تبّاً لأنظمة تجرّد الأوطان من كرامتها ..

تبّاً لأنظمة تجرّد الأوطان من كرامتها ..

عقاب يحيى

نعم.. نحن من قرون في موقع ردّ الفعل. الأمة كلها وُضعت عارية بلا قدرة على الدفاع عن نفسها.. إلا حالات نادرة، ومتقطعة تمّ إجهاضها..

ـ موقع ردّ الفعل مختلف جوهرياً عمّن يفعل، وتكون لديه مخططاته، ويعرف ما يريد. هنا نحن في موقع المتلقي، والسلبي.. ننتظر ما يقوم به الآخر ـ العدو ـ كي ننهال عليه بوابل الشعارات والبيانات والأقوال..نتعنتر كلامياً ونتراجع واقعيا إلى حضيض المذلة والتبعية، وتأتي يافطة المؤامرة غطاء مبرقعاً أكله عتّ الاستخدام البائس . وكل ذلك بسبب انهيار المشاريع الخاصة بالأمة، وغياب أي رؤية لها خاصة بها، وبسبب رئيس يعود إلى بنية وتركيبة ودور حكامها المسخ أمام العدو، الذئاب في التعامل مع شعوبهم، نهّاشي اللحم البشري، وسارقي قوت وثروات الشعب، وقتلة الأحلام والآمال..

ـ لن يردّوا، والطغمة الحاكمة في سورية أبلغ تعبير عنهم .. تلك التي طعنت آمال الأمة ونحرتها على مذبح تأبيد الحكم، وتحويل الوطن إلى مملكة للرعب، والارتزاق، والمقايضة، وإظهار منتهى" الشجاعة" المعبأة بالحقد في مواجهة مطالب الشعب، وأقصى درجات الخنوع والجبن والانتهازية في التعامل مع العدو واعتداءاته المتكررة وهو يدوس على حرمة الأوطان، وعلى جميع ادعاءاتهم الساقطة، وشعاراتهم التدليسية ..

****

يوم داس الطاغية الأكبر على الخط الوطني، وبقايا مبادئ البعث، والقيادة الرافضة للصلح مع إسرائيل.. كان يدرك شيئاً رئيساً : امتلاك وسائل البقاء في الحكم، وتحويل سورية العظيمة إلى مطية، وقاع صفصف لغربان الأمن، والفئوية واغتيال الأحلام والحقوق والرأي الآخر، والبشر, لم يكن يهمه شيء سوى ذلك، لهذا أبدى استعداده الكامل للتعاطي مع كل القضايا : الوطنية والقومية والقدسية بتلك الروح.. فقايض، واتفق مع الأعداء. مارس فعل الضرب والتحطيم والشق للثورة الفلسطينية. أنجد إيران طوال الحرب مع العراق. مارس الفحشاء السياسية في لبنان، وموضعة الطائفية بأنياب مسلحة، وبرامج خطيرة، والتباس مغشوش. غازل الأمريكان واتفق معهم في صفقة العمر : الدخول إلى لبنان وما أدراك ما فعله هناك، ونتائج وجوده في كل الأصعدة.. والملف ثقيل، طويل.. ومع ذلك ظلت الشعارات الخادعة تجوب سماءه، وظل كثير من القومجيين واليسراويين، وحتى الإسلاميين يتعبدون في محراب عطاءاته، ويمارسون النفاق الرذيل، ويروجون لبضاعته المغشوشة، المجرثمة..

ـ والوريث الفاقد لقدرة الشعور بالمسؤولية، الممتلئ بعنجهية العنف والفئوية والحقد، ونهج القتل وسيلة وحيدة مجرّبة للبقاء..واصل الدرب رغم اختلاف الظروف والتطورات، فوقع في عديد المطبات.. وكان اغتيال الحريري منعطفاً.. وكان الخروج من لبنان نتاجاً، وكانت الثورة السورية تتويجاً لعقود الاحتقان، والحلم بالتغيير.

ـ الطاغية الأكبر لم يطلق رصاصة واحدة ضد إسرائيل منذ نهاية حرب تشرين التي قيل الكثير في محركاتها وخلفياتها ومجرياتها ونتائجها، واستبدل خط التحرير بتسويق الصلح، وكان شعار التوازن الاستراتيجي شقيق الممانعة، ثم السلام خياراً استراتيجياً تفريخاً للحقيقة المغطاة بأكوام الدجل، بينما ظلت الجبهة السورية الأكثر أمناً، وهدوءاً، وظل نظام الطغمة واحداً من أبرز رؤوس حراب تمرير مشاريع الآخرين، ونحر ما يخالفه..

*****

ـ لن يفيده، وأبواقه، الكلام المكرر عن شعارات الممانعة، وتزويده حزب الله بالدعم والصواريخ.. لأن حزب الله، وعلى الأقل من تاريخ السابع من أيار ـ مثل هذا اليوم ـ لعام 2008 كشف عن وجه آخر يعري ما كان يمارس ويطرح، ويضعه حزباً طائفياً، وأداة للمشروع الإيراني بكل التبجح، والصفاقة والوضوح بالتبعية لنظام ولاية الفقيه، ثم الانضواء مع الطغمة في إجرامها لقتل الشعب السوري وتمزيق البلاد ..

ـ طغمة توجه أسلحتها للشعب، مّظهرة منتهى الهمجية والعنف.. كانت أرنبية مع العدو على مر العقود، ساومته على صفقة للصلح. سارت طويلاً في المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، وعبر الوسطاء. جرّثمت الجيش وحرفته عن مهمته الأصلية، بعد أن قوّضت التوازن الوطني فيه، وبعد أن أغرقته ببعض أصولها النهبية، الإفسادية..

وطغمة تمارس فعل الإبادة المنظم بحق شعب طالب بأدنى حقوقه البشرية..لم تردّ يوماً على انتهاكات العدو لسيادة البلاد، وضرب عديد المنشآت والأماكن الحيوية فيه، مكتفية ببجاحة الوعود، وصفاقة " العقلنة" لاختيار المكان والزمان المناسبين"، ثم الحديث اليوم عن تحضير أهداف لضربها؟؟..

ـ الطغمة أفقدت الوطن مناعة المقاومة والرد على الاعتداءات، فاستهتر العدو بالسيادة وهو مطمئن أنه لن يلقى الرد، وأن الطغمة توجه جيوشها وصواريخها وطائراتها للمدن والمناطق والقرى، وهي مشغولة عنه بجرائم المجازر والفعل الطائفي، ومحاولات الديمومة ولو على جبال من جماجم الشعب، وخرائب البلاد وبنية الدولة ..

ـ اكيد أن الوطنية السورية العريقة، المتجذرة لا يمكن أن تهضم الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، بغض النظر عن موقفها من الطغمة، ونضالها لاشتلاعها من جذورها، وتخليص بلادنا من آثامها.. وهي تدين جرائم العدو واعتداءاته دون لبس، وتحمل الطغمة مسؤولية مباشرة في استباحة الأرض والسماء والبحر..مؤكدة أن تخليص البلاد منها واجب وطني رئيس لفتح الطريق لإقامة الدولة المدنية الديمقراطية حين يكون الشعب سيد مصيره، وحين تصبح سورية في موقعها الطبيعي : الوطني والمأمول ..