الثورة المعجزة في شهرها الحادي عشر
تواجه الأساطيل و"تدافع"
عن الغرب بدل أن يدافع عنها !!
محمد خليفة
[email protected]
تدخل ثورتنا السورية المعجزة شهرها الحادي عشر , وأبرز التطورات التي تحيط بها إثنان
الأول : هو انتقالها الناجز من مسألة سورية داخلية إلى أزمة إقليمية - دولية . تسنقطب الاهتمام وتضغط بقوة على الامم المتحدة والدول الرئيسية في الشرق الأوسط , إذ أن مستوى العنف والقتل بلغ مستوى غير مقبول ولا يمكن السكوت عليه , كما قال بان كي مون مطالبا مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤوليته , والتعامل مع الأزمة بجدية . وتوحي المؤشرات بأن معظم الدول المحيطة بسوريا تتعامل مع الأوضاع في سوريا
باعتبارها ذات انعكاسات مباشرة عليها أمنيا وطائفيا واقتصاديا , من لبنان والأردن إلى تركيا وإيران مرورا بالعراق ودول الخليج العربية , فضلا عن إسرائيل التي ما زالت متخوفة من خسارتها للأسد , ووصول قوى ثورية راديكالية للحكم في دمشق , واتخاذها إجراءات حدودية ولا سيما في الجولان المحتل .
الثاني : هو تطورها على إيقاع قعقة عسكرية غير مسبوقة , في الداخل والخارج . فالقوات العسكرية لعصابة الأسد تنحو الأن في سلوكها لقمع الثورة منحى حربيا سافرا , وتمارس حرب إبادة على شعبنا بدون مراعاة لأحد , ولا التباس , ولا تمويه , بل بكل وضوح وجرأة , خاصة بعد خطاب السفاح الاخير الذي أعلن فيه الحرب على شعبه , متحديا العالم كله , مستقويا بدعم خارجي عسكري ومالي وسياسي غير محدود , من روسيا
وإيران والصين وأطراف لبنانية وعراقية وفلسطينية , وصلت درجة التورط الكامل . أما المشهد الأكثر إثارة في كل ما يحيط بالأزمة السورية فهو مشهد الأساطيل والبوارج البحرية المتعددة الجنسيات التي تتجول وتناور وتتحرك من حول سوريا . ففي البحر المتوسط بوارج روسية , بعضها حربي يحمل رسالة دعم ومساندة سياسية لحكام دمشق , وبعضها تجاري يحمل كميات ضخمة من العتاد والذخائر لجيشهم , وأعتقد أن عملية الكشف عن هذه الشحنات بواسطة قبرص , كان عملا مقصودا ومدبرا من قبل الروس , لتكون الرسالة أشد وضوحا
وعمومية , ولم يكن بطولة مفاجئة من جانب القبارصة اليونانيين , وقد ترافقت العمليتان مع تصريحات روسية دبلوماسية مفادها أن موسكو لن تسمح بسقوط النظام السوري , كما تضمنت تحذيرا من أي تدخل خارجي ضد النظام على غرار ما جرى في ليبيا . وبجانب هذه التحركات الروسية كشفت دير شبيغل أمس أن البحرية الالمانية أرسلت إلى الشواطىء السورية سفن تجسس قامت بجمع معلومات سمعية وبصرية من داخل سوريا , وذكرت المجلة أيضا إن هناك دولا غربية أخرى قامت بنفس العمل في الأونة الأ خيرة , مما يعكس خطورة
الأوضاع السورية ودرجة الاهتمام بها . هذا عن الميمنة أما عن الميسرة فالبوارج والزوارق الحربية الإيرانية منذ ثلاثة اسابيع وهي تجري مناورات حربية وتطلق صواريخ متطورة وجديدة , وتمارس التهديد والترهيب وترسل الرسائل الى الدول العربية الخليجية , وإلى الولايات المتحدة , وربما إسرائيل . وبجانب المناورات العسكرية أطلق المسؤولون السياسيون من طهرات تصريحات واضحة أيضا عن وقوفهم مع حكام دمشق واستعدادهم للتدخل العسكري إذا حدث تدخل خارجي في الازمة السورية , وكشف المسؤولون الفرنسيون أن إيران
خرقت العقوبات المفروضة عليها وأمدت النظام السوري بالأسلحة , وهو تدخل مباشر في الأزمة الداخلية السورية , وكان مسؤولو الحرس الثوري اعلنوا صراحة جاهزيتهم للدفاع عن جلفائهم , وهو أمر مفهوم ومفروغ منه نظرا لأهمية دور سوريا وموقعها في نطاق استراتيجية الدفاع الإيراني الإقليمية .
الشعب السوري الثائر إذن لا يواجه بصدوره العارية قوات النظام العسكرية المدججة , وقوات أجهزة استخباراته الوحشية , ولا قطعان شبيحته فقط , ولكنه صار يواجه الان تهديدات سافرة من اساطيل روسيا وإيران التي تحتشد على مقربة منا دفاعا عن هذا النظام الإرهابي الطائفي الذي لا يتورع بعد ذلك عن الاحتجاج على المعارضة ويتهمها بالخيانة والاستعانة بالاجنبي , وتسعى لفتح الباب امام التدخل الخارجي في
الأزمة الوطنية , كالعاهرة التي تحلف بشرفها وتدعي العفاف !!!
المفارقة في هذا المشهد أن الغرب والدول الكبرى الديمقراطية مجتمعة تقف متفرجة , لا مبالية بالتراجيديا السورية , ولا تقوم بما يتعين عليها القيام به لردع ومواجهة دبلوماسية البوارج والاساطيل بمثلها , خصوصا وأن هذه الدبلوماسية موجهة لها بنفس مقدار توجهها ضد الشعب السوري , وأن الثورة السورية فيها مصلحة استراتيجية للغرب في كل الاحوال , وهي بمثابة اكتساح جديد للقيم الديمقراطية في مناطق النفوذ
التقليدية للروس .
الشعب السوري الذي كان يأمل من الدول الديمقراطية الكبرى مساندته ضد النظام المجرم , صارت الدول الغربية تعتمد عليه هو لمواجهة المحور الروسي - الإيراني وحلفائه المحليين دفاعا عن قيم الديمقراطية وحقوق الشعوب في الشرق الأوسط !!!
ولكن هذه المفارقة ستزول إذا اقتنعنا وأيقنا أن الدول الديمقراطية الغربية , وخاصة الولايات المتحدة لا تؤيد انتشار الديمقراطية في العالم العربي , وربما كانت متضررة من الربيع العربي , وهذا هو المعنى العميق كما اعتقد للمؤتمر الدولي الذي استضافته بيروت , وشارك فيه أمين عام الامم المتحدة . فهو يعكس قلقا من كون الربيع العربي والثورات أوصلت للحكم قوى يعتبرها غير ديمقراطية في العديد من الدول
العربية . وهذا يعني أيضا أن شعبنا البطل في ثورته الملحمية اليتيمة يكشف أيضا نفاق الدعاوى الديمقراطية للدول الغربية !!
****************************
ألم نقل لكم إن الثورة السورية معجزة كبرى وحقيقية !!!