يكفيني فخراً أن أقبل يدك يا سيدي

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

هو رجاء ونداء وقل هو توسل , إن أردت مني تقبيل يدك , وسأقبلها , وأقول شكراً لك ياسيدي , لأنك سمحت لي تقبيلها, وتنازلت لذلك الأمر , يكفيني فخراً انني قبلت يدك , بشرط أن تنقذ بلدي من الاحتلال , وتمنع القتل والاعتقال والاغتصاب والتهجير , وتسمح لي ولغيري أن أعبر عن رأيي وتحاكم من قتل شقيقتي وشقيقي وأبي , وأن تدلني عن المكان الذي فيه قد دفنوا , حتى أزور ترابهم الثري الطاهر والذي تطهر برفاتهم , رفات الشهداء , وأقرأ لهم ماتيسر من القرآن , وأسلم عليهم يداً بيد ,  نحسبهم أحياء يرزقون , وأن تحاكم كل مجرم في بلدي , لينال جزاؤه وبدون ظلم , وكل نفس بما كسبت رهينة , ولا تزر وازرة وزر أخرى .

هل تعلم ياسيدي أننا نعيش تحت ظل احتلالٍ منذ خمسين سنة ويزيد ؟ وبيعت فيها أجزاءاً من أرضنا في البداية , وباع الاحتلال كل الوطن والشعب والموارد فوق الارض وتحتها , بعد أن تمكن من السيطرة , ولم يخلو بيت في سورية كلها ,من مصيبة أو مصائب من فعل هذا الاحتلال , فالقتل والتعذيب , وأوكار الأفاعي سنين طوال , وخروجهم منها مرضى ومجانين وأموات , وأعضاء الشهداء والجرحى والدماء صارت في أحشاء الأغنياء من دول العالم , وكلها انتزعت وبيعت في أسواقها السوداء , واغتصبت النساء والرجال , وبترت الأعضاء وفقئت الأعين , وانتزعت حناجر المنشدين , وكسرت أصابع الرسامين , وانتزعت أظافر الأطفال وشرد الملايين , ومنع موتاهم من الموراة في التراب في مسقط  الرؤوس .

فهل تسمح لي ياسيدي بعد هذه المقدمة أن أكون خادمك المطيع , وأنفذ ماتريده مني إن خلصتني من هذا الاحتلال .

لست اتحدث لنفسي , ولا لشيطان يقف بجانبي أو قبالتي , ولكن أتحدث لأناس علهم يفقهون كلامي ويعون قولي

ياسيدي لو نظرت ماتملك , لوجدت أن قوتك تفوق قوة النظام وكل من يسانده أو يدعمه , ولا يمكن أن يهزمك عدو مهما كانت غطرسته وقوته .

في الداخل عندك نهرين جبارين , نهر الثورة السلمية من الجنوب إلى الشمال , من خربة غزالة إلى خربة الجوز , كالعمود الفقري لسورية , ويتصل معه روافد أينما حل وأينما سار هذا النهر العظيم , روافد من الغرب والشرق , وعلى كل بحيرة ودوار وبستان , او قل عند كل فقرة , رجال أبطال أقوياء أشداء , تعرفهم بسيماهم , أحرار ولدوا من ظهور أحرار , ومن أرحام حرائر لم يعرف لهم التاريخ الحديث والوسيط مثيلاً , هم أبطال نزروا نفوسهم ومقامهم , وحياتهم خدمة وحماية للنهر العظيم هم المنضوين تحت ألوية وكتائب جيشنا الحر العظيم .

ستقول ياسيدي أعرف ذلك ولكن مالمطلوب مني حتى يعطي النهر خيره للوطن والجيران وكل محتاج , لينعم في حياته الدنيا قبل مغادرتها .

أقول لك ياسيدي , حتى لاتنقطع روافد النهر العظيم , أو ينقطع الحبل الشوكي وأعصابه في اماكن متفرقة , ومنها سيعجز العملاق عن الحركة , ومن ثم ينزوي ويموت  , فيصبح عندنا بدلاً من خير كثير, ينشأ من خير نهرنا العملاق , يصبح الوطن مستنقعات نتنة , لاتفتقر إلا للروائح الطيبة , والغنية بكل سوء من أقذر الحشرات لأخطر الحيوانات المفترسة .

لعلك تهت ياسيدي بكلامي فمرة أقول نهر , ومرة أقول عموداً فقرياً , فأينما وجدت المياه ياسيدي وجدت الحياة  

والانسان لايمكنه الحركة وعموده الفقري مكسور , فالقوتان الموجودتان في الداخل , هما قوة الشعب والذي يتظاهر في كل مكان , وقوة أبطال جيشه الحر , فالجيش الحر هو العمود الفقري للثوار , وهم النهر الدافق العظيم , وحتى يبقى هذا العمود قوياً امام أعدائه , ومحطماً لهم يحتاج منك أن تدعمه بكل ماعندك من وسائل الدعم .

لنختصر الموضوع أنت ياسيدي تمثل أحزاب المعارضة وتكتلاتها في الخارج , والمطلوب منك عملين اثنين فقط

الأول :تعمل جهدك المطلق وتقف وقفة عز وقوة مدعوما من الثوار في الداخل , وتضع القضية عند الامم المتحدة , إن تصرفوا لصالح الثورة كان خيراً, وإن لم يتصرفوا ,سيبقى سيفاً مسلطاً على رقبة النظام يخشاه ليل نهار .

الثاني أن تقتنع أن النظام ساقط لامحالة , ولا تبحث عن قشور تفتكرها لب بطيخة , وإنما اجعل كل ماعندك من إمكانية مادية , لجيشنا الحر والثوار السلميين , ومع دول يمكن أن تفتح لكم ممراً آمناً لادخال الدعم العسكري والمادي واللوجستي لهؤلاء الأبطال , واتركوا كل المستحقات والمؤتمرات , والمكاسب التافهة التي تتصورونها , واعملوا فقط هلى هذين البندين

وصدقني ياسيدي لو فعلتم هذا , لن يمر شهراً واحداً , إلا وقد اكتمل التحرير , بحرب عصابات يشنها أبطالنا , وجيش المجرم يكاد يموت من الجوع .

فمتى ياسيدي ستسمح لي بتقبيل يدك , وأنا لك من الشاكرين ؟