ليس المهم من هو رئيس الوزراء القادم

ولكن المهم من هم مستشاروه الذين يحيطون به!!

صباح البغدادي

إعلامي عراقي

مقدمة :

أن مفهومنا لتعريف الشخصية المثقفة الإنسانية والتي يطلق عليها صفة "المستشار" : بأنه ذلك الشخص الأكاديمي المتخصص المهني صاحب الكفاءة والنزاهة في مجال عمله أو تخصصه والسمعة الحسنة والخبرة المتراكمة والمقدرة الذاتية العالية في إبداء رأيه بموضوع معين ما , والذي يستعان به وبرأيه بصفة خاصة في موضوع من المواضيع العديدة والمتشعبة في كافة مجالات الحياة المختلفة سواء أكانت العامة أو الخاصة , وكذلك الذي يستعان به بصورة أكثر تحديدآ من قبل رجالات الدولة العليا ومنهم الرؤساء والوزراء في الشؤون أو المواضيع السياسية, الاقتصادية , الاجتماعية , والثقافية وحتى في المواضيع العسكرية والأمنية والأستخبارية . 

نجد أن في جميع دول العالم ومؤسساتها أو دوائرها الحكومية الرسمية وشبه الرسمية لا تكاد تخلو من الأشخاص " المستشارين " وهؤلاء بدورهم قد يكونون منضوين بصفة خاصة فردية أو كانوا بصفة هيئات استشارية أو مؤسسات متخصصة بحثية بمختلف المجالات والمهن , حيث نلاحظ هذا الأمر بوضوح أكثر في الدول الغربية المتقدمة التي تحترم نفسها وشعوبها, بحيث يعتمد أصحاب القرار السياسي أوالاقتصادي على تلك المؤسسات البحثية الاستشارية بصورة كبيرة جدآ بعد تقديمهم للمقترحات والمعايير الواجب إتباعها في قضية معينة, وتبدأ بعدها المداولات فيما بين فريق الحكم للوصول إلى أحسن وأفضل النتائج في صناعة وبلورة القرارات المصيرية المهمة التي تخص شعوبهم .

أن المناقشة العميقة التي تتناول مجمل الآراء والمقترحات والأبحاث في الشخصية العاملة في مجال العمل الاستشاري والعوامل المساعدة التي تتميز بها هذه الشخصية للوصول إلى الهدف الرئيسي المنشود من اجله في موضوع الاستشارة من قبل كافة الجهات , وحتى نجد أن الاستشارة تصل حتى إلى الأفراد العاديين في المجتمع عندما يحتاج شخص ما إلى مشورة أو استشارة خاصة من شخص خبير بموضوع معين يساعده على إكمال مهمته على أكمل وجه ودون أي معوقات قد تستجد له مستقبلآ وصولآ إلى صيغة معينة في تكامل لعمل ما .

في العراق اليوم فالكارثة والفاجعة والمأساة واضحة جدآ كوضوح الشمس في شهر تموز العراقي اللاهب , حيث نلاحظ بوضوح شديد جدآ على افتقار هؤلاء الذين يسمون أنفسهم ويطلق عليهم جزافآ صفة ( السياسيين ) أو (المستشارين) الجدد في ما يعرف بإعلامهم الأصفر بـ (عراقهم) (الديمقراطي) الجديد , إلى ابسط مقومات المسؤول الحكومي أو حتى الذي يتم إسناد له حقيبة وزارية أو أية مسؤولية مباشرة حتى على مستوى دائرة صغيرة .

فمعظم هؤلاء الذين نراهم اليوم في الحكم آذ لم نقل جميعهم , أتوا من خلفيات اجتماعية متدنية جدآ وكانوا يعيشون معظمهم على هامش الحياة وعلى كافة الأصعدة بدون أي إدراك أو وعي مستقبلي لديهم , فمنهم من عمل بمهن وضيعة جدآ , ومنهم من عمل بإعمال يحاسب عليها القانون كتزوير الوثائق والمستندات الرسمية وتهريب البضائع والعملة وحتى البشر , إضافة إلى تميزهم بعقليتهم الطائفية المريضة الاقصائية المنغلقة , وتفكيرهم الساذج الذي يتميزون به بكافة الأمور وتعليمهم المدرسي المتدني جدآ , بحيث نلاحظ اليوم أن ما يطلق عليهم بـ ( مستشارين ) رئيس وزراء في هذه الحكومة الحالية أو حتى قبلها من الحكومات المنصبة التي تعاقبت على الحكم بعد الغزو والاحتلال الأمريكي البغيض , معظمهم لديهم شهادات دراسية مزورة ,

