نظام التآمر

د. أبوالضاد سالم السالم

نظام التآمر

د. أبوالضاد سالم السالم

 في عام 1970 قام حافظ أسد بانقلاب عسكري سماه حركة تصحيحية وزج كل رفاقه من الحزب الواحد في السجن لأكثر من عشرون عاماً بدون محاكمة ، وكانت من أهم مقومات هذا الانقلاب القبول بالقرار 242 في مجلس الأمن الذي يتضمن اعتراف ضمني بدولة إسرائيل والذي كانت ترفضه القيادة الحاكمة في ذلك الوقت

صحيح أن الديمقراطية لم تكن منتشرة، ولكن الأكيد أن أغلب القياديين كانوا وطنيين، دفعوا حياتهم ثمن إخلاصهم للوطن والقضية الفلسطينية

استطاع حافظ الأسد بفضل اعترافه بالقرار 242 أن يضمن رضاء كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وطبعاً المجتمع الدولي الذي لم يعترض على انقلاب عسكري ديكتاتوري، وبالتالي بقبوله القرار يكون هذا النظام هو أول من باع القضية الفلسطينية

بعد ذلك ارتكب النظام السوري أبشع المجازر في حق الشعب الفلسطيني ، من مذبحة تل الزعتر، الى القضاء على المقاومة الفلسطينية واللبنانية في لبنان ، ثم بمباركة أمريكية وغربية قام باجتياح لبنان بدعوى حماية اللبنانين فعاث فساداً فيها ، وقضى على كل أنواع المقاومة وسلمَ السلاح لحزب الله الذي لا يأخذ أوامره إلا من ولاية الفقيه في إيران ، وبعدما دمر الدولة البنانية أجبر على الخروج بعد اغتيال الحريري

ولا ننسنا طبعاً دوره في ضرب العراق عندما بعث بجيوش سورية الى حفر الباطن ، هذه الجيوش كانت تحتفل عندما يسقط صاروخ في تل أبيب ، فلم تشارك فعلياً في المعركة خوفاً من نصرة أخوتهم العراقيين

ولم يكفي هذا النظام كل هذا التآمر على القضية الفلسطينية والقضايا العربية ، فقام بتفريق الأخوة الفلسطينيين بدعم حماس وتبنيهم ، ومحاربته لفتح ، وهكذا رسخ فكرة الأخوة الأعداء بين الفلسطينيين وعَقدْ أمورهم

أما في جبهة الجولان فلم تطلق ولا رصاصة منذ العام 1973 ، وقامت إسرائيل بعدة غارات جوية ، من ضرب مفاعل ديرا لزور الى قصف دمشق مؤخراً ، وكان هذا النظام يحتفظ دائماً بحق الرد ، ولكنه يجيده أينما إجادة مع شعبه الأعزل

أما  في الجبهة الداخلية ، فحدث ولا حرج ، فتحولنا من نظرية الحزب الواحد ، الى نظرية الرجل الأوحد والقائد ، وتم اختصار كل الحياة السياسية لبلد عريق في شخصية القائد الذي لا يخطئ كالأنبياء والرسل ، وتعمد النظام نشر الفساد والرشوة ، فأصبحت كالأوكسجين تتنفسه الناس نظراً لظروف العيش الصعبة

أما الحريات الشخصية فكانت مغتصبة ومعدومة ، وبعد انتشار سبعة عشرا فرع مخابرات أصبح الأخ يشك بأخيه ، وأصبح المواطن يعيش في دولة بوليسية يحسب فيها المواطن ألف حساب لأي حركة أو عمل يقوم به ( أتذكر أن أخي ذهب لخدمة العلم في بلده وكان ينوي الاستقرار ، لم يستطع البقاء لحظة واحدة بعد خدمة العلم

وبعد أحداث حماه المؤسفة التي راح ضحيتها قرابة الأربعين ألف مواطن ، أصبحت سورية سجن كبير لكل أبنائها ( تصوروا أنه من عام 1970 الى عام 2010 هاجر سورية أربعة ملايين مواطن ، هذا الرقم وحده كفيل بنقل المعاناة الحقيقة لشعبنا

 بعد كل هذا يأتي المنظرين العرب ويقولون هناك مؤامرة على النظام السوري، وأن الولايات المتحدة وإسرائيل ماضين في حبكها، و علينا نحن الشعب السوري أن نقف مع القائد الذي يتصدى لكل المؤامرات

يا إخواني الأسد باع القضية الفلسطينية عام 1970 عندما قبل بالقرار 242 وزج كل من يخالفه من رفاقه بالسجن ، والثمن هو البقاء بالسلطة إلى أبد الآبدين وتحويلها لمملكة أسدية ، وحولَ الشعب السوري الى مزرعة خاصة له ولحاشيته الحاكمة ، وأستغل قضية الأقليات أبشع استغلال لتخويفهم من المتشددين .

لقد كان هذا النظام وبامتياز الحارس الأمين لحدود إسرائيل لأكثر من ثلاثة عقود ، وكانت أفعاله لا أقواله العامل الرئيسي لتدمير القضية الفلسطينية ، وإذا كانت أمريكا وحلفائها يتآمرون الآن ، فبالتأكيد يكون النظام السوري هو شريكهم الأول بالمسؤولية المباشرة عما حدث ويحدث الآن في سوريا

نحن نعيش فترة صعبة جداً ، تعتبر من أصعب الفترات التي مرت على وطننا منذ سقوط الدولة العثمانية ومعاهدة سايكس بيكو ، ما يحدث في سوريا الآن هو سايكس بيكو ثاني ، لأن النظام قرر إما هو أو لا شي ، وهو يعطي بذلك الكرت الأبيض لكل 

الدولية للتدخل في سوريا وصياغة المخارج حسب مصالحهم ومصالح إسرائيل ، أيوجد أكثر من هذا تآمر ؟؟؟؟؟