خبر وتعليق
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
الأول : حول مقتل البوطي
الثاني : تصريح خامنئي وتهديده لإسرائيل بمسح تل أبيب حيفا عن الوجود
سنتناول الخبر الأول حول مقتل الشيخ البوطي والذي أعلن فيه التلفزيون السوري النبأ مؤكداً أن من قام بعملية القتل كان انتحارياً ينتمي إلى العصابات التكفيرية , والتي مافتئ النظام عن اتهام الثوار بهذه الصفة منذ اندلاع الثورة وحتى الآن , فلو صدقنا الرواية رواية التلفزيون السوري ونحن نعلم أنه يكذب , ولكن أحياناً يحمل في أخباره بعض الصدق وينطبق عليه القول (كذب المنجمون ولو صدقوا) فتحليلنا للواقعة عندها أن من قام بالفعل هو شخص ينتمي للفكر التكفيري موجود داخل أقبية المخابرات السورية تم إقناعه في عملية استشهادية في مكان يجتمع فيه عناصر موالية لبشار المجرم ومهمته تكمن في وضع عبوة ناسفة في المكان المحدد ,وعند دخوله المكان تم تفجير العبوة عن بعد فقتل هو وقتل المقصود من العملية , أو هناك احتمال آخر في السيطرة على الشخص من خلال إعطائه جرعات مخدرة بحيث يمكن توجيهه إلى الهدف الذي تم نسفه وقتل البوطي ومن حوله من المصلين .
وعندما نكذب رواية الإعلام السورية الموالية , والتكذيب هنا ليس عشوائياً وإنما يستند على وقائع من الصور التي بثت وعرضت عن الضحايا , كانت تشير بشكل واضح أن القتل تم بأسلحة فردية وعمليات إعدام ميدانية , لأن غالبية القتلى كانت إصاباتهم في أماكن قاتلة كالرأس والرقبة , ويظهر أحد القتلى وكأنه ذبح في رقبته بسلاح أبيض , وثياب الضحايا غير ممزقة وهذا دليل واضح على أن عصابات بشار المجرمة هي وراء العملية عملية القتل البشعة تلك , وفي البحث عن الأدلة الجنائية يكون البحث دائماً عن الذين لهم سوابق أولاً , قد يكونون مرتبطين بالقضية الإجرامية المفترضة , فبشار وعصابته لهم سوابق كثيرة في اعتيال مؤيديهم, فعندما يرون أن وجوده أصبح خطراً عليهم أو أنه أصبح في عداد عديم المنفعة لسلوكهم الشنيع , أو أن التخلص من الشخص قد يخدم مشروع التفرقة والتناحر بين العدو الحقيقي أو المفترض , وهي سياسة الأنظمة الديكتاتورية على مر التاريخ في العمل على نزع الثقة بين المواطنين والسعي دائماً لهذه النزعة مع التخلص من أقرب المقربين لهذه الأنظمة عندما يرى أن وجوده لايخدم مشروعه الاستبدادي
والشيء الأكيد والحتمي في أنه لاتوجد جهة تقاتل السلطة الإجرامية والمشتركة في الثورة السورية يهمها وجود البوطي أو أمثاله من عدمه , مع وجود القرف والإشمئزاز من مواقفه المؤيدة للقاتل ومن قبله المجرم أباه , فلو أخذنا بنظر الاعتبار الحملة المسعرة والتي تشنها القوى المضادة للثورة والقوى التي تدعي أنها موالية للثورة ضد المقاتلين الإسلاميين في سورية ومحاولة نزع الثقة بين هذه الأطراف وتقسيم المقاتلين لمعتدلين اسلاميين ومتطرفين , ونزع الثقة بينهما في محاولة لضرب الثورة من الداخل بعد التقدم الكبير الذي أحرزه أبطالنا على الأرض , ليأتي تصفية البوطي في هذا الوقت لتصعيد الهوة بين الأطراف التي تحارب عصابات الأسد وفي حسابهم ستكون تصفية البوطي القشة التي ستقصم ظهر البعير , ولكن والحمد لله لن يكون لهذه الحالة من أثر على الأرض لأن الجميع يعرفون ألاعيب مخابرات الأسد المجرمة .
الخبر الثاني :تصريحات خامنئي القديمة الحديثة المهترئة , تلك التصريحات ليس لها أثراً واقعياً على الأرض عندما نأخذ بعض الحقائق الواقعية , وطبيعة التعاون بين ملالي طهران والكيان الصهيوني , فعندما نعود إلى الوراء قليلاً من خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات من القرن الماضي لوجدنا أن الداعم الحقيقي لطهران في حربها ضد العراق كانت إسرائيل وسوريا في فضيحة (كونترا غيت ) مع وجود حقائق يعتقد فيها معظم المراقبين والمحللين للعلاقات الصهيونية الفارسية , أن الخلاف بينهما هو خلاف ظاهري إعلامي فقط كالعداء بين بيت الأسد في محور الممانعة
إن التحالف والتنسيق بين إسرائيل وإيران ضد الأمة العربية والإسلامية ومعرفة العرب والمسلمين ذلك , كان سبباً مباشراً لوقف تصدير الثورة (الصهيو إيرانية )إلى الوطن العربي وكان العراق هو السد المانع لهذا التصدير , وبعد سقوط العراق بيد طهران , كان لابد من إيجاد جسر يمر عليه التغلغل الفارسي في المنطقة , وكان هذا الجسر الوهمي هو محور المقاومة والممانعة , وكان نصر اللات هو الممثل الناجح في تحريك العواطف العربية والإسلامية وعداؤها لإسرائيل دعمت أركان ذلك الجسر الممتد من طهران إلى تل أبيب
وجاءت الثورة السورية لتكشف المستور وتزيل غشاوة العواطف ليجد الغالبية ان حقيقة محور الممانعة إن هو إلا جسر مرور لتنفيذ الأجندات (الصهيوفارسية) المشتركة , وكل شخص يعتقد بأن إسرائيل ستضرب إيران أو العكس إن هو إلا واهم , وقد تحدث في المستقبل معارك مفتعلة حتى تعود ثقة الناس مرة أخرى والتغطية على التعاون الوثيق بين الكيانين المغتصبين , كحرب 2006 , إن نجاح الثورة السورية وستنجح قريباً إن شاء الله هي القنبلة النويية التي ستنسف هذا الجسر الكبير الممتد من طهران إلى تل أبيب .