إنه يوم سقوط بغداد ...
إنه يوم سقوط بغداد ...
عقاب يحيى
الأمريكيون، وفقاً للوثائق والتقارير الصادرة من هناك.. نادمون حتى الأسى على غزو بلادهم للعراق.. وما أسفر عنه من ويلات ومصائب ونتائج كارثية ..
ـ لكن وماذا يفيد ندمهم وقد دمروا الدولة العراقية وجيشها العظيم ؟؟..
ـ وأين يصرف ذلك الندم والعراق مبتل حتى الوجع بنتائجهم؟؟، وإيران تضع يدها على أهم بلدان العرب.. والعراق لم يعد دولة.. ولم يعد العراق الذي نعرف ؟؟..
ـ لم يك غزو العراق حالة طارئة ترتبط بالبوش الصغير وزمرة المحافظين الجدد، ولا انتقاماً من صدام حسين وديكتاتوريته، ولا لذرائع وجود أسلحة دمار شامل كانوا يعرفون مسبقاً أنها غير موجودة.. إنه التنفيذ الحاقد لمخطط بناه عتاة الصهاينة قبل عقود لكسر ظهر الأمة، وإشاعة حمة الخراب والتفتيت.. وإخراج العراق ـ بثقله، وثرواته ـ من الصراع العربي ـ الصهيونهي، ثم تقديمه هدية للنظام الإيرانيز. علّ قورش الراقد في قصور أحلام الإمبراطورية يرضى من جديد.. فينسبونه إليهم : اليهود.. لأن أمه يهودية !!! ..
ـ كان الهدف العراق المقتدر، وعراق استناد الأمة، وحامي البوابة الشرقية.. فهل أدركت أنظمة العرب التي تواطأت وشاركت بيت الشعر العربي :
سيفقدني قومي إذا جدّ جدّهم وفي الليلة الطلماء يفتقد البدر ؟؟؟
وهاهم يفتقدون العراق وقد تمدمد المشروع الإيراني القومي ـ المذهبي وراح يهددهم في عقر دارهم، وها هي إيران النظام تقرع ضمائرهم.. لكنه الندم الذي لا يفيد، وهو أشبه بندم الأمريكيين اليوم على ما اقترفوا ..
*****
كتب الكثير، وسيكتب أكثر، عن غزو العراق : الأسباب والمسار والنتائج.. لكنه السؤال الكبير وقد دمّرت الإدارة الأمريكية الدولة العراقية والجيش العراقي، وفتحت مصاريع التقسيم شبه الواقعي، والمحاصصات الطائفية والقومية.. ترى ما الذي حققته أمريكا من مصالح وأهداف؟؟ وهل يمكن لتلك الأهداف أن تخرج عن المصالح الصهيونية التي طالما عملت وتآمرت لتدمير الدول العربية وزتفتيتها، وتعميم الصراعات العمودية والإثنية وتشجيعها؟؟...
ـ هل عملت الإدارة الأمريكية بوعي كي يتحول العراق إلى منطقة نفوذ لإيران تتحكم به لتضيف بعداً كبيراً في قوتها، وفي رواج ونشر مشروعها ؟؟.. أم أن الأمور حصلت رغماً عنهم؟.. أولئك" السذّج"، والبلهاء الذين خططوا ونفذوا وهم مدججين بعشرات آلاف عناصر الأمن ومراكز البحث والتخطيط.. ؟؟.. هل عنجهية القوة المفرطة، وغرور التفوق.. أم أن الذي حصل نتاج تزاوج المخططات وتداخلها ؟؟..
ـ بغداد حزينة لما صار ويصير لها، وبغداد تبكي تقطع أوصال البلاد، وبغداد قاومت وتقاوم جراثيم الحقد والتفتيت والفئوية.. لكنها وحيدة تئن..
ـ سنضع تجربة البعث في العراق وما حمله من مشروع كبير جانباً، وسنتجاوز كل ما يحكى عن فردية وقمع وأحادية الرئيس العراقي المغتال بقرار أمريكي.. ونقف عند الذي جرى ويجري في العراق.. ومقاربته مع الوضع في بلدنا الحبيب سورية..
ـ هناك غزو بقوة القوة.. وقرار مسبق بتدمير الدولة وحل الجيش العراقي، وفرض المحاصصة الطائفية والإثنية، وتصدير العملاء والانتهازيين إلى واجهة الحكم.. بينما يترك بلدنا وشعبنا لفعل القتل المعمم والدمار المنظم.. وتصعيد التطييف والأحقاد المذهبية.. ونراهم سعداء حقيقة بالذي يجري، بل يشجعونه بطرق كثيرة : معلنة وسرية..
ـ في بلدنا يشجعون اليوم بأشكال مختلفة ظاهرات النزوع الإثني والمذهبي تحت عناوين مختلفة.. يدعمون، ويتفرجون، وينتظرون النتائج.. ويتسلون بالوقت والشعارات المنخورة، والألاعيب المكشوفة.. وماذا بعد ؟؟..
ـ وإيران النظام الذي يصورونه عدواً لا يبدو كذلك في الجوهر، وخلف طاولات التمظهر.. لقد سلموه العراق.. وما زالوا يتسلون بحكاية وسبحة السلاح النووي . في حين يعرف الجميع أن ذلك السلاح، لو كان لدولة عربية، أيّاً تكون تلك الدولة، لدمروه فورا، ولما انتظروا يوماً حتى في مراحله الجنينية .. فكيف نصدقهم أنهم لا يعرفون ما تقوم به إيران النظام من دعم شامل للطغمة الفئوية الحاقدة، وما تفعله من زرع بذور التقسيم في عموم المجتمعات العربية، وما يمثله نظام الإجرام من تهديد للجنس البشري، وخرق لكل مواثيق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان ؟؟...
بغداد تتوجع، لكنها تنتفض وقد طفح كيلها من ممارسات فئوية وتقسيمية . وبغداد تعلن أن الربيع العربي في صلبها.. وأنها تنتظر دعم أشقائها... علهم يتذكرون.. فلا يتخلون عنها كما فعلوا مراراً.. علهم يتذكرون " أي بلد اضاعوا".. فيكفرون عن ذلك بمواقف واضحة تدعم الثورة السورية والانتفاضة العراقية..