بيان صحفي في الذكرى الثلاثين لمجزرة تدمر

الحركة تطالب الحكومة السورية بالإعلان عن أسماء ضحايا جريمة الإبادة الجماعية وتقديم المسؤولين للعدالة، وتسوية قضية آلاف المخفيين قسرياً وتدعو السوريين إلى ملاحقتهم في المحاكم الدولية

الأحد 27 حزيران/يونيو 2010

في صباح يوم 27 تموز/يونيو 1980، و في الساعة السادسة منه هبطت تسع مروحيات عسكرية في مطار تدمر العسكري الصحراوي، تحمل قرابة 200 جندي من وحدات "سرايا الدفاع" بأمر "رفعت الأسد" شقيق الرئيس حافظ الأسد، وبتوجيه من صهره "معين ناصيف – قائد اللواء 40 من سرايا الدفاع" (برتبة رائد)، وبقيادة "سليمان مصطفى" (برتبة مقدم، قائد أركان اللواء (138) من سرايا الدفاع)، قُسِّم الجنود إلى ثلاث مجموعات، واحدة تحرس المطار والطائرات، والثانية تحاصر سجن تدمر العسكري الذي كان حينها يضم مئات عديدة سجناء الرأي السياسيين، واقتحمت المجموعة الثالثة (المؤلفة من ثمانين جندي) السجن بالتنسيق مع مديره "فيصل غانم" (برتبة مقدم) الذي كان قد أخضع المعتقلين قبل يوم لتعذيب شديد من أجل إنهاكهم، وأعد خطة لتسهيل مهمة مجموعة الاقتحام، وقام بإخراج المعتقلين إلى الباحات، فيما توزّع كوموندوز سرايا الدفاع أمام المهاجع وفي الباحات الثلاث، وفُتحت الأبواب، أخرج المعتقلون إلى الباحات (1+2+3) مغمضي العيون ووجوههم إلى السقف،. وبدؤوا بإطلاق النار وإلقاء القنابل على المعتقلين العزل الأبرياء المحاصرين، على حين تعالت أصوات المعتقلين بهتافات: الله أكبر، إلى أن أخمدت في دقائق في مجزرة رهيبة كان ضحيتها ما يزيد عن الألف مواطن سوري من سجناء الرأي.

بالرغم من محاولة التكتم الشديدة إلا أن المجزرة كشفت عندما اعتقل جهاز الأمن الأردني مجموعة من العناصر المسلحة في 31/1/1981 ممن أرسلتهم المخابرات السورية لاغتيال رئيس وزراء الأردن الأسبق مضر بدران، وتبين أن عنصرين منهم كانا قد شاركا فعلاً في مجزرة سجن تدمر، واعترفا بذلك، وقدما تفاصيل مذهلة عن المذبحة المروعة، وتابعها الشعب السوري والعالم عبر التلفزيون الأردني آنذاك، ثم نشرتها صحف الأردن وضُمت إلى وثائقه الرسمية للحكومة الأردنية، وقد أطلعت لجنة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة الأمم المتحدة على تفاصيلها، في الجلسة التي انعقدت في جنيف في دورتها السابعة والثلاثين على وقائع المجزرة، والتي وزعت فيها الوثيقة رقم (E/CN/4/1469) تاريخ 4/3/1981 التي ضمت إفادات المشاركين في المجزرة وتفاصيلها المريعة.

وإذ تتكتم الحكومة السورية عن تفاصيل المجزرة وإعلان أسماء الضحايا منذ ثلاثين سنة، وتندرج هذه المجزرة المروعة تحت وصف "الإبادة الجماعية" و"الجريمة ضد الإنسانية"، فإن حركة العدالة والبناء تطالب السلطات السورية بـ:

1- الكشف أسماء جميع ضحايا هذه الإبادة الجماعية.

2- الإعلان الرسمي عن التفاصيل الكاملة لمجرياتها من التخطيط إلى التنفيذ.

3- تقديم مرتكبيها والمسؤولين عنها للعدالة، في محاكمات علنية وعادلة.

4- الكشف عن مكان دفن جثث الضحايا وتكريم رفاتهم، وإعادته إلى ذويهم.

5- التعامل المسؤول مع قضية 17000 سوري مخفيين قسرياً في السجون السورية والكشف عن مصيرهم، والاستجابة لطلب "لجنة مناهضة التعديب والمعاملة غير الإنسانية" في الأمم المتحدة (أيار/مايو 2010) حيث كانت مجرة تدمر بداية لسلسلة عمليات إعدام جماعية منظمة طالت الآلاف من المعتقلين السياسيين.

6- الاعتذار لأهالي الضحايا عن كتمان مصير أحبائهم الذي نتج عنه نفسية اجتماعية مدمرة وتعويضهم لتخفيف الضرر عنهم.

7- الكف عن المعاملة التمييزية وغير الإنسانية لذوي الضحايا والتي لا تزال مستمرة إلى اليوم.

8- التوجه للشعب السوري بالاعتذار عن انتهاك حرمة دمائه البرئية.

9- تقديم ضمانات حقيقية بعدم تكرار مثل هذا الإبادة.

وإذا تطالب حركة العدالة والبناء بذلك فإنها تذكر الحكومة السورية بالمواثيق الدولية التي وقعتها، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تكفل حق الحياة، وتعتبر الإخفاء القسري جريمة ضد الإنسانية، بالإضافة اتفاقية مناهضة التعذيب والمعاملة غير الإنسانية، وغيرها من الاتفاقات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وتدعو الحكومة السورية إلى الالتزام بمزاعمها أمام الأمم المتحدة بشأن الحماية من الاختفاء القسري، وتذكرها بالمواد الدستورية التي تكفل حق الحياة، وبشكل خاص المادة 25 من الدستور التي تنص على عدم جواز التوقيف التعسفي أو ممارسة أي شكل من أشكال التعذيب وتكفل حق المقاضاة العادلة.

وتدعو حركة العدالة والبناء جميع السوريين، وبشكل خاص ذوو الضحايا والمحامين ونشطاء حقوق الإنسان، إلى متابعة حقهم وملاحقة المسؤولين عن المجزرة في المحاكم الدولية وحيثما أمكن، والسعي إلى محاسبتهم طالما السلطات السورية مستنكفة عن ذلك ومستخفة بدماء السوريين الأبرياء.

حركة العدالة والبناء