الثورات الشعبية في مصر خاصة – وغيرها
الثورات الشعبية في مصر خاصة – وغيرها
بين تحقيق مطالب الشعوب .. وتربص الذئاب!!
عبد الله خليل شبيب
من الصعب على اي مراقب ..أن يتابع – الأحداث المهمة التي تمور في المنطقة – وبؤرة الأحداث – الآن – في مركز المنطقة – مصر – الأثقل وزنا والأكثر عددا ..ومركز القيادة العربية – في معظم الأمور – في حال تعافيها ..وأخذها وضعها ووزنها الطبيعي – اللذين أفقدها إياهما [ النظام الآفل العاجز الهرم المتخاذل ]!
ففي كل لحظة يجدّ حدَث أو أحداث – ولكل حادث حديث -..ومن الصعب توقع ما يمكن أن تؤول إليه الأحداث .. لأن الاحتمالات كثيرة ..والتداخلات متشابكة ... وقوى الصراع متنوعة ..وربما غير متكافئة – خصوصا في بعض النواحي ..والآمال كبيرة ..وكثيرة ..وكان الله في عون الشعب المصري والشعب العربي في تحقيق مآربه ومطامحه وأمانيه في الحرية الحقيقية ..والحياة الأفضل ..والعيش الأسهل .. والمساواة وتكافؤ الفرص ..إلخ بالرغم من تراكم المتناقضات والفساد والنهب والإفقار والمديونية وعوامل العجز والتعويق ..إلخ
ولكن – ونحن بصدد الحديث عن أوضاع متغيرة بسرعة .. لا بد من تحديد بعض البدهيات .. – التي تشترك في معظمها أغلب بلدان المنطقة – وذلك التحديد للمحاولة على المحافظة على شيء من الاتزان – ونسبة من وضوح الرؤية ..وحتى لا تفقد البوصلة ..ويضيع – أو يصعب الأمل في الوصول إلى شط الأمان !..:
أوضاع متردية..الموت أفضل منها ! :
1- لا شك أن الأوضاع عامة – في مصر وأشباهها .. قد تردت إلى درجة هائلة .وتفاقمت .. بحيث أصبح السكوت عليها شبه مستحيل .. حتى إنها وصلت – في بعض الأحيان إلى درجة قريبة من الموت والعدم – بل ربما زادت ..وأصبح الموت أحيانا – أخف من العيش في مثل تلك الأوضاع أو تحملها !
2- إن الشعوب ملت تلك الأوضاع ..وبدأ بعضها يضحي بالحياة [ الحرق والتعرض للقتل والأذى البالغ من الأجهزة القمعية ].. يأسا من أوضاعها البائسة ..ولذا بدأت تتململ .. حتى شعرت بقوتها الحقيقية أو اكتشفتها .. فانتفضت بقوة وسرعة .. وأزاحت عنها كابوس الشر المتنوع ..كما حصل في تونس ..وكما يحصل في مصر – ولربما يتم لمصر فرحها بالخلاص من [ كابوس الطاغوت المحنط العاضّ على الكرسي بالنواجذ لدرجة الاستعداد لقتل شعبه وإشعال حرب أهلية بتحريض الصهاينة ومشاركتهم في سبيل بقائه خادما مطيعا علنيا ..وكنزا استراتيجيا لهم ].. نقول ربما يتم لمصر ذلك ( العيد) قبل أن يرى هذا الكلام النور [ والأفضل له وللجميع أن يختصر الشر ويحمل عصاه ويرحل ويريح ويستريح - لكن لا بد من استرداد ثروة الشعب منه ومن كل اللصوص!!] ..
وكما ذكرنا آنفا - فالتوقعات صعبة في ظل المتغيرات السريعة ومتنوعة الاتجاه والجواذب والجوانب والمظاهر ..إلخ!
الانتفاضات شعبية عفوية ؛ لكن الذئاب تتربص بها! :
3- حركات التغيير – أو الثورة أو الانتفاضات .. شعبية أصيلة – عفوية في معظمها ..مهما كان هنالك من القوى المتنوعة التي تود تطويعها لأغراضها ..اوتسييرها حسب رغباتها وأهدافها .. أو منع تحقيقها لآثار معينة .
