لا حياة لشعب يعيش بين الحفر
لا حياة لشعب يعيش بين الحفر
رضا سالم الصامت
ترتبط الثورة في أذهان الناس بحالة الفوضى و الانفلات الأمني و حرق المنشآت و المؤسسات و عمليات نهب و عنف بشتى أنواعه الخ... و كمصطلح سياسي هي الخروج عن الوضع الراهن وتغييره باندفاع يحركه عدم الرضا، والتطلع إلى الأفضل أو حتى الغضب الذي يولد فوضى و هذه الفوضى تحدث عقب انهيار الأنظمة الدكتاتورية و هي المرحلة الأولى لولادة الثورة و هذا طبيعي... هي تحدث خلل في الحياة العامة و في مؤسسات الدولة اثر تغيير نظام و بالتالي هي تعطي المجال لطرح أفكار جديدة حول الدولة و مؤسساتها الرئيسية و انتقال السلطة من حكم استبدادي إلى حكم ديمقراطي ، و انتقال البلاد لمرحلة ثانية في النظام و المجتمع
فالثورة ظاهرة مهمة جدآ في التاريخ السياسي. و هي حركة سياسية في البلد حيث يحاول الشعب إخراج السلطة الحاكمة و يؤسس الشعب حكومة جديدة في البلد بعد إسقاط الحكومة السابقة، ويسمى هذا التغيير في نظام الحكومة ( أوفي القادة الحاكمة ) ” الثورة “ لأنه يصبح إلى السلطة الحاكمة الجديدة
في الثورات أحيانا، يتعرض الجيش ضد السلطة الحاكمة، وبعد ذلك يؤسس حكومة وقتية في البلد. وفي الحقيقة يبدأ كثير من الثورات من عند الشعب ولكن تنتهي في دكتاتوريات عسكرية. انتهى معظم الثورات في أمريكا اللاتينية بحكومات عسكرية مثلا. نرى في التاريخ أن الثورة حادث سياسي خطير. معظم الثورات في التاريخ السياسي عنيفة. وكثير من الثورات أصبحت حروب ثورية ومات فيها كثير من الأبرياء. والثورة هي مجموعة من التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تؤدي إلى تغيير جذري شامل في المجتمع
الثورة الفرنسية على سبيل المثال التي انطلقت عام 1799 حالت السلطة دون التطورات الاجتماعية و الاقتصادية التي شهدتها البلاد . نفس الشيء تقريبا في روسيا عندما قامت ثورة 1917 بعد أن نقل الأفكار الماركسية إلى مجتمع جديد ، بينما في الصين نجحت الثورة لأن المجتمع بحاجة إلى التغيير ، حيث كان يعاني من الفساد الضارب أطنابه و الحكم الإقطاعي الإمبراطوري مع التدخل الأجنبي
أما في الصين فقد نجحت الثورة لأن المجتمع بحاجة إلى التغيير ، حيث كان يعاني من الفساد الضارب أطنابه و الحكم الإقطاعي الإمبراطوري مع التدخل الأجنبي . الشعب الصيني كان يدرك تماما أهمية المحافظة على ماضيه العريق و ثقافته الرائدة و حضارته . فكانت ثورته ناجحة ضد الظلم و ضد الاحتلال الياباني ، حيث قامت مع بداية القرن الماضي و استمرت من سنة 1941 إلى 1949 و قيام جمهورية الصين الشعبية و دعمت حقوق العمال و الفلاحين و تنمية الإنسان الصيني على كافة الأصعدة
الثورة الصينية نقلت البلاد من حالة البؤس إلى حالة الإصلاح و من حالة الانغلاق إلى حالة الانفتاح و ثلما قال الزعيم الصيني دينغ سياو بينغ : " لا يهم إن كان القط لونه أسود أو أبيض ، لكن الأهم أن يكون قادرا على صيد الفئران
هذه فكرة عامة عن أهم الثورات التي حدثت في العالم ، تقريبا و لكن ثورات الربيع العربي أعطت مثالا لدى الشعوب في أن لا حياة لشعب يعيش بين الحفر ، و هي ثورات سلمية حضارية قوبلت بسخط الحكام الطغاة و بآلتهم العسكرية التي تقتل و تعيث فسادا على الأرض مثل ما يحدث الآن مناطق أخرى من بلادنا العربية
إن الشعب إذا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب له القدر هكذا قال شاعر تونس الخالد أبو القاسم الشابي .. فالثورة تدفع الناس إلى حياة التحرر من القيد ، تدفع الناس إلى الشعور بالمسؤولية و الكرامة الإنسانية . تدفعهم إلى النهضة و التطور الصناعي و الاقتصادي و التحول الحضاري و الديمقراطي
هذه الديمقراطية التي تجعل الأفراد و الجماعات بالدولة يحتكمون إلى قانون و مؤسسات و أن يحكم الشعب نفسه بنفسه دون أي تمييز لا عرقي و لا ديني ، و يتحقق الانسجام بين كافة أفراد الشعب . فالثورة اذن هي من تدفع الناس إلى حياة التحرر من القيد و الظلم و العصا الغليظة ، ليكون الغد أفضل.