إنهاء الاحتلال وعضوية فلسطين الكاملة رهينة بمصالح الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن

إنهاء الاحتلال وعضوية فلسطين الكاملة

رهينة بمصالح الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن

د. بسام القواسمي

أنشئت هيئة الامم المتحدة لغايات وأهداف وبموجب نصوص الميثاق. ومنها حفظ السلم والأمن الدوليين واتخاذ التدابير الفعالة لمنع الاسباب التي تهدد السلم بغية ازالتها.

وقد ركزت نصوصه على مبدأ العدل والمساواة والقانون الدولي لحل النزاعات الدولية والتي تؤدي الى الاخلال بالسلم والأمن، وكذلك دعا الميثاق الى اقامة العلاقات الودية بين الشعوب والأمم وحق تقرير المصير للشعوب وتحقيق التعاون بالمسائل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والانسانية واحترام حقوق الانسان والحريات والتشجيع على ذلك بدون أي تمييز. وكل ذلك قد اندرج في اطار مبدأ المساواة في السيادة بين الجميع وحسن النوايا في تنفيذ الالتزامات التي اخذوها على انفسهم وعلى حل النزاعات الدولية بالوسائل السليمة.

اما المادة 3 في الميثاق فتحدثت عن العضوية واصفة الانضمام الى الامم المتحدة بأنه متاح لجميع الدول المحبة للسلام، وان تأخذ على نفسها الالتزامات التي يتضمنها الميثاق. والمفارقة الكبرى ان اسرائيل بعد انضمامها الى الامم المتحدة نفذت كل هذه الالتزامات نصا وروحا من خلال احتلالها للارض وتهديد المقدسات وتقتلع الشجر والبشر وتهدم البيوت وتقتل الاطفال والنساء والشيوخ وتبني المستوطنات!!!

اما فلسطين المحتلة فلا تستطيع الحصول على العضوية الكاملة،أو تحديد موعد لإنهاء الإحتلال، مع انها تؤمن بالديمقراطية والمساواة والعدل وسيادة القانون وتحافظ على الحقوق والحريات والتعددية السياسية في انسجام تام وكامل مع القانون الدولي.

لا تمتلك فلسطين البترول والمال والذهب لترشي بقية الدول للحصول على العضوية الكاملة كما فعلت بعض الدول وان حق تقرير المصير للشعوب والاعتراف بها وانضمامها على ما يبدو اصبح رهينة بمصالح الدول الدائمةالعضوية في مجلس الأمن، فها هي الولايات المتحدة لوحت باستخدام "الفيتو" ضد انضمام فلسطين الى عضوية الأمم المتحدة ، وضد مشروع لتحديد مدة زمنية لإنهاء الإحتلال الإسرائيلي، وقبل ذلك قامت بتهديد الدول التي ستصوت لصالح انضمام فلسطين في مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة. أما بخصوص الأنظمة الدكتاتورية فلها ولها كل الغطاء الدبلوماسي للمحافظة على المصالح الشخصية فروسيا تستخدم حق النقد الفيتو ضد أي قرار يصدر ضد النظام السوري حيث يسوقون لنا بأن نظام الأسد هو نظام ديمقراطي يحافظ على الحقوق ويصون الحريات ويؤمن بالتعددية السياسية، لكنهم نسوا على ما يبدوا اننا نعرف جيدا ان الوجود العسكري الوحيد لروسيا في الشرق الأوسط هو في ميناء طرطوس السوري الذي يعتبر بمثابة قاعدة عسكرية روسية.

وقد تجاهل الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن ان المادتين الخامسة والسادسة من ميثاق الأمم المتحدة تنصان انه يجوز للجمعية العامة ان توقف عضوية اي عضو في الأمم المتحدة خالف التزامات العضوية ومزاياها. وهنا تبدأ المشكلة الحقيقية والمتمثلة في آلية اتخاذ القرار في هذه المؤسسة الدولية، حيث لا يمكن تمرير توصية لأي قرار الى الجمعية العمومية الا بموجب توصية من مجلس الأمن. ويحق لأي عضو من الأعضاء الدائمين ان يستخدم حق النقد الفيتو ضد اي توصية او قرار، وهذا الفيتو يكفي لكي يتم تعطيل اي قضية، لكن الأمور اصبحت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمصالح وتوازنات العلاقات الدولية، لاسيما بين الدول الكبرى، فالقرار الذي يتناقض مع مصلحة دولة من الدول صاحبة حق النقد "الفيتو"، فإنه لا يسمح له بالمرور اطلاقاً، وهكذا اصبحت العضوية في الأمم المتحدة رهينة بمصالح هذه الدول واصبح حق تقرير المصير رهينة بحق النقد "الفيتو" لتلك الدول. أما الشعب الفلسطيني الذي لا يملك المال والنفط والذهب لتقديمه لتلك الدول من أجل السماح له بتمرير توصية من مجلس الأمن الى الجمعية العمومية لنيل حقوقه والاعتراف بفلسطين كدولة كاملة العضوية في الجمعية العمومية في الأمم المتحدة.

ويا للعجب وكأنه مطلوب من فقهاء القانون مطالبة الاعضاء الدائمين بتعديل ميثاق الأمم المتحدة ليتضمن فقرات تقول ان على الدول الواقعة تحت الاحتلال والشعوب التي لا تستطيع تقرير صيرها بنفسها والشعوب التي تعاني من القمع والقتل والتشريد، ان يذهبوا للتنقيب عن البترول والذهب بدل النضال، لعلهم يستطيعون رشوة دول لا يهمها حقوق الانسان بقدر ما يهمها المال والاقتصاد، لاسيما وان بعض الدول دائمة العضوية ترى في مجلس الأمن وفي آلية اتخاذ القرار فيه وسيلة للوصول الى اهدافها واطماعها واستعبادها واستعمارها لشعب العالم الحر المقاوم المكافح من أجل كرامته واستقلاله.

ان العدالة مغيبة تماماً في المؤسسات الدولية، وان مصالح الدول الكبرى هي التي تصيغ مصير الشعوب المضطهدة والفقيرة، وان الشعب الفلسطيني بات مصيره مرهوناً لدى بعض الدول، التي تتحدث ليلاً نهاراً عن الديمقراطية وحقوق الانسان، لكنها تسقط ذلك تماماً لدى مواجهتها بواقع الفلسطينيين، الذين يتوقون ويتطلعون لاستقلال كامل، لذلك فإن الحل يكمن في اعادة النظر في ميثاق الأمم المتحدة وفي آلية اتخاذ القرار وبالذات في مجلس الأمن الدولي لتنال حقوقها وحرياتها بعيدا عن الهيمنة والجبروت ومصالح الدول الكبرى.