4- وفي حالة مصر – خاصة – ومعظم الحالات المشابهة والمجاورة .. هنالك قوى وجهات متعددة تطمح – وتحاول التدخل – بشكل أو بآخر .. لتسير الأمور حسب أهدافها – كما ذكرنا – أو لتفادي أمور معينة .. ومن تلك الجهات قوى خارجية طاغية وذات إمكانات هائلة كالولايات المتحدة الأمريكية والدولة الصهيونية واوروبا .. وفي الداخل المنتفعون من النظم الفاسدة ..والفاسدون والقامعون والمستغلون .. إلخ وكذلك مختلف القوى الحزبية والجهوية والطائفية والعنصرية..وكثير من المؤسسات والتجمعات ... ولكل أجندته وبرامجه وأفكاره وتطلعاته.
ولا بد أن معظم تلك الجهات تخطط وتحاول التدخل بشكل أو بآخر .. وخصوصا القوى الأكثر خوفا من التغيير الحقيقي ..كقوى الاستعمار الأجنبي وحلفائه الطبيعين من الناهبين والفاسدين والعملاء والجواسيس..إلخ
وبدون أدلة واضحة صارخة .. ولعلمنا بطبيعة أؤلئك .. وممارساتهم ..وتوجهاتهم .. لا نشك أن الصهيونية بالذات ..- ومعها أو من ورائها- أو أمامها - أمريكا تخطط وتدبر وترسم .. وتحاول قطف الثمار – أوعلى الأقل إحباط المساعي الشعبية ..وإجهاضها .. وإبدال تحقيق مطالبها الحقة والعادلة .. بإجراءات تمويهية ..وشعارات وهمية – قد تشوبها بعض المسكنات المؤقتة .. ليتوهم الناس أن التغيير حقيقي .. على الأقل إلى أن تستقر الأوضاع ..وتتمكن القوى البديلة والوكيلة من القبض على زمام الأمور ... ثم يكون ما يكون ... من محاذير مهولة ومجهولة ..!
فإذا ما وُضع في الحساب ما ذُكر من قبل أن لأمريكا واليهود قاعدتين سريتين بمصر ..وأنهما تراهنان – بأغلى ما عندهما – على بقاء النظام الفاسد المتلاحم معهما ..والذي طالما أشادا به وبرئيسه .. عرفنا خطورة الأمر ...وأن من الصعب أن يسلما بسهولة بسقوط ذلك النظام ونهجه كليا حيث أنه يوازي [ الروح – أو نصف الروح ] للكيان الصهيوني .. فإذا أضفنا إلى ذلك ماضي تلك القوى ..ومهارتها في إجهاض وإحباط الثورات والانتفاضات ..ومسخ المطالب الشعبية ..وتزويرها وتخديرها وتحويرها حسب مصالحهم .. مقابل ضآلة إمكانات الجهات المخلصة والشعبية العفوية في الرصد والكيد.. إذا عرفنا ذلك كله وغيره ..حق لنا أن نتوجس ..ونترقب ونحذر ولا نتعجل .. وأن نضع أيدينا على قلوبنا .. ونقول ( يا ساتر ..استر )ّّّّّ !!!
جماهيرنا مسلمة وليست خطرا على أحد! .. فلماذا ينكرون عليها دينها ويصرون على تجريدها منه ؟! :
5- أعداؤنا يعرفون أن أغلبية جماهيرنا مسلمة – وغير المسلمين جزء أصيل متلاحم متعايش معهم منذ مئات السنين- .. وأن معظم الشعوب قد وعى حقيقة إسلامه .. وشموله لكل مناحي الحياة والكون والآخرة ..ويعالج كل قضايا الإنسان وأوضاعه ..وأن تحرير الأقصى والمقدسات فرض من فروض هذا الدين لا يتم إلا به فمواصلة دعم أية جهة للباطل الصهيوني خسارة لها مؤكدة ومتواصلة - وعداء معلن لشعوب المنطقة !!
