إسرائيل ترتكب خطأ تاريخياً
إسرائيل ترتكب خطأ تاريخياً
معاذ عبد الرحمن الدرويش
ينتاب إسرائيل عدة مشاعر متناقضة ،و هي تراقب بعين ساهرة ما يجري على أرض سوريا اليوم.
فبينما تنتابها مشاعر القلق و الحزن على ما حل بالجار البار ،النظام السوري حارسها الامين الذي أخلص لإسرائيل اكثر من جنودها و رجالاتها، حيث أن هذا الجار مهدد بالرحيل و بدون رجعة.
في ذات الوقت تغبطها مشاعر الفرح و البهجة و هي تجد من يقوم بتدمير بلد و تأديب شعب ، يؤرق مضجعها - رغم كل الحراسات الأمينة المشددة عليه - إذا انتفض وثار في وجهها يوماً من الأيام.
في حين أن الحيرة و القلق يضرب الأطناب ، لمستقبل مجهول لما ستؤول إليه الأمور بعد خرجت على نطاق السيطرة.
لا يخفى على أحد ان إسرئيل هي أكثر المنتفعين من الحرب الهستيرية التي يقوم بها النظام المجرم ضد الشعب و الوطن السوري.
من اجل ذلك كانت إسرائيل تصب الزيت على النار بالخفاء ، بحيث تدفع النظام دفعاً لارتكاب حماقات و جرائم يوماً بعد آخر.
و كانت اللعبة ان يتم تهديد النظام بالرحيل إذا لم ينهِ الثورة، وكان هناك جهات اخرى تحمل العصا و تلوح بها بين الفينة و الأخرى ، في ذات الوقت كان هناك من يطمئن النظام على بقائه على كرسي السلطة في سوريا إلى الأبد.
هذا الوضع و هذا التأزيم المبرمج من قبل القيادات الإسرائيلة عبر حليفها الظاهر الأول أمريكا و حليفها الخفي روسيا هو الذي دفع بالنظام لارتكاب المجزرة تلو المجزرة و تدمير البلد مدينة وراء مدينة و قرية تلو أخرى.
كان كل هم إسرائيل هو المحافظة على هذا الربيب المخلص الامين اولاً ، و عندما أيقنت ان ذلك بات مستحيلاً غيرت مسار خطتها إلى إطالة عمر النظام السوري و حقنه بكل ما يمكن من وسائل إنعاش بغاية تدمير البلد اقتصاديا و عسكرياً و اجتماعياً و إرجاعها عشرات من السنين إلى الوراء .
و هذا ما حصل فعلاً ، حيث ان الدمار و الخراب ألم بكل شيء،بالبشر و بالشجر و بالحجر ،لكن كان هناك شيء ما قد ولد و راح ينمو و يكبر شيئاً فشئياً و بدون ان يشعر به أحد.
إنه الإنسان السوري الذي ولد مع ولادة الثورة و نما و كبر معها يوماً بعد آخر رغم كل الموت و الجوع و القهر الذي يحيط به.
و لعل الاهم ان تأخير رحيل النظام ، و إطالة عمر الثورة ادى إلى خلق خبرات عسكرية وقتالية .كانت معدمة في ظل نظام يعدم كل من يقتني بارودة صيد.
و لو أضفنا إليها الشجاعة و الجراة التي فاجأت و أذهلت العالم ، هذا يعني ان احلام إسرئيل باتت مهددة و ان كل مخططاتها سوف تذهب أدراج الرياح.
فحسابات إسرائيل كانت خاطئة كل الخطأ هذه المرة ،
و لعلها تنبهت إلى ذلك في الأيام القليلة التي مضت.و هذا ما برز واضحاً على تغير المواقف الدولية في الأيام الأخيرة و تصريحات بعض المسؤولين الإسرائيليين.
و قد خرج رئيس إسرائيل يدين جرائم النظام ، و من ثم ايهود باراك الذين أبديا تعاطفاً مع الشعب السوري ، و اعوز ايهود باراك بكلمته للعالم بالتحضير لساعة الصفر و الانتقال من مرحلة المراوغة بالأقوال و التصريحات الرنانة لمرحلة الفعل ، حين قال ان على العالم ان يقدم للشعب السوري أفعالاً و ليس أقوالاً.
فهل استطاعت إسرائيل ان تجد بديلاً عن حارسها المخلص الامين الذي استطاع و لعدة عقود مضت أن يغلق فوهة بركان لو ثار بوجهها كما ثار بوجه النظام لوضعها في موضع لا تحسد عليه أبداً.
أم أنه على رأي المثل"مرغم اخاك لا بطل"
فبطولة و جبروت الشعب السوري هي التي أرغمت إسرائيل و العالم على اتخاذ هذه الخطوة مكرهة لا راغبة.