أما عن أصحاب القرار اليوم في مثل هذه الحكومات فحدث ولا حرج فما زال معظمهم يؤمن بشدة بالعمل الحزبي المعارض ولا يستطيع الأنفكاك عنه , مع العلم أنهم يعتبرون مسؤولين على شعب بقومياته وديانته وميولهم السياسية والدينية والاجتماعية , فهؤلاء (السياسيون) الجدد يعتبرون أن العراق مجرد غنيمة لهم , وان كرسي الحكم والسلطة يجب أن لا ينتزع منهم تحت أي مسمى , ويعتبرون هذا من حصتهم في الغنيمة , بل نجد أن هناك (مستشارين) لا يجيدون حتى القراءة أو الكتابة ؟!!+! واغلبهم أصبح لديه شركات تجارية عائلية خاصة لغرض الربح المادي من وراء المنصب , حتى ما يسمى بـ ( المستشار الديني ) فهو رجل دين بسيط وساذج لا يفقه في أمور الدين إلا كتاب الله واسمه فقط . 

اطلعت على تقرير أرسل لي عبر البريد الالكتروني من قبل احد الزملاء الصحفيين يتضمن معلومات تم إصدارها من قبل السفارة الأمريكية ببغداد , ونشرته بعض وسائل الإعلام والصحف , يذكر في هذا التقرير أسماء لبعض ( المستشارين) في مكتب ( نوري المالكي) وبدوري شخصيا اتصلت بإحدى الشخصيات الدبلوماسية المرموقة لغرض الاستفسار منه حول صحة مثل هذا التقرير من عدمه , وما هو رأيه فيه باعتباره قريب من هؤلاء (السياسيين) أو ( المستشارين ) الجدد بحكم عمله الدبلوماسي ,

حيث أوضح لي مشكورآ رأيه وما لديه من معلومات يخص هذا الموضوع بقوله لنا :

" لم اسمع بهذا التقرير من قبل , واعتقد فيه قليل من المصداقية و بعض التناقض في فقراته والأسماء الواردة فيه ,على سبيل المثال وحسب ما اعرفه عن هؤلاء وغيرهم أن ( حيدر ألعبادي ) لديه علاقات جيدة جدأ مع هؤلاء وليس مع إيران , وهو بدوره يعتبر لهم مصدر معلومات مهم جدأ بحيث يطلق عليه لديهم في الأجهزة الأمنية والمسؤولين بالسفارة البريطانية بـ "القلم الذهبي" في المفهوم الانكليزي المتعارف عليه , ويقوم بعمل تقارير دورية مفصلة لهم عن أخر التطورات والقرارات التي سوف تصدرها الحكومة بأي موضوع معين ؟! , وليس هو وحده , فجميع الوزراء أو النواب أو المسؤولين اليوم في الحكم ممن يحملون الجنسية البريطانية أو الأمريكية أصبحت لهم ملفات خاصة لدى الأجهزة الأمنية بالسفارة ووزارة الخارجية , وهذا ما أوضحته لكم في مقابلة سابقة (*) " . 

ثم تضيف لنا الشخصية الدبلوماسية :

" الأهم في هذا التقرير (**) بخصوص ما ورد في الفقرة الثانية ( احمد السعداوي ) , فأني أعتبرها صحيحة بالمطلق , بل وأؤكد عليها حسب ما اعرفه عنه وعن تعاملاته المشبوهة مع الشركات التجارية أو النفطية الصينية , حيث يعتبر إخطبوط في الاستحواذ على معظم العمولات التي تختص بعمل هذه الشركات الصينية وهو محمي بصورة شخصية وأكثر من جيدة من قبل (نوري المالكي) لان قيمة العمولات المادية والامتيازات والمنافع المتنوعة التي يحصل عليها تقسم فيما بينهم وبين ( مستشارين ) مكتبه لذا لا تستطيع أي جهة رقابية أو قضائية الوصول أليه أو محاسبته أو حتى فتح تحقيق بسيط بحقه وحسب ما عرفت مؤخرآ أنه لديه عدد من العقارات في دولة الإمارات العربية المتحدة  .