وأنهم- أي المسلمين والعرب – وغيرهم حتى من الغربيين – أحسوا بإفلاس النظم المعاصرة [ كالرأسمالية والليبرالية والعولمة ..إلخ وبعد الشيوعية التي تبخرت ببساطة كذلك بعد أن كانت تملأ نصف العالم وتقض مضاجع خصومها – وخصوصا الرأسماليين الغربيين ..] .. وأقر كثير من الغربيين بإفلاس نظمهم .. ولجأ بعضهم لحلول من الشرع الإسلامي أو ما يشبهها – لمواجهة الأزمة المالية العالمية الأخيرة التي ما زال العالم يعاني من آثارها ..وإذا عرفوا طموح أغلبية الشعوب الإسلامية للتحرر والانعتاق من نيرهم ونير غيرهم - حتى في النظم الحياتية ..وتطلعها لتطبيق شريعتها التي حُرمت منها طويلا .. ووجود بعض الدعوات والتنظيمات التي تنادي بذلك – على نحو معتدل وغير صدامي ولا عدواني .. وبذلك تستقطب تعاطف الشعوب وتتجنب كثيرا من المحاذير – إلا عند بعض النظم المفترية أو العميلة التي تتعمد إيذاءها ومؤيديها تعنتا وبدون أسباب مقبولة – وربما ليثبتوا للأعداء أنهم يقاومون الإسلام ليرضوهم– كما كان نظام مبارك ومخلبه الصهيوني الذي عينه نائبا عنه – بأمر أسيادهما الصهاينة والأمريكان – نائبا عنه = تمهيدا لفرضه على مصر وشعبها – ككابوس أثقل وأقذر وأحطر كثيرا من النظام والرئيس المتهاويَين.. – وقد يلجأ الجيش لتلك [ الخطوة الخطيرة ] – بأمر اليهود والأمريكان كذلك - في الوقت المناسب .. ربما بحجة حسم الأمر .. وفرض [ حل وسط!]ولذا فمن المهم جدا أن يعي المتظاهرون هذا الأمر جيداً .. ويرفضوا أية آثار أو رموز من النظام المرفوض الذي ثاروا ضده - ولو اضطر الشعب إلى تحويل انتفاضته إلى ثورة دموية – أو إلى حصول تمردات وانشقاقات في الجيش وغيره – لا سمح الله -!! وإلا راحت كل تضحياتهم أدراج الرياح – ( وكأنك يا بو زيد ما غزيت )..!! ولربما أحكم [ الإرهابي القمعي عمر سليمان – واسمه خسارة فيه- ] القبضة على رقبة مصر وشعبها .. واحتاج الأمر لبضعة عقود أخرى .. حتى يحاول الشعب المصري التنفس والانعتاق ..وحتى ترى مصر – وتبعا لها – العالم العربي نور الحرية والتحرير!!
وهكذا .. فالهاجس الإسلامي يزعجهم – ولو لم يكن متطرفا .. أو لا يؤمن باستعمال العنف ..ولكنهم مع ذلك يخشون أن يكون البديل ..ويرفعون عقائرهم بالتحذير من ذلك والتوجس منه.. ويصورون ( الإسلاميين ) بصورة الوحوش والإرهابيين الذين – إن استولوا على الأوضاع فلن يكون لهم منهم إلا الويل والثبور وعظائم الأمور .. ومن هنا سمعنا تصريحات صهيونية وأمريكية وغيرها كثيرة – وحتى من بعض بني جلدتنا وأوطاننا !.– تحذر من الحركة الإسلامية واحتمال سيطرتها وقطفها للثمار- حتى مبارك طالما خوفهم [ببعبع الإسلام وحركاته ] ونال – تحت ستار تلك التخويفات - تغاضيهم عن اضطهاد مواطنيه وشارك [ نائبه الأخير رجل الأمريكان واليهود المفضل ] ورئيس القمع والتعذيب في كثير من جرائم القتل والتعذيب حتى الموت بتواطؤ مع أسياده الذين أمروا مبارك بتعيينه نائبا له – ظانين أن الشعب المصري [ أهبل ] وأنهم سيفوزون بعميل أنشط وأقذر وأكثر دموية ووحشية من مبارك البائد!! .. مع أن حسني مبارك نفسه شريك في كل الجرائم التي ينفذها تابعوه .. بل إنه سبقهم لذلك فيداه ملوثتان بدماء السودانيين الذين قصفهم حين كان طيارا في العهد الناصري وشارك في قصف جزيرة ( أبا ) السودانية من معاقل المهديين وحزب الأمة .. وظن – هو وغيره – أن التاريخ نسي ذلك !
ولكن الحركة الإسلامية – مع قوتها وكثرة أنصارها – تطمئن المتوجسين والمتخوفين أنها لا تريد السيطرة على الحكم ولا الاستفراد به ..ولا تطمح في رئاسة ..وأنها كطيف من أطياف الشعب فقط تشاركه ولا تريد إلإ الإصلاح والخير للجميع .. – ولكن – مع ذلك فالإعلام الأجنبي والصهيوني والحليف – يصم آذانه – ويُعمي عيونه عن ذلك ؛ ويصر على مواصلة التحريش والتحريض والتخويف والتضخيم ..إلخ!! ومن بتابع فضائية مثل [ سي . إن . إن ] يلاحظ تركيز كاميراتها في أكثر نشراتها على المصلين في المظاهرات وعلى المحجبات والمشايخ والملتحين..بينما فضائية مثل المنار الإسلامية .. تعرض أولا غير المحجبات ..!
