التهديدات الإسرائيلية
وما ينتظر من السوريين الرد عليها!!
محمد فاروق الإمام
يوم الأربعاء 14 نيسان الحالي خرج علينا رئيس الدولة العبرية شيمون بيريز بتصريحات اتهم خلالها سورية بتزويد حزب الله اللبناني بصواريخ سكود متطورة جدا وتتجاوز المدى الذي وصلت إليه الصواريخ التي استخدمها الحزب في حرب تموز 2006.
وأضاف بيريز في تصريحات لإذاعة الدولة العبرية قبل زيارة مقررة لفرنسا أن سورية تدعي أنها تريد السلام ولكنها في ذات الوقت تقوم بتزويد حزب الله بصواريخ سكود بهدف وحيد هو تهديد إسرائيل، وحذر دمشق قائلا : (سورية تعتقد أن ليس لديها ما تفعله سوى ترك العالم يجاملها عبر ممارسة اللغة المزدوجة القائمة على قول شيء وفعل عكسه، كل ذلك لن ينجح).
وما أن انتهى بيريز من تصريحاته إلا وعنونت صحيفة (معاريف) الصهيونية على صفحتها الأولى (إسرائيل تهدد بمهاجمة سورية إثر تزويد حزب الله بصواريخ سكود قادرة على بلوغ كل الأراضي الإسرائيلية عمليا) ونقلت عن قيادات عسكرية إسرائيلية القول في هذا الصدد إن حصول حزب الله على هذا النوع من الصواريخ سيفسر في تل أبيب على أنه محاولة لتغيير ميزان القوى بين إسرائيل وحزب الله، الأمر الذي سيدفعها إلى شن حرب استباقية على لبنان وسورية.
وفي السياق ذاته ، ذكرت صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية أن شيمون بيريز اتهم سورية بتزويد حزب الله اللبناني بصواريخ سكود، موضحة أن مسؤولين إسرائيليين هددوا صراحة بضرب أهداف في لبنان وسورية في حال وجود (براهين) بأن هذه الصواريخ انتقلت فعليا إلى الأراضي اللبنانية وأصبحت تحت سيطرة حزب الله.
هذه التهديدات الصادرة عن تل أبيب بضرب أهداف في لبنان وسورية غير بعيدة عن مخططات حكومة نتنياهو الهادفة للتغطية على تسارع وتيرة الاستيطان في القدس وقرار إبعاد آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية، هذا بالإضافة للتطورات الإقليمية وعلى رأسها عودة الاستقرار إلى لبنان وانتهاء القطيعة بين دمشق وواشنطن، بعد أن عين الرئيس الأمريكي أوباما روبرت فورد سفيراً جديدا لدى دمشق وهذا جعل الدولة العبرية تشعر بالقلق تجاه تحسن العلاقات بين سورية وأمريكا ولذا سارعت لإثارة موضوع تزويد حزب الله بالأسلحة مجددا لعرقلة هذا التقارب .
وهناك أمر آخر هام وهو أن إسرائيل ما كانت لتفوت فرصة قمة الأمن النووي التي عقدت بواشنطن في 13 نيسان الحالي وصاحبها تهديدات قوية لإيران بعقوبات رادعة لممارسة مزيد من الضغوط على إدارة أوباما للإسراع بفرض تلك العقوبات التي يتوقع أن تشل قدرة الاقتصاد الإيراني تماما، بالإضافة إلى هدف آخر لا يقل أهمية وهو الإجهاض السريع لأية دعوات دولية لإخضاع منشآتها النووية للرقابة الدولية بعد أن أثارت مصر وتركيا صراحة قضية (نووي) إسرائيل في القمة.