أما عن بقية (المستشارين) فهم جمعهم مقربين بصورة أو بأخرى من السفارة البريطانية أو الأمريكية , ومنهم من يحاول إدامة علاقاته مع إيران أو حتى يعمل بمبدأ التقية لكي لا يتم فتح ملف فساده والأموال التي هربها خلال السنوات الماضية وشرائهم للعقارات والأسهم والسندات وتأسيسهم للشركات التجارية

ثم أضاف لنا :

" أنا شخصيأ سالت احد السفراء لدولة غربية مهمة في عشاء عمل بفترة سابقة عن من يرغبون بان يكون رئيس الوزراء القادم وأفضل لهم بالتعامل معه , وكان رد السفير على سؤالي بعبارة " ليس المهم بالنسبة لنا من يكون رئيس الوزراء القادم , المهم من هم مستشاريه الذين يحيطون به ويسمع رأيهم وينصاع لهم بحيث نستطيع أن نعرف بسهولة ماذا يجري حتى في جلساتهم السرية الخاصة وحتى في أحاديثهم الشخصية مع أفراد عوائلهم ". 

في الدول المتقدمة التي تحترم شعوبها نلاحظ مسالة غاية في الأهمية حيث تكاد تنعدم فيها مسألة تعيين الأشخاص "المستشارين" في مواقعهم المهمة , وفق المحسوبية العائلية أو الحزبية أو العلاقات الشخصية الضيقة ذات المصالحة النفعية الفاسدة , أما في البلاد العربية نجد أن أهم شيء يتميز به الشخص (المستشار) هو وجود درجة قرابة من نوع ما سواء أكانت عائلية أو شخصية أو معرفة سابقة برجالات الحكم أو الدولة والقريبين منهم حيث يتم تعينه على هذا الأساس بمنصبه المهم , ومن النادر ما تجد أن شخصية "المستشار" أتت من خلفية أكاديمية  بفضل مواهب عديدة يحملها في مجال تخصصه دون النظر إلى مسالة الواسطة والتزكيات الشخصية أو الحزبية عديمة الفائدة

(*) لمزيد من التوضيح والمتابعة حول هذا الموضوع : راجع مقالنا بتاريخ الثلاثاء 16 شباط 2010 والمعنون : " مسؤول في السفارة البريطانية ببغداد يتدخل شخصيآ لفض نقاش حاد حول تحويل أموال من الأرصدة البنكية لحزب الدعوة ( الإسلامية ) بالعاصمة لندن لقائمة التغير ( كوران ــ الكردستانية ) " .

(**) جاء في نص الوثيقة التي نشرتها وسائل الإعلام الالكترونية ما يلي :

وكالات الأنباء التكتيكية 17 كانون الأول 2009

العراق : السفارة الأميركية ، المالكي ومستشاروه :

  1 : طارق النجم : فساد مالي ، علاقات مع شركات نفطية عالمية ، وإرسال تقارير غير دقيقة في دورة المزادات الثانية لعقود خدمات النفط إلى الشركات النفطية الأميركية .

 2 : أحمد السعداوي : علاقات قوية مع الشركات الصينية ، والسمسرة لصالح شركة النفط الوطنية الصينية .

3 : صادق الركابي : تسريب المعلومات إلى مقاولين عسكريين فرنسيين وإيطاليين .

3 : حيدر العبادي : علاقات مع جهاز المخابرات الإيراني ، ومعارضة النفوذ النفطي الأميركي في العراق .

       لوحظ أن الطلب الأميركي ، لم يذكر وزير النفط السابق ثامر الغضبّان الذي يعمل رئيس مستشارين في مكتب المالكي ، أو المدير العام السابق لشركة نفط الجنوب عبد الجبار لعيبي الذي يعمل مستشارآ للشؤون النفطية.