وجهة نظر إسلامي في القضية الكردية التركية

وجهة نظر إسلامي في القضية الكردية التركية

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

( لاشك كُلنا يُدرك مدى العلاقة الحميمية الطويلة مابين الأتراك والأكراد  والعرب ، والتي لايمكن لأحدنا أن ينكرها ، كونهم في معظمهم مسلمين وتربطهم  علاقات مصيرية مع بعضهم البعض ومع الأخرين ، طوال مشوارهم الذي سلكوه في بناء  الدولة والدفاع عن حياض الأوطان ، ولم يكن يشعر أحدهم بالجور أو الظلم من الآخر  ، إلا في منتصف القرن التاسع عشر ، عندما وصل الى سدة القرار مجموعات قومية  مُتعصبة مدعومة من الغرب الذي كانت أعينه على منطقة الشرق الأوسط ،فهُمشت سلطة  الخلافة منذ ذلك التاريخ ، واعتلى المناصب القوميون اليمنيون الترك ، الذين  عملوا على سياسة التتريك الإجباري ، فأساءوا للناس وللأتراك عندما فرضوا عليهم  حتى الأذان بالتركي وأساءوا لكل القوميات الأخرى والأعراق ، ومنذ ذلك التاريخ  صارت القلوب تتنافر ، وصار ينموا التيّار القومي لكل عرق ويشتد لبني جنسه،  وذهبت البلدان الى الإنكماش ، وصارت معاهدة سايكس بيكو واقعاً على الأرض ،  فتشتت الأكراد الذين كانت معقودةٌ عليهم الأمال معقودة في الإستنهاض بالواقع  الإسلامي الذ تردّى ، وتمزقت البلدان ، وحلّ الإستعمار ، الذي عزّز هذه  الإنقسامات ، وأجواء البغضاء والشحناء بين الشعوب والقبائل ليسود ، وعندما رحل  ظلّ الحال على ماهو عليه ، لتُسام الشعوب التي وقعت تحت حكم العسكر سوء العذاب) 

والأن وبعد مضي مايقارب عن القرن من الزمان ، هاهي أسنّة الرماح بدأت تلمع من  جديد ، وقعقعة السلاح وصوت الرصاص ورائحة البارود صارت تُزكم الأنوف وتنتشر  مابين الأخوة الأشقاء ، بعدما طحنت الحرب من قريب الكثير الكثير  ، فأحرقت  الأخضر واليابس في المنطقة ولم يُعتبر من تبعاتها ، ولازال البعض يدعم قرار  الحرب والتحدّي عن غير وعي لأخطار الحروب وعدد الضحايا، وأثرها على التنمية  والنمو ، في قراءة غير واعية ، "من أنهم لو فعلوا فسيعلموا" وهم جالسون ومتكئون  على الأرائك ، والضحية هي الشعوب المغلوب على أمرها  نعم أثمان الحروب باهظة ، دماء وعويل وألام وأحقاد ، وجروحات غائرة تعمل على  فناء الجسد وهُزاله ، ماعدا التبعات الإقتصادية التي تُحطّم كلّ أمل في  المستقبل، وهناك على الجانب الآخر شيطانٌ يُشعل فتيل الحرب ويدعم قيامها وبكل  وقاحة، وجاء خصيصاً ليؤيد استباحة الدم الكردي بعدما استباحة هو في أحداث  الشمال السوري في القامشلي والحسكة وعين العرب وعفرين ، وبعدما قهر الأكراد  عندما عاملهم كمنبوذين، وسحب حق مواطنتهم بسحب جنسياتهم واغتصاب أراضيهم  ،وبعدما سحق إرادة شعبنا السوري وحطّم أمال الشعب اللبناني ، وزرع الموت في كل  بيت عراقي عبر سيارات الموت.واليوم يُمعن في قتل أكراد سورية وإذلالهم في كرةٍ  أُخرى لمجرد استنكارهم السلمي للتنديد  بأيّ هجوم تركي قد يحصل على بني جلدتهم  وعمومتهم  هذا هو النظام السوري الغاشم الذي لايستطيع أن يعيش إلا على الدماء الطاهرة  الذكيّة ، إنه الشيطان الأكبر الذي يُزّكي الفتن ، ويعمل على زرع الموت في كل  مكان ، فليس علينا جميعاً إلا أن نعرف عدونا لنتوجه اليه دون سواه ، الذي باع  بالأمس أُوجلان وحزبه ، واليوم ساوم على دماء الأكراد جميعهم مع الأتراك من أجل  استمرار بقائه على كرسي السلطة ، لإعادة تسويقه اسرائيلياً وغربياً وامريكياً  وإلا لمصلحة من تُراق الدماء المُسلمة على أيّ ساحة من ساحات المنطقة ، ومن  سيكون المُستفيد منها ، لاسيما وقد وصل الى سدّة الحكم في تركيا اسلاميون  متنورون يؤمنون بحق الشعوب وحق التعايش ، وما وصلوا لهذا لولا دعم الأكراد  أنفسهم، في عملية إقصائية للعسكر تحتاج الى المزيد من العناية والرعاية  والإحكام لإكمال مشوار التخلص من سلطة العسكر، ومازالت أياديهم مُقيدة عن  الكثير من الأمور حتى في التي تخصهم كقضية الحجاب، وهم يُكافحون لنيل مطالبهم  بقوة الإحراج وتأييد الشارع لهم ، ويحتاجون الأكراد ووقوفهم الى جانبهم ،  لمشاركتهم في  الثورة السلمية على الطغيان ، بعيداً عن الشعارات الشوفونية  والإقصائية والتي تحمل في طيّاتها حالة مُرهبة تمنع استخدام العقل لتنساق وراء  العواطف التي لاتغني ولا تُسمن من جوع ، وليعقدوا مع ممثلي الشعب الإتفاقيات  لنماء شعبهم وتطوره ونيل حقوقهم المشروعة في المساواة بالمواطنة والتعلم وكافة  الحقوق المدنية ، كحرية تعلمهم بلغتهم وفتحهم المدارس والهيئات التي تُعنى  بشؤونهم وغير ذلك ، لا أن يصلوا معهم الى الصدام لعودة سلطة العسكر للقضاء على  كل مُنجز ديمقراطي تطمح الشعوب من وراءه لنيل حقوقها كاملة دون نقصان  فعلى الأكراد أن يدخلوا باللعبة السياسية في تركيا ، وخاصة وأنها صارت مُتاحة  للجميع ، ولاسيمّا وأن اعدادهم كثيرة تؤهلهم للضغط على هذا الجانب أو ذاك  لتحقيق مطالبهم سلمياً ، ويكونون الكفّة الراجحة التي تنعكس ايجاباً على وضعهم  وحياتهم ووجودهم وعلى مواطني تركيا جميعاً، ويحققون مطالبهم التي عجزوا عن  تحقيقها بالحرب فيأخذونها في السلم حقناً للدماء وسلامة للجميع.