ومن هنا لم يكن من المناسب أن يظهر بعض من يزيد من إثارة المخاوف والهواجس والشكوك عند الأعداء – حتى لا يزيد تألبهم علينا – ولا يجدوا مزيدا من الحجج للتحريض والتشويه والتخويف ! .. كبعض الجهلة والمتحمسين – وربما المدسوسين أحيانا- ..الذين يحَُمِّلون الثورات الشعبية العفوية أكثر مما تحتمل .. فيصرحون ويهتفون أمام الكاميرات .. بمطالب عجزت عنها دول ..وتحتاج لمدة طويلة ليمكن تحقيقها .. كالحكم بالشريعة ..ومحاربة الدولة الصهيونية وأمريكا .. وتدمير ما يعتبرونه مكاسب – عملوا بجهد وصرفوا الكثير حتى وصلوا إليها !!
فإذا أضفنا أن النظم المتداعية – وخصوصا في مصر .. تعتمد في سلاحها – وفي قوتها اليومي على أمريكا .. وأن هناك من عملاء الصهيونية ومن اليهود [ كيوسف والي وأمثاله ] من عمل على تعقيم أرضها وتدمير مواردها وخصوصا غذاؤها الاستراتيجي من القمح والفول ونحوهما حتى لجأت لاستيراد القمح من أمريكا والفول من الصين !!..كما قتل القطن الذي كان لمصر أفضل وأغنى من البترول !!- وها هو لا يزال طليقا آمنا في بيته ؛ ولعله لا يهرب كمن هربوا قبل أن يحاسبهم الشعب ويكشف تآمرهم وخططهم وضلوعهم مع الصهيونية المدمرة المخربة !!
.. إضافة إلى أن الدولة الصهيونية تقود وتحرض دول حوض النيل على مصر والسودان حتى في جال وجود نظام عميل لها في الأولى ..وآخر سلخت عنه نصفه وهو عاجز – في الثانية .. ! فكيف إذا استقلت مصر خاصة وغيرها ..وإذا أرادت أن ترفع رأسها وتحقق طموحات شعبها ؟؟!! – باختصار : .. إن الأمر يحتاج إلى كثير من الحكمة والتعقل والتدرج ..
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
مسكين من يرث تلك التركات المثقلة كان الله في عونه!:
6- من البدهي .. أنه ليس هناك عاقل .. يرضى أن يرث وضعا من تلك الأوضاع المهلهلة في العالم العربي ..والتي عمل حكام فاسدون أو مغسولو الدماغ – أو وكلاء عن أعداء الأمة .. في تدميرها وإفسادها ..وأوصلوها إلى المراحل التي ذكرناّّ فمن يرضى أن يرث [ تركة مثقلة ] بالفساد والديون وتدمير الموارد وإشاعة الجرائم المختلفة والفساد الأخلاقي ..وتعتمد على كثير من الموظفين وغيرهم من المرتشين أو غير الأكفياء .. ..ومن تعودوا على المحسوبية ..والبطالة ومن الأجهزة التي نخرها الفساد والإهمال..وغير ذلك من أوضاع اقتصادية واجتماعية وتربوية وعلمية وصناعية وزراعية وأخلاقية ..إلخ تحتاج ..إلى جهود الجبابرة ..وربما إلى عقود أو سنين على الأقل - ..حتى تنهض من كبوتها ، وتسترد عافيتها..وتستطيع أن تدرك الركب الإنساني !!.. ولذا فلا بد من وضعٍ انتقالي بأيدٍ أمينة موثوقة – تحت المحاسبة الشعبية والرقابة الصارمة والإشراف الدقيق – لتحاول ردم ما تستطيع ردمه من الهُوّات والحفر الغائرة التي أحدثتها نظم الفساد ..وتحاول أن تسترد بعض الأموال والموارد التي نهبتها وبددتها النظم السابقة وأركانها !
