رسالة مفتوحة إلى كل من يدين التدخل الفرنسي في مالي
رسالة مفتوحة
إلى كل من يدين التدخل الفرنسي في مالي
عمر بامبا
باحث من جمهورية مالي مقيم بتونس
قبل البداية أريد أن أسلط الضوء على الوضع وأقدم نبذة عن التمرد والتطرف في مالي.
تسيطر مجموعات من الإسلاميين "الجهاديين" ـ منذ نحو 9 أشهر ـ على المناطق الشمالية في مالي، بعد أن استولوا عليها في أعقاب تمرد مسلح للطوارق قادته "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" التي تسعى للانفصال بإقليم "أزواد" في الشمال عن باقي البلاد وإقامة دولة مستقلة بالإقليم.
كانت الأحداث ـ التي لا تزال مشتعلة وتشهد تداعيًا دوليًا وإقليميًا ـ قد بدأت شرارتها مع سقوط نظام معمر القذافي في ليبيا (أغسطس/ آب 2011) حيث شرع المئات من المسلحين الطوارق ممن كانوا يقاتلون في صفوف قوات القذافي حتى سقوطها في العودة إلى مواطنهم في النيجر ومالي وبرفقتهم سيارات عسكرية وأسلحة متطورة وذخائر.
وهناك تهيأ لمجموعات الطوارق المسلحين التجمع لخوض حرب في مواجهة الجيش النظامي كان من نتائجها وقوع انقلاب عسكري في العاصمة باماكو (22 مارس/ آذار) نفذه جنود بالجيش أطاحوا بالرئيس "آمادو توماني تورى"، كما تمكنت حركة تحرير أزواد، العلمانية، بالتحالف مع جماعة أنصار الدين، "الجهادية" من السيطرة على المناطق الشمالية التي انسحب منها الجيش.
لكن هذا التحالف ـ وبالرغم مما بذل في سبيله من جهود - لم يدم طويلاً، إذ نشبت الخلافات سريعًا بين (الحركة الوطنية لتحرير أزواد) وحليفتها السابقة (جماعة أنصار الدين) التي تمكنت من بسط سيطرتها على الشمال، بعد معارك واسعة بين الطرفين في الأسبوع الأخير من يونيو/ حزيران الماضي، أدت إلى مقتل العشرات.
وإلى جانب (جماعة أنصار الدين) تتوزع السيطرة حاليا على مناطق شمال مالي ومدنها الكبرى (تمبكتو وغاو وكيدال) ـ والتي تمثل مجتمعة أكثر من نصف مساحة البلاد ـ بين كل من (حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا) و(تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) المتحالفين معها، فضلا عن عدد من الكتائب والسرايا مثل كتيبتي (أنصار الشريعة) و(الملثمين).
فبناء على هذا أقدم هذه الرسالة إلى كل من يدين التدخل الفرنسي
هذه المجموعات التي تسيطر على شمال مالي منذ تسعة أشهر تفوق عددهم بين 4250 و 5000 آلاف من الفئة المتمردة والمتطرفة. وتنقسم هذه المجموعات إلى حركة أنصار الدين التي تريدها مجموعة متكونة من بين بعض الماليين وتفوق عددهم 2500 مقاتل وحركة التوحيد والجهاد الإسلامي في غرب إفريقيا المنحدرة من نيجيريا من مجموعة بوكوحرام، ومن التونسيين، وتفوق عددهم 1200 مقاتل. وتنظيم القاعد في المغرب الإسلامي المتكونة من الجزائريين والتونسيين أيضا والليبيين وتفوق عددهم 1000 مقاتل.
