وخرج سجناء دعاة الحرية
وخرج سجناء دعاة الحرية
محمد فاروق الإمام
[email protected]
يوم الأربعاء الماضي 16 حزيران كان عرساً وطنياً بامتياز حيث تتوج هذا اليوم بخروج
المعارضة السورية الدكتورة فداء الحوراني رئيسة المجلس الوطني لإعلان دمشق للتغير
الوطني الديمقراطي المعارض، بعد أن أمضت عامين ونصف العام خلف القضبان في سجون
أعداء الحرية، هي المدة التي قضت محكمة الجنايات الأولى بدمشق حكمها الذي أصدرته
يوم 29 تشرين الأول في العام 2008 بتجريم قياديي (إعلان دمشق) وهم رياض سيف، وفداء
أكرم الحوراني، وأحمد طعمة، وأكرم البني، وعلي العبد الله، وجبر الشوفي، وياسر
العيتي، وطلال
أبو دان، ووليد البني، ومحمد حجي درويش، ومروان العش ومراسل جريدة العرب اليوم
الأردنية فايز سارة، بجنايتي (إضعاف الشعور القومي ونقل أنباء كاذبة من شأنها أن
توهن نفسية الأمة).
وكانت السلطات السورية أفرجت يوم الأحد الماضي 13 حزيران عن ثلاثة من قياديي (إعلان
دمشق) هم أكرم البني وجبر الشوفي وأحمد طعمة، ومن المنتظر أن يتم الإفراج عن كافة
قياديي إعلان دمشق المعتقلين تباعاً خلال الأيام
المقبلة.
لم يشفع لفداء أنها ابنة الزعيم السوري الذي كان في عين بؤرة الحراك السياسي في
سورية في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، والذي لم تتسع
لرفاته ارض الوطن فدفن بعيداً عن مرتع صباه ونشأته ونضاله مدينة أبي الفداء (حماة)
التي كانت رأس الرمح في الثورة السورية ضد الفرنسيين.. أكرم الحوراني الذي كان في
مقدمة السوريين الذين هبوا لنجدة إخوانهم عرب فلسطين وسطر فيها أروع الملاحم
البطولية.. أكرم الحوراني الذي كان على الدوام صمام الأمان أمام كل المغامرات
العسكرية التي فجرت الانقلابات في سورية كابحاً جماحاتها وتغولها.. أكرم الحوراني
الذي قدم لحزب البعث شعبيته التي امتدت في طول البلاد السورية وعرضها ليجعل من حزب
البعث حزباً جماهيرياً بعد أن كان حزباً متواضعاً يضم حفنة من طلبة المدارس
والأساتذة في بعض أحياء دمشق، الذين كانوا أضعف من أن يدفعوا بنائب واحد عبر كل
الانتخابات النيابية التي خاضوها قبل اندماج حزبهم المغمور مع الحزب العربي
الاشتراكي الذي كان يتزعمه أكرم الحوراني عام 1952.. أكرم الحوراني الذي كان على
رأس من اندفعوا بقوة وعزيمة لقيام الوحدة السورية المصرية عام 1958.. أكرم الحوراني
الذي شغل مقعداً نيابياً دائماً في كل المجالس النيابية منذ الاستقلال، وكان رئيساً
له في فترة من الفترات، وكان له حقيبة شبه دائمة في كل الوزارات التي تعاقبت على
حكم البلاد، وتوجت مناصبه الرسمية باختيار عبد الناصر له ليكون نائباً لرئيس
الجمهورية في دولة الوحدة.
هناك وجهات نظر نختلف فيها مع الزعيم أكرم الحوراني وفكره، ولكن من المعيب علينا أن
لا نشهد لمزاياه وقيمته الوطنية والسياسية التي ملأت الساحة السياسية السورية
والعربية وقد خضنا معه العديد من التحالفات والمخاصمات التي لم تكن يوماً لتفسد ما
بيننا من أواصر المحبة والتقدير والاحترام.
كل هذه المكانة المرموقة للزعيم الوطني السوري أكرم الحوراني لم تشفع للناشطة في
مجال حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني الدكتورة فداء الحوراني، وهي ابنة هذا
الزعيم الذي لو كان في غير سورية البعث لأقيم له تمثال ووضع في أعز ساحات دمشق التي
تغص بنصب أصحاب الانكسارات والمستبدين.
أخيراً نرحب بزهرة الحرية فداء التي دخلت إلى السجن حرة وخرجت منه حرة وبقي أعداء
الحرية سجناء ذاتهم وهواجسهم!!