محاذير خطيرة جدا ! تنبهوا لها ! :
7- من الصعب – وربما الخطير – المراهنة على الجيوش – في مثل تلك الأوضاع .. لأن معظمها مخترقة..ومدجنة ..ومبرمجة حسب نظام معين – كما كان جيش الشاه مثلاَ-
وفي حالة مصر – الجيش يترقب .. ولم يمنع مهاجمي المتظاهرين في ميدان التحرير بينما كان يقيم الحواجز على مداخله ليمنع المتظاهرين من إدخال أية عصا أو وسيلة دفاع – ولو احتياطية .ولعله [ بيضة القبان المنتظرة [ .. وقد اٌمِر بالوقوف موقف المتفرج حاليا – غالبا – حتى يحين الوقت المناسب .. فيتدخل لترجيح كفة معينة مقبولة ممن يوظفون – كثيرا من قياداته .. ويدفعون لها رواتب احتياطية – أكثر من رواتبها الأصلية – لمثل هذه المواقف والساعات !! ولعل الصفوف الثالثة من القيادات تحسم الأمر حسما صحيحا .. دون أن يكون فيهم مدفوع أو مدسوس ..ولربما يكون – حتى ذلك – صعباً ونادرً !!!
نظام أحمق .. يدق آخر المسامير في نعشه بيديه ! :
8- هزيلة ومكشوفة – ومًردية لصاحبها تلك اللعبة الخطرة التي يحاول النظام المباركي المتداعي أن يلعبها ليعود للتمكن وإحكام الطغيان وزيادة القمع .. لعبة سخيفة ..ولن تفيده ..ولا تزيد أن تكون من مظاهر [ حلاوة الروح ] لنظام يتشحّط في دمه ويعاني من سكرات الموت الأخيرة ..فمحاولة تسليط بعض قوى الشعب على بعض أسلوب قديم ممجوج مكشوف من عهد فرعون الأول " إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا" يعني فرقا متصارعة ! فالدماء (الإضافية ) التي أسالها نظام مبارك بتسليط البلطجية والأجهزة القمعية وخريجي السجون على المتظاهرين المسالمين – بعد ما قتلت شرطته المئات – ويقال إن حبيب العادلي وزير داخليته السابق يحاسَب عليها الآن أمام النيابة العامة..ويحاول التبرؤ منها هو ومجرموه التابعون ..ويلقي بعضهم التهم على بعض !
.. ولا يفوتنا أن نلاحظ أنه من الخطأ والخطل تفاوُض البعض مع النظام ..ونائبه القمعي القاتل .. بالرغم من إصرار المتظاهرين المعتصمين في ميدان التحرير وغيره على رفض أي تفاوض قبل رحيل الدكتاتور الواهن العاجز .. واعتبر البعض ذلك طعنة في ظهر المتظاهرين وثورتهم النقية - وبمثابة اعتراف بالنظام القمعي المرفوض كليا-!..مما يؤثر على سمعة وتأييد المتفاوضين – خصوصا وأن بعضهم غير معترف به من نفس [ الحثالة الحاكمة التي يتفاوض معها ..وقد دأب النظام على تسميتهم بِـ [ المحظورة ]..ولا زال يحتفظ بالكثير من أفرادهم في سجونه !
.. وكأن تعاملهم مع النظام الآفل إقرار بعدم شرعيتهم .. وموافقة على سجن إخوانهم !
..ومع أن بعض أركانهم كذلك كان مع موقف الشعب في رفض – ولو مجرد التفاوض – وإن قيل إن تفاوضهم كان [ استكشافيا ] ليعلموا مدى جدية [ النظام المنهار ] في التغيير ..وموقفه معلوم معروف ظاهر أصلا وبداهةً!
..وكذلك أنكر الشعب موقف المشاركين في حكومة[أخر الشوط ومحاولة إنقاذ النظام من الموت ]! كما رفض المتظاهرون المعتصمون – الممثلون الحقيقيون لجماهير الشعب وأغلبيته الصابرة الصامتة الجائعة المقهورة – رفضوا أية إجراءات شكلية ..أو [تغييرات تخديرية ] .. قبل تحقيق أهداف الثورة بزوال النظام ..و [ كنس] كل رموزه ..وتواريهم عن الصورة والساحة كليا ..!.. وحقا قيل :
لا تقطعنْ ذنَب الأفعى وترسلها إن كنت شهماً.. فأتبع رأسها الذنَبا
9- خلط الأوراق .. والتشويش ونشر الإشاعات السامة والأخبار الكاذبة والتشكيك .. والحروب الأهلية والجانبية ..وإراقة دماء بعضنا البعض ..مصلحة صهيونية أكيدة .. ليست أيدي الصهاينة بعيدة عنها .. ويعرف ملامحها ..ومواصفاتها وآثارها كل من خبر الصهيونية ومبادءها وتراثها العفن المليء بقتر الدماء وتمجيد القتل والتلذذ بالجماجم والأشلاء ( راجعوا أسفار التوراة وتعاليم التلمود والبروتوكولات )..إلخ.