فهذه المجموعات المتمردة والمتطرفة التي تقتل باسم الإسلام، والتي تقول تجاهد في سبيل الله وتقول تريد تطبيق الشريعة، يقاتلوا ضدّ من؟ ويجاهدوا ضدّ؟ ويطبقوا الشريعة على من؟ علما أن القتال والجهاد وتطبيق الشريعة تكون ضدّ غير المسلمين بعد فشل الصلح والحوار؛ وكيف يطبقون الشريعة على شعب تفوق نسبة المسلمين فيهم 93٪ ؟ وهل هذه النسبة من المسلمين من الشعب يمكن تطبيق الشريعة فيهم؟
معرف أنّ هذه المجموعات استغلوا ضعف وهشاشة الدولة المركزية في العاصمة واستغلوا الفرصة للاستيلاء على الشمال واستعمالها لبيع المخدرات والممنوعات في المنطقة فالكل يعرف أنّ هؤلاء يستعملون اسم الإسلام لتعاطي هذه الأعمال الإجرامية. ومن هنا نُدلي بشهادة أحد المقاتلين من بوكوحرام في حركة التوحيد والجهاد الإسلامي ، والذين كان يقاتل معهم في مالي "وشهد شاهد من أهلها" بعد ما تفطن من خبث هؤلاء الذين يستعملون اسم الدين الإسلامي ويختبأون وراء الدين في هذه الأعمال الإجرامية، قال أن هؤلاء ليسوا مسلمين حتى لأنهم يبيعون الأسلحة ويتعاطون المخدرات ولا يصلون لذلك هو انشق منهم ورجع إلى نيجيريا.
أما الذين ينددون بالتدخل العسكري الفرنسي، وأستغرب من موقف منظمة التعاون الإسلامي، وحزب حركة النهضة التونسية، وحزب الإسلاميين في مصر الذين نادوا بالمظاهر غدا الأربعاء 16-جانفي 2013 أما السفارة الفرنسية في القاهرة، والسلفيين الذين حرقوا ألم فرنسا أمام السفارة الفرنسية بتونس العاصمة أمس الاثنين 14جانفي 2013 خلال الاحتفال بذكرى الثاني للثورة التونسية. فهؤلاء كلهم كانوا ينعتون القذافي بالمجرم والكافر وشجعوا التدخل الفرنسي والناتو في ليبيا للإطاحة بالنظام القذافي، هذا الأخير الذي طغى وظلم شعبه كان التدخل حلال هناك وحرام على الشعب المالي الأبي الذي طغى عليه الجماعة المتمردة والمتطرفة باسم الدين؟ لماذا حلال عليكم وحرام علينا؟؟؟
هؤلاء الأجانب من الجزائريين والليبيين والتونسيين والأفغان وباكستان ونيجيريا والصومال الذين يقاتلون إلى جانب متمردي مالي في شمال مالي بداعي تطبيق الشريعة، فلماذا لا يطبّقون الشريعة في بلدانهم؟؟؟ أو يهربون من حكوماتهم ويستغلون ضعف الحكومة المالية.
التدخل العسكري كان في وقته، وأبرر موقفي بآية قرآنية . يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز ۞وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إنّ الله يحبّ المقسطين۞ "سورة الحجرات الآية 9".
في البداية بدأنا الصلح مع هؤلاء وذلك من خلال الحوار بالوسيط البوركيني ويمثله الرئيس بوركينا فاسو بليز كومباوري، ومع الحكومة الجزائرية، وحتى قبل بداية التدخل العسكري في 11 جانفي 2013، وهجوم المسلح من قبل المتمردين على الموقع الاستراتيجي في كونا، موبتي في جنوب مالي والحدود مع الشمال بداية من يوم الثلاثاء 8 جانفي 2013 ، هؤلاء الخونة والخثالى من حركة تحرير أزواد وحركة الأنصار الدين المتمردة والمتطرفة من بعض الشعب المالي، وقعوا على اتّفاقية إطلاق النار والتخلى عن مشروع تطبيق الشريعة في الجزائر وفي بوركينا فاسو فيما بينهم بدون السلطات الحكومية في باماكو العاصمة من جهة، ثم كان هناك موعد بينهم وبين حكومة باماكو في واغادوغو عاصمة بوركينا فاسو في الخميس 10 جانفي 2013 من جهة أخرى، لكن قبل موعد الحوار والمفاوضات لوجود حل مناسب للطرفين هؤلاء خرقوا اتّفاقية التي وقّعوها هم، وخلفوا وعدهم وهاجموا كونا مساء الثلاثاء إلى الأربعاء.
هؤلاء بغوا على الشعب المالي، فيوجب قتلهم ونفيهم من البلاد.
هذا ما أقوله للذين ينددون بالتدخل الفرنسي المناسب، فأقول لهم "اعدلوا هو أقرب للتقوى".
وأخيرا ، أدعوا الله سبحانه وتعالى أن يطفئ نيران الفتنة في مالي وفي كل بلاد المسلمين، وأن يوحد كلمتهم وأن يكونوا من عباد الله الصالحين. آمين.