أيضاً فإن نية روسيا إقامة قاعدة عسكرية دائمة في سورية، وأن هذه القاعدة – بحسب ما جاء عن مسؤول في وزارة الدفاع الروسية - محمية بنظام دفاعي روسي مضاد للطائرات من طراز اس-300 بي ومو-2 فافوريت، الذي من شأنه أن يحمي قسماً كبيراً من الأراضي السورية ويساعد دمشق في جمع معلومات إستخباراتية كثيرة عن الدولة العبرية. الأمر الذي أثار حفيظة تل أبيب لهذه التطورات الجديدة التي تهدد كيان الدولة العبرية، وهي التي لم تتعود تحمل وجود أي نوع من الأسلحة قد تمتلكه أي دولة عربية يكون قادراً على التصدي لأي عدوان صهيوني محتمل.
التهديدات الصهيونية يجب أن تأخذها دمشق على محمل الجد وتتعامل معها وكأنها ستقع في أية لحظة، والتعامل مع هذه التهديدات لا يجدي معها تهديدات مماثلة عبر وسائل الإعلام يقوم بها بعض المسؤولين، فتهديدات الدولة العبرية تمس كل مواطن سوري وتستهدفه، سواء كان في الحكم أو المعارضة أو لا من هؤلاء ولا هؤلاء، ومن هنا فإن من حق أي مواطن سوري أن تتاح له فرصة المشاركة في قرار الحرب والسلم مع هذه الدويلة المارقة التي تهدد السلم والأمن في المنطقة والعالم.
وإذا ما ظن أهل الحكم في دمشق أن إضافة نوع جديد من السلاح إلى ترسانة الأسلحة التي يملكها الجيش السوري كفيلة بردع الدولة العبرية والتصدي لعدوان محتمل قد تشنه على سورية فهذا وهم وغفلة، فالدولة العبرية تمتلك من الأسلحة المتطورة والحديثة والفتاكة الشيء الكثير بفضل ما تزوده بها الترسانة الأمريكية من أسلحة متطورة لم تخرج من الأراضي الأمريكية إلا إلى الدولة العبرية، وقد جربت سورية والعرب حظها مع هذه الدولة في حروب تقليدية، كانت كارثية على سورية والعرب ولا نزال ندفع ثمن تلك الحروب.
وقد تأكد للجميع أن الحرب التي يمكن أن تردع الدولة العبرية وتوقفها عند حدها هي حرب العصابات والمقاومة الشعبية والعمليات الفدائية، وهناك تجربتين ناجحتين تجربة المقاومة اللبنانية التي تمكنت من تحرير جنوب لبنان وهزيمة الصهاينة، وأيضاً المقاومة الفلسطينية في غزة وتحريرها أيضاً من الصهاينة، والصمود الأسطوري في العدوان الهمجي الغاشم على غزة عام (2008-2009)، وليست جبهة الجولان إذا ما فتحت أمام المقاومة الوطنية السورية بأقل حظاً من النجاح مما حصل في جنوب لبنان وغزة، وهذا ما تخشاه الدولة العبرية حقيقة.
من هنا فإننا نطالب أهل الحكم في دمشق أن يتوجهوا إلى الداخل السوري لإعداده لمواجهة أي عدوان صهيوني محتمل، ويفتحوا صفحة جديدة مع كل شرائح المجتمع السوري ونسيجه وألوانه العرقية والدينية والسياسية والمذهبية، ويؤسسوا لوحدة وطنية حقيقة تجمع الكل بلا إقصاء أو نفي أو إبعاد أو استثناء، فالكل مستهدفون ولن يكون أحد في منأى من أن يطاله العدوان.
وكبادرة حسن نية من أهل الحكم في دمشق وعزمهم حقيقة على التصدي لأي عدوان صهيوني محتمل، عليهم فتح أبواب السجون والمعتقلات أمام معتقلي الرأي ليتنسموا الحرية، وإلغاء القوانين الاستثنائية التي تشل حركة المواطنين وتقوس ظهورهم وتحني قاماتهم وتحكم على انتماءاتهم المسبقة كالقانون (49)، وفتح أبواب الوطن لاستقبال آلاف المهجرين والمبعدين ليشاركوا في تمتين الجبهة الوطنية الداخلية التي هي سياج الوطن الحقيقي، ليأخذ كل منا نصيبه وموقعه في الدفاع عن الوطن والذود عن حياضه.