ع الأوف مشعل... حكاية الوجع الفلسطيني
ع الأوف مشعل...
حكاية الوجع الفلسطيني
د. محمد عقل
"عَ الأوف مشعل أوف مشعلاني.." أغنية شعبية تعود إلى أيام الحرب العالمية الأولى حين أعلنت تركيا مع ألمانيا الحرب على الحلفاء والتي تعرف بأيام السفربرلك، ومشعل هو أحد الفتية الذين ثاروا على قانون التجنيد الإجباري الذي فرضته الدولة العثمانية والذي لم يستثن أحداً سوى من دفع بدلاً باهظاً من النقد(المال) الذي لم يتوفر إلا عند الأغنياء، أما الفقراء مثل مشعل فهم وقود حرب ضروس لا علاقة لهم بها ولا تعني سوى الفراق عن الوطن والأهل والأحبة، فقام عدد كبير من الشباب بالفرار من الأخذ عسكر والتخفي في المزارع والكهوف والجبال، فكانت السلطات تطاردهم مطلقة عليهم اسم "فراري"، أي الفارين من الخدمة العسكرية، والويل لمن يقع منهم في قبضتها... من هؤلاء الفراريين كان مشعل الذي بقي مطارداً حتى ألقى القبض عليه رجل الدولة التركي وساقه إلى الجندية، ومن ثم نقله في القطار إلى جبهة القتال البعيدة، فغنت له حبيبته الملوعة هذه الأغنية الوداعية والتي ما هي إلا حكاية الألوف من الشباب الذين ساقتهم الدولة العثمانية من القرى والمدن الفلسطينية، وقد انتشرت هذه الأغنية عن مأساة الفارين في جميع أرجاء بلاد الشام، فمشعل تبكيه الأم والأخت والحبيبة، والأغنية تصور اللوعة والحزن على فراق الأحبة، وتحكي كيف اختبأ مشعل قرب بركة عين الزيتونة وحاول الهرب فلم يستطع فألقى رجل القانون التركي القبض عليه، وعندما طلب رجل الدولة الوثيقة التي تثبت بأنه معفي من الخدمة، قدّم له مشعل مجيدية ذهب ليتركه وينصرف إلا أن رجل القانون أخذ المجيدية وقال له: أنت فراري، وساقه معه وسط بكاء الأطفال وعويل النساء ومن هنا نشأت أغنية مشعل حيث أخذت أمه وأخته وحبيبته يغنين:
عَ الأوف مشعل أوف مشعلاني** ماني ابتليته هوي إللي اِتبلاني
أنا شفت واحد واقف جنب البركة ** حكيته عربي جاوبني بالتركي
النسوان تنوح و الأطفال تبكي** مع مين نحكي تركي أو ألماني
عَ الأوف مشعل أوف مشعلاني** ماني ابتليته هوي إللي اِتبلاني
شفت القانون جاي من بعيدي ** جيت أهرب ما طلع بإيدي
قال لي الوثيقة ناولته مجيدي ** لطش المجيدي وقال لي اِنتا فراري.
عَ الأوف مشعل أوف مشعلاني ** مع السلامة يا ربعي وخلاني
وقالت محبوبة مشعل من شدة لوعة الفراق :
من يوم غربتك بحبك يا روحي ومن يوم
شفتك خففتلي جروحي ..
بوعدي ما تركتك أشفق على روحي بحبي حلفتك لا تزيد نيراني
..
يا خوف قلبي من الفرقة يا خوفي يزداد غلبي و للوعد ما
نوفي ..
خايفة من
الغربة تنسي المعروفي وتنسى حبي و تنساني وحداني
..
قلبي طاوعني و عيوني خانوني
راح ما ودعني و أبعد عن عيوني ..
بعاده لوعني يا خلق دلوني إيش العمل مع أهلي و
خلاني ..
نوحي يا عيني ويا قلبي إبكي عَ اللي جفاني ومن جفاته
بشكي ..
علي
معاديني وقلوبنا تشكي شو بيني و بينو تا يروح وينساني
..
ليش مشعل بالجفا
بتكويني ما بظن تزعل و قليبك هاويني
..
بحضنك يا مشعل وبعطفك داويني ما زلت
احبك وأطلب أخواني