.. فإذا أضفنا إلى ذلك العلاقة الحميمة بين الصهاينة ونظام مبارك ..وما قدمه لهم من الخدمات الجُلّى – طيلة جثومه نحو ثلاثين عاماعلى صدر مصر وشعبها – عرفنا مدى معزة الصهاينة لمبارك الذي وصفوه [ بكنزهم الاستراتيجي !] وغير ذلك من [وصمات الحقارة والعمالة والدونية ].. ويعلم أنهم لا يفرطون به بسهولة – مهما كلفهم ذلك .. ولكنهم يكيدون ويراوغون ..ويعملون هم وحلفاؤهم في الظلام – بكل دأب وحقد وسم -..ونسال الله أن يبطل كيدهم ..ويعيذنا من شرورهم ..ويردها في نحورهم ..! " ويمكرون ..ويمكر الله .. والله خير الماكرين "!
ليفهم الغرب [ الديمقراطي !] أن الصهيونية لا يمكن أن تعيش إلا وسط مستنقعات الدكتاتوريات العفنة ! :
10- ثبت – لكل ذي عينين ..وعقل – وبما لا يقبل الشك .. أن الدولة الصهيونية [ واحة الديمقراطية في منطقة الدكتاتوريات القمعية – كما يحب منشئوها وداعموها الكاذبون أن يسموها - ]..ووسط الأنظمة الشمولية لا يمكن أن تعيش إلا في أوساط وأجواء مثل تلك النظم التي تجاوزها الزمن ..والتي يدّعي الغرب - ظاهرا وفي تصريحاته العلنية - أنه لا يؤيد أساليبها في الحكم والإدارة..! مع أنه أنشأ أو دعم معظمها .. ويمدها بكل أساليب وأدوات وخبراء القمع والقهر والكبت للشعوب !! فإذا أراد الغرب ( الديمقراطي المتحضر والمساند لحقوق الإنسان ) أن يكون منطقيا مع نفسه ومبادئه المعلنة .. فليعلم وليعلن ..ـ أن الكيان الصهيوني كيان شاذ مفسد لا يعيش إلا – كالحشرات والطفيليات – على الدماء والكيد والفتن – وتشجيع المظالم والمفاسد والقمع لشعوب ترفضه كقوة غزو واحتلال غريبة مرفوضة – لا يمكن أن تتعايش في منطقة ومع شعوب تختلف عنها في الكثير .. ولا تسلم لها بمطامعها .. فقوى الغزو والعدوان والنهب والاغتصاب .. لا بد أن تزول عاجلا أو آجلا..
... ومن هنا فهم يعلمون – جيدا – نتائج أية ديمقراطية حقيقة ..أو تحرر حقيقي للشعوب في المنطقة ..ومعنى أن تملك شعوبنا قرارها -.. ولذا فهم يعملون على عكس ذلك – أي عكس التيار – لمحاولة إدامة أجل الباطل ووكره الصهيوني - ..وأظنهم اقتنعوا أنهم لن يستطيعوا مسخ الشعوب – كما مسخوا النظم ..وخوفوها واخترقوها واستخدموها ..وأبطلوا مفعولها ..والآن .. جاء دور الشعوب .. ومغالبتها للباطل جميعه– مهما عظمت التضحيات؛ومهما كانت محاولات التخدير والتسويف ..!
ويكون الغرب أعمى وواهمًا - إذا تعامى عن هذه الحقائق .. وفي نفس الوقت – يغامر بسمعته وبمصالحه وأمنه – على المدى الطويل ما دام سيصر على دعم قوى غريبة غازية معادية هي أهم سبب لسخط شعوب المنطقة على سياساته الداعمة لمثل ذلك الباطل الواضح البطلان . وإذا أراد التقارب مع الشعوب – مقررة المستقبل – وإذا كان بعيد النظر – فعليه أن يغير سياساته إزاء المنطقة وشعوبها .. ومطالبها العادلة في التحرر الحقيقي وإحقاق الحق وإزهاق الباطل ..
" وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا "...