مظاهر الحرب الباردة ومحاربة داعش في ميونيخ

مظاهر الحرب الباردة

ومحاربة داعش في ميونيخ

محمد هيثم عياش

[email protected]

برلين /‏09‏/02‏/2015/ اعتبر مؤتمر ميونيخ للامن والسلام الواحد والخمسين الذي بدأ يوم الجمعة 6 شباط / فبراير وانتهى يوم امس الاحد 8 الشهر الجاري بمثابة مباراة سياسية بين الغرب وروسيا ومظاهر اندلاع الحرب الباردة وبالتالي فان الاجماع على محاربة ما يُطلق عليه بتنظيم الدولة الاسلامية / داعش / كان واجهة مظاهر للتضامن فقط .

فبالرغم من تأكيد الذين القوا كلماتهم امام المؤتمرين خطر ذلك التنظيم على الشرق الاوسط برمته واوروبا ايضا  واحتمال وصوله الى عقر الولايات المتحدة الامريكية الا ان اسبابظهور هذا التنظيم وممارسته الاجرام والقتل بدون تمييز وبالتالي إساءته الى الاسلام والمسلمين ودعوة رئيس الورزاء العراقي  حيدر هادي عبادي المجتمع الدولي اتخاذ جميع الإمكانيات لمتاحة للقضاء على / داعش / مؤكدا مساعي حكومته اعادة الثقة بين اهل السنة والشيعة وان هناك حوالي 4 آلاف مقاتل من اهل السنة بمناطق الانبار يقاتلون / داعش / متهما بالوقت نفسه السعودية  وقطر ودول بمنطقة الخليج العربي يدعم علماء وسياسيو تلك الدول لـ / داعش / بخطبهم وجمع اموال لمحاربة الشيعة وغيرهم بينما ارسل وزير الخارجية الايراني جواد ظريف رسالة مغازلة الى القيادة السعودية تكمن استعداد  طهران بالتعاون مع الرياض للقضاء على / داعش / والتوصل الى صيغة مرضية لانهاء ما وصلت اليه الاوضاع في اليمن وان طهران لا تتدخل بشئون المنطقة وان ايران لم تدعم الحوثيين بانقلابهم وسيطرتهم على أكثر مدن اليمن . وبالرغم من اجماع المنديين بجرائم داعش ، ذلك التنظيم الاجرامي الذي وصفه احد المشاركين بالمؤتمر بأنه طابور خامس للولايات المتحدة الامريكية ونظام سوريا وملالي ايران بمنطقة الشرق الاوسط يكمن بتكريس أقدام واشنطن بالمنطقة وبقاء بشار اسد واعادة الشرعية اليه  ، لم يتطرق احد من المشاركين على جرائم الشيعة وميليشيات الطائفة اليزيدية الذين يهاجمون  قرى لاهل السنة في العراق وسوريا وممارستهم القتل الجماعي ، كما لم يتطرق  أحد على دعم ايران والعراق للميليشيات الشيعية التي تقاتل  الضعب السوري الى جانب بشار اسد  فالاعتداءات على اهل السنة من الميليشيات الشيعية واليزيدية فاقت بشاعتها جرائم / داعش / واصبح مسلمو اهل السنة بنظر المؤتمرين ارهابيون والشيعة مسالمون .

لم يهتم المؤتمر بماساة الشعب السوري بل تطرق من خلال مداخلة لرئيس وزراء لبنان تميم سلام  حول كارثة بلاده من تدفق اللاجئين السوريين وانهم وراء ازدياد البطالة عن العمل وغلاء أجرة المنازل  مطالبا بوقوف وتضامن  اكثر مع بلاده بمشكلة تدفق اللاجئين السوريين معربا بالوقت نفسه عن أسفه لاستهداف الجماعات الاسلامية التي دافع عن الشعب من همجية بشار اسد وميليشيات ما يُطلق عليه بـ / حزب الله / اللبناني شيعة لبنانيين يقومون بين الحين والآخر بزيارات دينية الى سوريا وخاصة في دمشق وكأن دمشق اصبحت مزارا شيعيا علما ان أخوال سلام من أسرة مردم بك الدمشقية التي تعتبر من أهل السنة والجماعة ، كما نسي ان العائلات السورية فتحت أبواب بيوتها للاجئين اللبنانيين اثناء محنتهم بالحرب الهلية لم تميزوا بين مسيحي ومسلم .

أما عن الازمة الاوكرانية فالاتهامات المتبادلة بين الغرب وروسيا كانت بمثابة اندلاع الحرب الباردة ، فنائب الرئيس الامريكي جو بايدن ووزير خارجيته جون كيري  اتهما موسكو  بوقوفها وراء تدهور الاوضاع الأمنية بالشرق الاوكراني  بينما  عرض الرئيس الاوكراني بيترو بوروشينكو امام المؤتمرين جوازات سفر لجنود روس تم أسرهم  ليؤكد للجميع بان روسيا تدعم بقوة الانفصاليين الذين يريدون تقسيم اوكرانيا ، بينما اتهم وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الغرب وراء الازمة الاوكرانية خلال دعمه للحكومة الاوكرانية بالتحرش بروسيا  معلنا الى ممارسة الاوكرانيين العنصرية ضد المتعاطفين مع روسيا ومع الروس واضطهادهم اليهود بينما لم يتطرق هو والرئيس الاوكراني بوروشينكو ومعهما كيري وبايدن الى ازدياد ظاهرة اضطهاد الاوكرانيين والروس للمسلمين بعموم اوكرانيا بما فيها شبه جزيرة القرم اذ طرد المتعاطفون مع الروس اكثر من 30 الف مسلم يعيشون في  القرم كما تعرضت مساجد بكييف وبمدن اوكرانية اخرى للهدم وانتهاج العنصرية والتمييز الديني ضد المسلمين .

وبالرغم من محاولة المستشارة انجيلا ميركيل ووزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير التأكيد على اهمية روسيا لامن اوروبا الا ان مؤتمر ميونيخ كان بمثابة  اعلان رسمي لاندلاع الحرب الباردة وتعميق الهوة وتوسعتها  بين شعوب منطقة الشرق الاوسط وإشارة خضرا لاعادة الشرعية لبشار اسد من خلال تأكيد وزير الخارجية الايراني ظريف اهمية بقاء اسد رئيسا على نظام سوريا في دمشق لصالح الامن بمنطقة الشرق الاوسط برمته.