جمعة الوفاء لشهداء الفلّوجة

"جمعة الوفاء لشهداء الفلّوجة": 

مطالبة بـ"رأس" المالكي وتحيّة للثورة السورية

شهدت بغداد وخمس محافظات سنية حشوداً ضخمة للأسبوع الخامس على التوالي في "جمعة الوفاء لشهداء الفلوجة" وسط إجراءات أمنية مشدّدة، للمطالبة بالقصاص من قتلة المحتجين الأسبوع الماضي ورفضاً لسياسة "تهميش العرب السنة" التي يمارسها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي بات رحيله مطلب مئات الآلاف من دون إغفال دعم الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد.

في بغداد، احتشد الآلاف في مناطق ذات غالبية سنية للمطالبة بتفيذ المطالب التي قدمت للحكومة.

ففي الأعظمية، هاجم إمام وخطيب جامع أبو حنيفة النعمان الشيخ أحمد حسن الطه، الدستور العراقي كونه "سبب الفتنة واستمرار القتال في البلاد" واصفاً واضعيه بأنهم "أياد صهيونية"، وداعياً "الحكومة أن تكون منضبطة بتنفيذ وعودها للمواطنين، واللجنة الوزارية المكلفة متابعة مطالب المتظاهرين، الاستجابة الفورية لمطالب المعتصمين في المحافظات العراقية كافة".

وأغلقت القوات الأمنية العراقية جميع منافذ منطقة الأعظمية ومنعت المواطنين من الدخول إلى حين انتهاء الصلاة.

كذللك شهدت مناطق الغزالية والعامرية والمنصور واليرموك والدورة والسيدية وزيونة وأبو غريب ومناطق أخرى في العاصمة بغداد، مشاركة واسعة في أداء صلاة موحدة تحت شعار "جمعة الوفاء لشهداء الفلوجة" وسط انتشار أمني كثيف، حيث ردد المحتجون هتافات تندد بالحكومة العراقية وتدعم المطالب التي تقدمت بها المحافظات السنية فضلاً عن دعم الثورة السورية ضد الأسد.

وفي الأنبار (غرب العراق)، احتشد مئات الآلاف من العراقيين تنديداً بسياسات المالكي .

ووصف عدد من خطباء ساحة الاعتصام، المالكي بأنه "عدو مطلوب رأسه ثأراً للشهداء" وطالبوا بـ"رحيله" وتنفيذ المطالب التي ينادي بها المتظاهرون منذ أكثر من شهر.

وقال إمام وخطيب الجمعة في الفلوجة الشيخ عبد الحميد جدوع: "أنا أقول لرئيس الوزراء، أقول خذها نصيحة من مشفق يخاف عليك قبل أن يخاف منك، والله إن المناصب لا تدوم والدنيا لا تدوم"، مضيفاً أن "البلاد لا تُبنى بعقلية الثأر والانتقام وإنما تبنى بعقلية حضارية".

وطالب "بسحب قوات الجيش من الفلوجة وضواحيها وقراها وقصباتها، وتسليم الملف الأمني إلى الشرطة"، كما طالب "بمحاكمة القتلة الذين أراقوا دماء العراقيين الجمعة الماضية".

ودعا خطيب الفلوجة إلى "مراجعة الدستور بما يتناسب مع مصالح الناس" مؤكدا أن "المعتصمين يطلبون حقوقهم ويريدون أن يعيشوا بكرامة"، محذراً المتظاهرين "من دخول المندسين بينهم"، مطالباً إياهم بـ"الحيطة والحذر من سرقة جهودهم".

وحمل المتظاهرون لافتات كتب عليها "لك يوم يا ظالم" و"دماء شهداء الفلوجة امتداد لدماء سيدنا الحسين عليه السلام"، و"عاشت مدينة الفلوجة رمز المقاومة والتضحية والصبر"، و"يا ويلك يا ظالم من غضب أهل الفلوجة"، كما ردّد المحتجون هتافات تدعم الثورة السورية ومن بينها "الله محيي الجيش الحر" مؤكدين مساندتهم للثوار في سوريا.

وفي صلاح الدين (شمال بغداد) شارك مئات الآلاف في سامراء وتكريت ومدن أخرى تنديداً بتهميش العرب السنة .

وقال الشيخ محمد الدري في خطبة الجمعة التي ألقيت قرب الجامع الكبير وسط تكريت "نقف الآن وفاء لشهداء الفلوجة وسنبقى حتى تتحقق المطالب التي سقطوا بنيران الجنود بسببها"، مشدداً على "أهمية استمرار سلمية التظاهرات وتعزيز التواجد في ساحات الاعتصام".

الشيخ عبدالله عبد الكريم، قال في بيان تلاه باسم معتصمي "ميدان العزة" في تكريت، "نطالب الحكومة بتفعيل القانون رقم 10 الخاص بالمحكمة الجنائية لمحاكمة الجناة الذين قتلوا أبناء الفلوجة، لافتاً إلى أن تأخير إظهار نتائج اللجان التحقيقية سوف يدخلها في خانة "التسييس" داعياً جميع "الجهات العربية والدولية والإسلامية للتدخل من أجل حل الأزمة العراقية بعدما يئس العراقيون من حكومتهم".

