صحفيو المخلوع.. شركاء في الجريمة
صحفيو المخلوع.. شركاء في الجريمة
محمود القاعود
يقول تعالى:" إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ" ( يس: 12).
ولو عمل كل من يكتب بهذه الآية الكريمة ، لراجع نفسه آلاف المرات قبل أن ينزلق إلى مستنقعات الشر والإجرام التى ينافح عنها وينتصر لها .. فكل ما قدمه مسجل وسيُحاسب عليه يوم القيامة ..
يقول الإمام الشافعي:
وما من كاتب ٍ إلا سيفنى ويبقى الدهر ما كتبت يداه ٌ
فلا تكتب بخطك غير شيئ ٍ يسرك في القيامة أن تراه ُ
لقد أخذت شهوة كراهية الإسلام ببعض الصحفيين والكتاب فى مصر إلى هوة سحيقة ، جعلتهم يكذبون كما يتنفسون ويرمون الناس بالإفك والبهتان ويشنعون على عباد الله ويخوضون فى الأعراض دون وازع من ضمير أو أخلاق ، اعتقادا منهم أن هذه هى البطولة والرجولة ، وأنهم بذلك سيجبرون الرئيس محمد مرسي أن يمنحهم الامتيازات التى كانوا يحصلون عليها من المخلوع حسني مبارك .. فاتهم أن الزمان تغير وأنه لا عودة للوراء ..
إن من يتابع الصحف المصرية الآن ، لا يكاد يصدق ما يقرأ ؛ فمستحيل أن تكون هذه حرية صحافة أو فكر أو إبداع كما يزعمون ، ويستحيل أيضاً أن تترك الأمور هكذا بزعم أن الصحافة " خط أحمر" أو سلطة فوق السلطة كما يروج السفهاء الذين يسبون عباد الله آناء الليل وأطراف النهار ..
ما معنى أن تخرج صحيفة عمل رئيس تحريرها لحساب جهاز أمن الدولة بالمانشيتات التالية: "الإخوان والجنس .. من مغامرات صهر البنا إلى تحرشات عبدالمقصود" ، وإمعانا فى السفالة والانحدار يقوم صاحب الموضوع المهووس بوضع شعار قناة الجنس والفحش " بلاي بوي" مكان شعار جماعة الإخوان .. ما معنى هذا ؟؟ هل هذه هى حرية الإعلام ؟ هل قذف الأموات والأحياء بالإفك حرية تعبير ؟ هل وضع اسم الإمام الشهيد حسن البنا فى مانشيتات كهذه المانشيتات الحقيرة حرية رأى وتعبير؟
صحيفة أخري بذيئة تخرج بمانشيتات :" دلوعة الإخوان دينا زكريا " و " الغدار مرسي يلعب مع الكبار" و " الدعارة فى عهد الرئيس المؤمن" " أسبوع تركيع مرسي وجماعته" و " لأول مرة الحياة ..الخاصة لزوجة المرشد ".
واكتفى بهذا القدر من الانحطاط والسفالة والخوض فى الأعراض الصادر من صحيفة يُفترض أنها تسعي للتعبير عن مشكلات المجتمع .. لكن السؤال : أين حرية التعبير فيما سبق ؟ أين حرية الإبداع فى قذف المحصنات ؟ من يقبل أن يتحدث صحفي عن زوجته ويخوض فى عرضها بالإفك على صفحات الجرائد ؟
إنها حملة منظمة وممنهجة لهد القيم والأخلاقيات وتشويه الناس لحساب هذا المجرم المخلوع الذى أفسد البلاد على مدار ثلاثين سنة ..
ولذلك لا أستغرب من معلقات المديح التى يكتبها صحفيو المخلوع للدفاع عنه وتجميل قبحه ، والبكاء على عهده البائد الذى كان شعاره تحطيم كرامة المصري فى أى مكان ..
