُّ شعبنا السوري العظيم الذي قدّم على مذبح الحرية والديمقراطية والكرامة الوطنية عشرات الألوف من الشهداء ومئات الألوف من المعتقلين وملايين المشردين . لا يمكن له أن يفرِّط بمطالبه في الخلاص من ربقة الاستبداد ، وإقامة النظام الوطني الديمقراطي ، وإعادة بناء سوريا الحبيبة على أسس من المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية .

 ــ الرحمة للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للمعتقلين .

 ــ النصر لشعبنا والعودة الآمنة للمخطوفين والمهجرين

 دمشق في / 11/5/2013 / اللجنة المركزية

 لحزب الشعب الديمقراطي السوري