وفي ديالى (شمال شرقي بغداد)، دعت هيئة علماء ديالى الأهالي إلى اعتصام مفتوح ضد سياسة الحكومة المركزية وذلك بعد تجاهلها لمطالب المتظاهرين في المحافظة، وباقي المحافظات منذ أكثر من خمسة أسابيع.

وقال خطيب مسجد "سارية" وسط مدينة بعقوبة الشيخ عبد الله الجنابي في خطبة الصلاة الموحدة التي دعت إليها هيئة علماء ديالى في ست مناطق من المحافظة إن "الخميس المقبل سيكون موعداً للبدء باعتصام مفتوح في محافظة ديالى بعدما تجاهلت الحكومة مطالب المتظاهرين طوال الفترة الماضية".

وفي كركوك (شمال العراق) خرجت تظاهرة شارك فيها الآلاف دعماً للإصلاحات التي قدمت للحكومة العراقية.

وقال مروان الجبوري أحد منظمي التظاهرات إن "التظاهرات تمثل مساندة لبقية التظاهرات في محافظات البلاد في "جمعة الوفاء لشهداء الفلوجة" لافتاً إلى أن "ساحة الاحتفالات وسط بعقوبة ستشهد كل جمعة تظاهرة إلى حين تنفيذ المطالب".

وشدد على أن "مطالب المتظاهرين واضحة ومعروفة ولا يمكن التنازل عنها، خصوصاً أن إطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين الأبرياء وإلغاء المادة أربعة إرهاب وتعديل المسار السياسي وعدم التمييز بين مكونات الشعب العراقي حق مشروع".

وفي كركوك، شارك الآلاف في ساحة "العزة" في قضاء حويجة (غرب كركوك) تأييداً لمطالب المحافظات الأخرى.

وفي الموصل (شمال العراق) توافد عشرات الآلاف على ساحة الأحرار وسط المدينة وجامع النبي شيت، في حين شهد جامع الرحمة، شرق الموصل، في الجانب الأيسر من المحافظة تجمع الآلاف في جمعة "لك يوم يا ظالم"، و"وفاء لشهداء الفلوجة".

وكانت تظاهرة يوم الجمعة الماضية قد شهدت مقتل عشرة من متظاهري الفلوجة وجرح أكثر من 60 آخرين بنيران الجيش العراقي عقب تعرضه للرشق بالحجارة من قبل المتظاهرين، وأعلنت وزارة الدفاع على إثر ذلك أنها فتحت تحقيقاً عاجلاً ووعدت بمحاسبة المقصرين من قوات الجيش، كما قررت تعويض ضحايا "الاحتكاك"، واتفقت مع محافظة الأنبار على سحب القوات العسكرية من الفلوجة وتسليم المهمات الأمنية للشرطة الاتحادية.

ومع دأبها على نقد أداء الحكومة العراقية، اتهم السيد أحمد الصافي ممثل المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيد علي السيستاني في كربلاء أطرافاً سياسية بـ"النفاق السياسي" و"الاعتياش على الأزمات".

وقال السيد الصافي في خطبة صلاة الجمعة التي ألقاها من مرقد الإمام الحسين (ع) في كربلاء أنه "ليس هناك أي خيار أمام السياسيين إلا الخروج من الأزمة الحالية بكلمة موحدة وهذا لن يتحقق إلا بالحوار الجاد والنافع".

وأضاف ممثل المرجعية الشيعية "نحن لا نعتب على الأشخاص الوضيعين بل نوجه عتبنا إلى الأشخاص العقلاء لماذا يصغون لهذه الأمور ومن الذي دفع الثمن"، مطالباً "كل المسؤولين بالتحقق من العيون التي تنقل لهم الأخبار لأنها قد تتسبب بزج أشخاص في أماكن لا يستحقونها".

وبالتزامن مع انطلاق موجة جديدة من الاحتجاجات تعهّد المالكي بتنفيذ مطالب المتظاهرين "المشروعة شريطة التزامهم بالقانون".

وقال المالكي في بيان له إن "الحكومة مستعدة لتنفيذ مطالب المتظاهرين المشروعة شريطة استمرارهم بالصبر والالتزام بالقانون"، موكداً أن "الحكومة ستمضي في تنفيذ هذه المطالب".

وأوضح المالكي أن "اللجنة الوزارية المكلفة بمتابعة مطالب المتظاهرين أحرزت تقدماً كبيراً في عملها خلال الفترة الماضية"، مشدداً على أن "الحكومة لا تجد ضيراً من التحرك بقوة لتنفيذ هذه المطالب خدمة لهولاء المواطنين الذين لا يحملون أجندات سياسية ولا طائفية ولا يريدون إلغاء الدستور".

ووسط استمرار الأزمة السياسية، ناقش زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر مع وزراء كتلة "الأحرار" التابعة لتياره الأوضاع التي تمر بها البلاد وإمكانية الانسحاب من الحكومة في حال عدم توفير الخدمات والاستجابة للمتظاهرين، على حد تعبير مصدر في المكتب الخاص للصدر.

وكانت كتلة "الأحرار" أعلنت أول من أمس الخميس عن توجيه السيد مقتدى الصدر لوزراء الكتلة برفض تولي مناصب وزراء القائمة العراقية في حال عرضت عليهم.