دماء المواطنين .. وحكومة الكوارث
دماء المواطنين .. وحكومة الكوارث
حافظ جبريل
لأول وهلة لمن يتابع الأحداث خلال الأيام الماضية يستوقفه هذا السيل الجارف من دماء المواطنين فى بلدنا مصر والتى غالبا ما تفوق دماء الشهداء على أرض فلسطين وهذه لقطة جديدة مع إحدى حكومات الكوارث التى ابتلي بها هذا الشعب المسكين الذى يتعرض للموت بكل الأشكال ... فمن لم يمت فى نهر النيل بالمنيا مات تحت الأنقاض فى عمارة الاسكندرية أو أصيب فى حادث مترو الأنفاق بحلوان وهذا فضلا عن الذين ذهبوا لقمة سهلة للأسماك فى البحر المتوسط قرابة السواحل الأوربية هروبا من القهر الاجتماعي وتبدد الآمال فى حياة كريمة على أرض الكنانة ، بالإضافة إلى النزيف المتكرر على الطرق ومصر تحتل مرتبة متقدمة جدا فى حوادث الطرق على عكس الترتيب المعهود لمصر من صفر الجامعات وصفر المونديال، وأخيرا استحدثت فى مصر طريقة جديدة لموت المواطنين بدون أية مقدمات على أيدى رجال الشرطة وما مقتل مواطن مدينة الصالحية بالأمس القريب على يد ضابط الشرطة منا ببعيد....
إذن نحن إزاء كارثة حقيقية يتعرض لها المواطن المطحون والذى لا يستطيع أصلا الحصول على لقمة العيش بسهولة فإذا به يصطدم بالموت فى كل ميدان برا وبحرا وداخل بيته . ألم يرفع الحزب الوطنى شعارات مدوية امتلأت بها الشوارع والميادين وشاشات التلفاز متشدقا بقيمة المواطن وأنه الشغل الشاغل للحزب ورجاله وأن الحزب الميمون سيبذل قصارى جهده لإسعاد المواطنين وجعلهم يعيشون حياة كريمة من الحصول على سكن مريح ودخل محترم وتمتعه بالخدمات المتميزة مثل التعليم والصحة والوظيفة والدخل المتاح وأن المواطن يحتل المرتبة الأولى فى أجندة الحزب ومصر تتقدم بنا (بينا) ...وهكذا تحققت وعود الحزب الوطنى والحكومة التى لا تنام وتسهر على خدمة المواطن ولقد نجحت فى أن هيأت للمواطن طريقة سهلة للموت حتى يستريح من ضغط الحياة وغلاء الأسعار وعدم العدالة الاجتماعية والبطالة فإما أن تأكله الأسماك فى قلب البحر وإما ان يغرق فى النيل وقد يموت وهو جالس فى بيته الذى من المفترض أن يكون محل الشعور بالأمان والطمأنينة وربما نال شرف الاستشهاد على يد رجال الشرطة البواسل ...
هذه المآسي فى الحقيقة تحمل دلالات مخيفة عن تعمد الحكومة إهدار وقتل المواطنين بغير مبالاه وذلك كالتالى :-
أولا:أين الذين يتشدقون ببرنامج الرئيس وكلما تحدث أحدهم قال : كل هذه الجهود تأتى فى إطار تنفيذ برنامج الرئيس للنهوض بمستوى المواطن ولا سيما محدودى الدخل (طبعا النهوض واضح جدا)،أظن انه لا يوجد برنامج من الأصل وأن هذه التصريحات المتكررة ما هى إلا للاستهلاك المحلى لتسكين الرأى العام.
ثانيا:هذا يعنى أن الحكومة بكل وزرائها لا يهتمون أصلا بالمواطن المطحون وليست عندهم آليات واضحة لعلاج الخلل المستشرى فى كل المجالات, وكلهم مشغولون بمصالحهم الشخصية وتأمين مشاريعهم على حساب قوت هذا الشعب .
ثالثا: لو كنا فى بلد محترمة تقدر المواطنين لسمعنا عن استقالة وزير أو مسئول بعد حدوث أية كارثة ولكن فى بلدنا يحدث العكس فنفاجأ بسيادة الوزير أو المسئول يخرج علينا بكل جرأة ويتحدث للإعلام وكأن شيئا لم يحدث ،بل ويقول لنا : إن سيادة الرئيس بنفسه يتابع الأمر عن كثب ...فأين كان سيادة الرئيس قبل وقوع الكارثة وفى نهاية الموضوع نصدم جميعا بأن المسئول عن الكارثة هو موظف فى الحى أو سائق المترو والسادة الوزراء بريئين تماما ...
رابعا: إنذار خطر ينبعث من جهاز الشرطة سيؤدى إلى انفجار داخل المواطنين طالما استمتع بعض ضباط الشرطة بقتل المواطنين وكأنه يؤدى عملا بطوليا ولا يعبأ بأى عقاب أو مساءلة.
حتى متى ستظل هذه الدماء تسيل؟!
حتى متى ستظل هذه البحور تجرى دون توقف؟!
حتى متى ستظل الحكومة تتجاهل شعب هذا الوطن؟
حتى متى سنظل عبيد فى اوطاننا؟
حتى متى؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!