لنقرأ مثلا ما كتبه محمد سلماوي أحد رموز نظام المخلوع فى المصري اليوم يوم الجمعة 19 / 4 / 2013م، وهو يتخيل أن المخلوع صاغ رسالة بعثها له هو ومن على شاكلته :" صحيح أننى كنت طوال حكمى غريماً سياسياً للإخوان، وقد حاولت قدر الإمكان حماية البلاد من شرورهم، لكن هذا كان عهداً وانقضى، وما فات قد مات، فعفى الله عما سلف، اليوم الإخوان فى الحكم وأنا فى السجن، والحق يقال إنهم عاملونى بأفضل كثيراً مما عاملتهم، فهم فى كل يوم جديد يتسببون فى زيادة المترحمين على أيام حكمى الآمن المستقر، وما عليكم يا أبنائى وبناتى الأعزاء إلا أن تنظروا لأعدادكم الحالية، التى وصلت إلى الآلاف، وأن تسألوا أنفسكم: هل كنتم بهذه الأعداد حين بدأتم مظاهراتكم على استحياء فى ميدان مصطفى محمود بعد إلقاء القبض على ظلماً وعدواناً؟ لقد كنتم آنذاك بضع عشرات ليس أكثر، لكن مع الوقت تضاعفت أعدادكم، وإحقاقاً للحق فإن الفضل فى ذلك لا يعود إلا للإخوان الذين يؤلمنى كثيراً أن تظلوا تهاجمونهم هكذا بلا هوادة، رغم الجميل التاريخى الذى يسدونه لى باستمرار أدائهم الحالى الذى يصب فى صالحى، وفى صالح عهدى الحكيم الرشيد" أ.هـ
ليس سلماوي وحده الذى يجاهر بالعداء للثورة المجيدة بهذا الوجه المكشوف، لكن رفيقه فى خدمة نظام المخلوع الصحفى محمود الكردوسي يكتب فى "الوطن" ليسب الرئيس محمد مرسي ويترحم على المخلوع المجرم الذى لا يدافع عنه إلا من مات قلبه وضميره ، قال الكردوسي بقلة أدب متناهية " إياك أن تعتقد أن «صباعك» الذى يكاد يخزق عيوننا فى خطبك «الاسباجيتى» سيجعلك رئيساً، فلولا أن الكتابة أدب وأخلاق لقلت لك ضعه حيث شئت!" ثم أعقب هذه السفاهة بترحمه على سيده المخلوع القاتل:" ما الذى بقى لديك؟. أنت بالكاد فقرة مضحكة فى برنامج باسم يوسف، وعلامة تعجب كبيرة فى برامج التوك شو. أما بالنسبة لنا فأنت فى نظرنا لا تستحق -حتى- شرف أن تكون «خصماً»، لأننا نعمل فى مهنة تعرف كيف تختار خصومها، وتدقق جيداً فى اختيارهم.. واسمح لى أن أذكرك: قبل «ثورة الخراب» التى أتت بك أنت وفلولك.. كان الواحد منا يفخر ويتشرف بأنه «شتم» مبارك، لأن مبارك كان «رئيساً» بحق. كان «رجل دولة» وليس «نفراً» فى جماعة ماسونية، وكان ابناً شرعياً لمؤسسة وطنية تحمى شرف هذا البلد، ولا تسمح لأمثالك بأن يلوثوا نقاءها ونبل أهدافها وطهارة عقيدتها. كان لدى مبارك ما يجعله يزهو بنفسه وبمرجعيته، وما يجعلنا نزهو بخصومته والوقوف فى وجهه. والإعلام الذى تحاربه أنت وميليشياتك، وتحرض كلابك لترهبه، هو الذى أسقط مبارك ونظامه عندما كان «إخوانك» يتسولون مقعداً فى برلمانه، ويعقدون الصفقات مع رجال أعماله، وكان بعض سلفييك يعمل «مرشداً» ضد البعض الآخر لحساب «داخلية حبيبه العادلى»!." ( الوطن 27 / 3 / 2013م ).
أما أن الكردوسي يقول أن الرئيس مرسي مجرد فقرة ضاحكة فى برنامج أحد المذيعين، فهذا يدل على أن الرجل لا يعرف إجرام المخلوع وشهوة الانتقام، رغم أن أبسط حقوقه وحقوق من انتخبوه أن يوقف أى فضائية تنحرف برسالتها إلى هذا الدرك السافل من السخرية والشتائم النابية، ويكشف هذا الكردوسي عن وجهه الحقيقي عندما يصف الثورة المجيدة بأنها ثورة خراب ، بما يؤكد أن مشكلة هؤلاء الكتبة ليست مع الرئيس مرسي ، إنما مع الثورة التى قضت على مصالحهم الشخصية وأوضاعهم غير الطبيعية التى داسوا فيها رؤوس الشعب المصري المكافح الذى يبحث عن لقمة العيش بعيداً عن أموال رجال الأعمال اللصوص ، أما أن مبارك كان رئيسا بحق ، فليس بمستغرب من الكردوسي ، فهناك من يعشق جلاده وهى حالة نفسية تستدعى الذهاب لطبيب أمراض نفسية ، فهذا الرئيس "الحق" هو قضي على مئات المعتقلين فى أمن الدولة وسلخانات حبيب العادلي، وهو من دمر الأسرة المصرية وسمح بدخول الأوبئة والأمراض وباع البلد لنجله وشلته وحاشيته ، وعطل الأحزاب والصحف وزوّر الانتخابات وجعل الناس يأكلون من صناديق القمامة وانتهك الكرامة والإنسانية وزج بعشرات الآلاف فى المعتقلات، أما باقى كلام هذا الكردوسي فهو يندرج ضمن بند سوء الأدب وانعدام التربية ، ويؤكد أن ما يحدث الآن لا يمت لحرية الصحافة بصلة ..
إن الثورة الآن تواجه حرباً ضارية من صحفيي المخلوع الذين يعدون شركاء معه فى جرائم النهب والقتل والديكتاتورية والفساد .. ولو أننا كشعب مصري طالبنا بتشكيل محاكم ثورية لما شاهدنا هذه الأضاليل التى تستهدف إحدي أروع الثورات فى العالم .